النهار

غي مانوكيان: جرعة دعم
الفنان غي مانوكيان خلال الحفل الذي قدّمه على مسرح كازينو لبنان.
A+   A-
غ. ح.
 
في حفلين قدمهما على مسرح كازينو لبنان، أمكن للفنان غي مانوكيان، أن يحرّك الجمهور، وأن يحدث موجاً في القاعة الممتلئة فرحاً وحباً.
 
يدرك مانوكيان أنه لم يعد عازفاً فحسب، بل تحوّل فناناً، يعتمد نجاحه على عناصر عدة، أولها أنه يعزف مقطوعات من فنانين معروفين لبنانيين وعرباً، وبنسبة اقل من الموسيقى العالمية، وغالبها كلاسيكي، لا تجذب جمهوراً واسعاً في لبنان. وهو بذلك إنما يحيي ذكرى فنانين كبار مثل زكي ناصيف ووديع الصافي والرحابنة ما يفرح قلوب كثيرين ويجعلهم اكثر تجاوبا وتفاعلا مع الفنان.
 
 
وثاني العناصر أن الحفل لا يقتصر على العزف، وإنما يتضمن غناء مع كورال جيد الإنشاد، عذب الأصوات، وهذا ما يضمن مشاركة الحضور وإضفاء فرح على فرحهم.
 
ثالث الأسباب هو حركة مانوكيان، وان كانت صارت معروفة ومتوقعة، من مثل عزفه واقفاً، وخلع سترته، الا أنها لا تزال محببة لدى جمهور يشعر أن الفنان يتفاعل معه، ولو كان العمل غير عفوي.
 
رابعاً، لقد سرني ما قاله مانوكيان في لبنانيته، زمن تأزم الهوية اللبنانية، قال إنه لبناني من أصل أرمني، لكنه فخور بلبنانيته وبانتمائه الى شعب أرمني عرف معنى التهجير، يقدر قيمة لبنان الوطن كثيراً. ولعل هذه "الرسالة اللبنانية" تساوي قيمة الحفل كله، إذ أن اللبنانيين باتوا يهجرون البلد ولو نفسيا، ويحتاجون من وقت الى آخر، لدعم معنوي لانتمائهم المواطني.
 
 
كان مانوكيان قريباً من الناس، واختار أغنياته بعناية، مدركاً أنها تناسب أعمار الحضور، وهي الأغنيات التي تربوا عليها، أو حفظوها، وهي تذكرهم بماضٍ جميل ربما يحلمون بالعودة إليه، ولو لساعة ونصف الساعة، هي مدة الحفل.
 
الشكر لغي مانوكيان، على جرعة الدعم التي وفرتها حفلته، بعيداً من قرقعة الصحون، وملء البطون. يحتاج الإنسان أحياناً الى الموسيقى والموسيقى فقط، ليوفر لنفسه علاجاً وسط كل الضجيج المحيط.
 
 
 
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium