النهار

"وعيتي" لزياد مروان النجار: مسرحية لنبذ الوحدة والاستسلام والتجاوب مع إيجابية الحياة (صور)
روزيت فاضل
المصدر: "النهار"
"وعيتي" لزياد مروان النجار: مسرحية لنبذ الوحدة والاستسلام والتجاوب مع إيجابية الحياة (صور)
مشهد من المسرحية.
A+   A-
بعد انتهاء العرض الأخير لمسرحية "وعيتي؟" لزياد مروان النجار، أثنى الممثل بديع أبو شقرا خلال النقاش، الذي تلا العرض مع النجار وجمهوره، على الدالّ والمدلول في إبراز الصوت الرخيم عند النجار  والمتفاعل بشكل ثابت جداً مع دوره في المجموعة الميلودرامية في العمل نفسه. 
 
جمعنا النجار في أول عمل له - هو من كتابته وتمثيله وإخراجه - على مسرح "غومو - آرت لاب" في المنصورية. 
 
 
عكست المسرحية الكوميدية مونولوغاً من بطولة النجار لشخصيات أربع من واقع الحياة في محاولة لنقل رسائل عدة إلى الأجيال الشابة تدعوهم إلى التمسك بالإيجابية في مسار حياتهم ومناهضة أي طاقة سلبية ينتجها كل من محيطهم أو الأزمات المتراكمة في البلد، لأن النجار على يقين تام من أن المنحى الإيجابي يقلّص من فرص تراكم السلبيات في حياة الإنسان وضياع عمره في الانزلاق فيها. 
 
هذا المبدأ، الذي دافع عنه في سياق مسرحيته، قد يكون مثار أخذ ورد بين بعض الحضور الذين  عبّروا عن عجزهم عن تبني هذا الخيار، لأنهم لا يمكن أن يعيشوا بمنأى عن الحوادث المتراكمة في أزمات لبنان، ما يجعل فرص العيش بإيجابية لديهم  محدودة، ولاسيما إذا ما قارنّاها مع معتنقي النمط الإيجابي في حياتهم. 
 
ينزلق النجار في الشخصيات الأربع في عمل مدته 50 دقيقة يمزج فيه بين التشاؤم والتفاؤل الذي عبر عنه في أدواره المختلفة، لشخصيات يتخيلها من قصص مستمدة من الواقع ويجسدها منفرداً، متنقلاً من واحدة إلى أخرى بمهارة.
 
 
في التفاصيل، بدأت المسرحية بعرض لزياد النجار في دور سيدة عجوز تعاني من صعاب في التنقل داخل غرفتها بسبب تقدم سنها. فعكس في هذه الشخصية نموذجاً لإمرأة تعيش في ماضي مغامراتها العاطفية، التي لم تنتهِ بأي ارتباط رسمي. 
 
تظهر هنا التناقضات الفاضحة بين الحاضر المرير و الماضي الجميل والمفعم بالمغامرات الشيّقة التي بقي منها البكاء على أطلال الحب الضائع. 
 
برز أيضاً الوجه الإيجابي في حياة هذه العجوز - وهو أمر لا تعي أهميته - والمتمثل بحضور إبنة شقيقتها المتوفاة، التي تخرجها من وحدتها، مع ما يرافق ذلك من اهتمام صهرها (أي زوج أختها) بها بصفتها جدة ابنته. 
 
المشهد الثاني لزياد هو دوره كنحات فقد ذراعه في انفجار 4 آب 2020. يصارع مع إزميله ليجمّل وجه تمثال امرأة. يثور النحات غاضباً على تداعيات هذا الانفجار محاولاً التكيّف مع نمط الحياة الصعبة التي فرضت نفسها عليه وعلينا بعد فاجعة بيروت. 
 
يكشف الدور الإرباك في حياة النحات ومحاولاته المتكررة في "تعنيف" التمثال كوسيلة لتفريغ غضبه على ما آل إليه نمط حياته عموماً. 
المشهد الثالث هو أب يطلق النار على ولده الوحيد المصاب بداء الصرع، محاولاً وضع حد لمعاناته والعائلة، مع هذا الواقع، الذي مضى عليه 13 عاماً. يطرح زياد هنا مشكلات الاستشفاء والطبابة في لبنان والصعاب، التي تواجه العائلة، في ظل وجود حالة مرضية في المنزل. 
 
المشهد الرابع، يدخل النجار من باحة جلوس الجمهور كشخصية جديدة يدعو من خلالها، وفي استعادة للأدوار الثلاثة، إلى نبذ العزلة والعيش في كنف الحياة، معتبراً أن الوحدة تعزز النمط السلبي في النظرة إلى الذات والحياة وتؤدي إلى الاستسلام للواقع والخضوع إلى مشيئة الظروف، وهو ما لايجب الرضوخ له بأي ثمن كان.  
 
 
تمايز أداء النجار بسهولة في تجسيد هذه الشخصيات شكلاً ومضموناً، ولاسيما من حيث اختيار الملابس لدور المرأة العجوز مثلاً وما رافقه من ماكياج خاص على وجهه برزت من خلاله ملامح واضحة لتقدم العمر عندالسيدة العجوز.
 
النجار، الذي يختلف عن غالبية أبناء الوجوه الفنية، متصالح مع إرث والده مروان النجار. فهو لا يعيش صراعاً معه، بل يعتمد على المناخ الفني، الذي ترعرع فيه، ليعكس من خلاله التفاؤل والقيم الاجتماعية والأخلاقية، التي لطالما نادى مروان النجار بها في غالبية  أعماله. 
 
زياد مروان النجار متواضع في تعاطيه مع الناس. يتقن فن الإصغاء إلى الآخرين، وهذا بدا واضحاً في النقاش، الذي تبع عرضه المسرحي. النجار متمسك بدور المسرح في خلق مساحة تفاعلية إيجابية في حياة اللبنانيين. 
 
خلال حواره مع الحضور، لم يتردد زياد النجار بعد إنتهاء العرض، في انتقاد بعض الأعمال السلبية والمحبطة جداً على بعض المسارح المحلية، والتي تُنزل المشاهد إلى قعر اليأس والسلبية في هذا الزمن الصعب، وهذا ما لا يرضاه أبداً. 
 
Twitter: @rosettefadel
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium