عادت ثمانية أوانٍ زجاجية أثرية تهشّمت بفعل انفجار مرفأ بيروت إلى سابق عهدها بعد عمليّة ترميم دقيقة أجريت لها في "المتحف البريطاني" (British Museum) في لندن حيث ستُعرَض.
"إنّها قصة شبه دمار وترميم وصمود وتعاون"، يقول مدير المتحف هارتويغ فيشر، مضيفاً: "بعد عامين من انفجار بيروت، يسعدنا أن نعرض هذه الأوعية الزجاجية القديمة"، التي تعود لاحقاً إلى لبنان قبل نهاية السنة الجارية.
وكانت هذه القطع معروضة داخل خزانة في المتحف الأثريّ التابع للجامعة الأميركية في بيروت لدى وقوع الفاجعة في المرفأ الواقع على بعد نحو ثلاثة كيلومترات. وأدّى عصف الانفجار إلى سقوط الخزانة.
ومن الأواني الزجاجية الـ74 التي كانت فيها، بقيت اثنتان فحسب سليمتَين. وتمكّن الخبراء من ترميم 26 قطعة من بينها الأواني الثمانية المعروضة. ويأمل الخبراء في أن يتمكّنوا قريباً من أن يرمّموا على الأقلّ نصف القطع الست والأربعين المتبقية.
بدأ التعاون على هذا المشروع بين "بريتيش ميوزيوم" والجامعة الأميركية في بيروت عام 2021. واتّسم العمل بصعوبة ودقّة كبيرتَين، إذ استلزم فرز كلّ قطع الزجاج الصغيرة لمعرفة ما إذا كانت تعود إلى الأواني المهشّمة أو إلى واجهة الخزانة التي كانت معروضة فيها.
وأوضحت أمينة المتحف البريطاني دويغو شاموركو أوغلو أنّ الفرز كان "يدوياً وبالعين المجرّدة" وقارن خلاله الخبراء بين قطع الحطام الزجاجي والشكل الأصلي للأواني. وبعد هذه المرحلة، بدأت إعادة تكوين الأواني بواسطة مادة لاصقة. وأشارت شاموركو أوغلو إلى أنّ الخبراء واجهوا أكبر قدر من الصعوبة في ترميم "الطبق الكبير والدورق البيزنطي".
واتّفق القيّمون على ضرورة إعادة الأواني إلى شكلها الأصلي، لكنّهم قرروا عدم إزالة التشققات والعيوب في القطع المرمّمة، لكي تكون شاهدة على مأساة 4 آب.
وسيوضح المعرض في المتحف المراحل التي مرّت بها القطع، من تدميرها حتى وضعها في خزائن العرض.
في الإطار، رأت أمينة المتحف الأثري في الجامعة الأميركية في بيروت نادين بانايوت أنّ "ترميم هذه الأواني بصبر انطلاقاً من قطع صغيرة جداً أتاح التعرّف على قيمتها التاريخية"، مشدّدة على أنّ ما وصفته بـ"عملية الشفاء" ألهمها "الأمل بمستقبل أفضل".
وترتدي هذه القطع التي تعود إلى العصرين البيزنطي والإسلامي أهمية كبيرة في التعريف بكيفية تطور تقنية نفخ الزجاج في لبنان والشرق الأوسط.
(أ ف ب)