توجّه الفكاهية هانا غادسبي في برنامجها "نانيت" عبر نتفليكس نقداً لاذعاً لبيكاسو مبديةً "كرهاً" لمَن يمثّل بنظرها رمزاً للهيمنة الذكورية... أما في متحف بروكلين في نيويورك، فيرمي معرض عن معلّم التكعيبية يحمل بصماتها إلى إبراز النساء وإنصاف مَن لم يحظين بمجد الفنان الإسباني.
ويشكّل It's Pablo-matic: Picasso According to Hannah Gadsby"بيكاسو وفق هانا غادسبي" الذي يقام بين الثاني من حزيران الجاري والرابع والعشرين من أيلول 2023، أحد المعارض المنتظرة في إطار احتفالات كثيرة تحت راية فرنسا وإسبانيا لمناسبة ذكرى مرور خمسين عاماً على وفاة الرسام الشهير صاحب لوحة "غرنيكا" (1937).
ويبقى بابلو بيكاسو (1881-1973) من أكثر الفنانين المؤثرين على صعيد الفن المعاصر. لكن في خضم حركة "مي تو"، لُطخت صورة هذا الرسام الغزير الإنتاج باتهامات صوّرته على أنه رجل متسلط، ذو ميل إلى العنف أحياناً، مع النساء اللاتي تشارك معهن حياته واستلهم منهنّ في أعماله.
لكن هل يمكن الفصل بالكامل بين الإنسان والفنان؟ ترفض الفكاهية الأسترالية هانا غادسبي هذه الفكرة في التعليقات المكتوبة والصوتية التي ترافق الأعمال المعروضة في متحف بروكلين، حيث ترصد في الأعمال أو الرسوم المعروضة مؤشرات إلى تمييز ضد النساء، بما في ذلك تجسيد بيكاسو لشكل عضو ذكري في لوحة "النحات" (1931)، ما يؤشر برأيها إلى أن بيكاسو "لم يكن قادراً على فصل نفسه عن فنه في أعماله".
لكن كاثرين موريس، وهي كبيرة المفوضين في مركز الفنون النسوية في المتحف والمفوضة الشريكة في هذا المعرض المخصص لبيكاسو، تقدّم قراءة أقل تشدداً.
وقالت موريس لوكالة فرانس برس خلال عرض صحافي للمعرض لم تحضره هانا غاسبي، "انتم أمام وضع معقد ودقيق حقاً لفنان لا يمكن المجادلة بعبقريته، لكنه أيضاً إنسان بعيد كل البعد عن الكمال".
"الإعجاب والغضب يمكن أن يتعايشا"... عبارة وردت في مقدمة عن المعرض الذي يقام بالتعاون مع متحف بيكاسو الوطني في باريس ويتيح للزائرين التعرف مجدداً على أعمال الرسام الشهير من منظور نسوي.
وتؤكد ليزا سمول، كبيرة أمناء الفن الأوروبي في متحف بروكلين، أن الفنانات اللاتي عاصرن بيكاسو "لم يحظين بالدعم أو القدرة نفسها على الوصول إلى الهياكل المؤسسية التي ساهمت في بروز "عبقرية" بيكاسو".
ويمكن للزائر التوقف عند رسوم تمثّل أجساماً عارية من ثلاثينات القرن الماضي بريشة الأميركية لويز نيفلسون (1899-1988)، وهي أعمال "كانت ثورية للغاية في ذلك الوقت لأنه كان من الصعب جداً قبول النساء في حصص تعليم الرسم"، وفق ما تشرح كاثرين موريس.
كما تُعرض شخصيات من الحركة الفنية النسوية الأميركية، والتي يحتل متحف بروكلين الصدارة فيها، مثل الأميركية السوداء فيث رينغولد أو "غوريلا غيرلز".
هذه الحركة التي تجسدت في مقال لمؤرخة الفن الأميركية ليندا نوشلن بعنوان: "لماذا لم تكن هناك فنانات عظيمات" (1971)، انطلقت في السبعينات من القرن الماضي، خلال العقد الذي شهد وفاة بيكاسو.
بعد مرور خمسين عاماً على وفاته، تقول كاثرين موريس: "هناك أعمال رائعة لبيكاسو في هذا المعرض ما زلت أحبها".
وتضيف، "يؤسفني أن بيكاسو كان إلى حد كبير الفنان المعاصر الوحيد الذي تعلمته. هناك تاريخ أكثر ثراءً لاستكشافه ويمكن أن يكون جزءاً منه".