فاز الفنان اللبناني ﺟﻮزف ﻗﺎﻋﻲ بـ"جائزة محمود كحيل" لفئة الروايات التصويرية، وهي إحدى الجوائز التي يمنحها منذ 2015 "مركز رادا ومعتز الصواف لدراسات الشرائط المصورة العربية" في الجامعة الأميركية في بيروت، الذي يتولى تنظيم هذه المسابقة.
أُرجئ احتفال توزيع الجوائز الذي كان مقرراً الجمعة في المكتبة الوطنية - بيروت، إلى موعد يُعلن لاحقاً بسبب الظروف الراهنة. ورغم تأجيل الاحتفال، يعلن المنظمون قريباً موعد ومكان إقامة معرض بعنوان "فلسطين: الفن التاسع يوثّق ويتحدى"، يتضمّن أعمالاً تتمحور حول معاناة الشعب الفلسطيني تاريخياً وحالياً، سواء كانت هذه الأعمال مشارِكة في المسابقة أو لم تكن، ومنها ما نُشر أخيراً تفاعُلاً مع العدوان على غزة.
وأوضح المركز في بيان أن هيئته الاستشارية اتخذت قرار تأجيل الاحتفال "حرصاً منها على سلامة ضيوفه وأعضاء لجنة التحكيم والفائزين الوافدين من مختلف الدول العربية ودول العالم كأولوية لديه، والذين تعذر حضورهم بفعل الأوضاع الطارئة في المنطقة".
وبحسب قائمة الفائزين والفائزات التي نشرها المركز عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، حصلت الفنانة المصريّة دعاء العدل للمرة الثانية على "جائزة محمود كحيل" عن فئة الكاريكاتير السياسي، فيما فاز اللبناني ﺟﻮزف ﻗﺎﻋﻲ عن فئة الروايات التصويرية، والعراقي أﺣﻤﺪ عصام عن فئة الشرائط المصوّرة، والمصرية أميرة الطناني عن فئة الرسوم التصويريّة والتعبيريّة، والتونسية زﻳﻨﺐ ﺑﻦ ﺣﻮاﻟﺔ عن فئة رسوم كتب الأطفال.
وكانت جائزة "قاعة المشاهير لإنجازات العمر" الفخرية للفنان ومؤلف كتب الأطفال المصري وليد طاهر، وجائزة "راعي الشريط المصوّر العربي" من نصيب دار نشر "أ بَ تَ".
وقد حصل الفائزون والفائزات على جوائز مالية تتراوح بين خمسة آلاف وعشرة آلاف دولار أميركي. وتبلغ القيمة الإجمالية للجوائز 35 ألف دولار أميركي.
تَقَدّمَت إلى مختلف فئات الجائزة بدورتها التاسعة أعمال من 15 دولة عربية هي الجزائر ومصر والعراق والأردن والكويت وفلسطين ولبنان وليبيا والمغرب وسلطنة عُمان والمملكة السعودية العربية والسودان وسوريا وتونس والإمارات العربية المتحدة واليمن.
وكان لافتاً أنّ عدد المشاركين لهذه السنة ازداد ثلاثة أضعاف تقريباً مقارنة بالأعوام الماضية. ولوحظ أنّ العدد الأكبر من الأعمال المتقدّمة كان من مصر ثم لبنان فسوريا والأردن وفلسطين.
يُنظِّم "مركز رادا ومعتز الصواف لدراسات الشرائط المصوّرة العربية" سنويّاً حفل تسليم جوائز "مسابقة محمود كحيل" بمختلف فئاتها، ومعرض "جائزة محمود كحيل" الذي يضم أعمال الفنانين الفائزين/ات والمرشحين/ات النهائيين ونخبة من المشتركين/ات بالجائزة إضافة إلى إطلاق كتاب الجائزة السنوي. وكان من المخطّط أن يضم حفل الجائزة لهذا العام معرض كتحية خاصة لفلسطين.
الفائزون ولجنة التحكيم
توّلت اختيار الفائزين/ات لجنة تحكيم الدورة التاسعة لـ"جائزة محمود كحيل" التي ضمّت كلاً من المصري محمد صلاح والسويسرية هيلين بيكلان والأرجنتينية ناشا فولنفايدر واللبنانيين حنان قاعي وجورج خوري (جاد).
ولاحظت لجنة التحكيم أن العراقي أﺣﻤﺪ عصام، خريج كلية الفنون الجميلة في جامعة بغداد سنة 2021، الذي نال جائزة فئة الشرائط المصوّرة عن عمله "قصة شرق أوسطية"، "يطرح أسئلة فلسفية حول الاستخدامات المختلفة للقصص المصورة وحول نتائج استيلاء السياسة عليها، وتأثيرها على الصراعات، وقدرتها على زعزعة الاستقرار." كما لاحظت اللجنة أن عدداً متزايداً من مؤلفي الشرائط المصورة يميلون إلى الشرائط المصورة الوثائقية.
واعتبرت لجنة التحكيم أنّ لدى الفائزة بفئة الكاريكاتير السياسي دعاء العدل "القدرة على النفاذ سريعاً إلى صلب الموضوع وحقيقته، من دون أن تسلك الطريق المعتاد لذلك". وأضافت، "في منطقة كمنطقتنا، زاخرة بالأحداث والعوائق والعواقب أحياناً، تظهر دعاء قدرتها كرسامة كاريكاتير على التنقل بين مواضيع متنوعة ومتشابكة بسلاسة وبتعبيرات ذكية، من دون اللجوء للأفكار المكررة أو المعتادة". ولاحظت أنّ "خبرة دعاء العدل تظهر جلية في قدرتها على المستوى التقني على تطويع الأسلوب لخدمة الفكرة وليس العكس".
وسبق لدعاء العدل المولودة عام 1979 أن نالت جائزة محمود كحيل عام 2017، وجائزة نقابة الصحافيين المصريين عام 2009 كأفضل كاريكاتير، إضافة إلى سواها من المكافآت. وتعمل الفنانة في صحيفة "المصري اليوم"، ونشرت رسومها قبل ذلك في جريدة "الدستور" ومجلة "صباح الخير" ثم مجلة "روز اليوسف،" كما نشرت أعمالها في مواقع وصحف عالمية عدة، وشاركت في مسابقات ومعارض دولية في فرنسا وإيطاليا والنمسا وبلجيكا والولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا وتونس.
أما فئة الروايات التصويريّة التي تضاعفت مشارَكات النساء فيها ثلاثة أضعاف عن السنين الماضية، ففاز بجائزتها الرسّام اللبناني المقيم في باريس ﺟﻮزف ﻗﺎﻋﻲ عن روايته الأخيرة "المضطرِب" (L’Intranquille) التي تُرجمت إلى الإنكليزية بعنوان "Restless"، إذ رأت لجنة التحكيم أنه "يثبت فيها قدرته على إيجاد عالم شاعري سواء في النص أو طريقة السرد وأيضاً في اختياره للألوان الشفافة، وهو المتمرّس في تقنيّات طباعتها وإخراجها وتوضيبها".
ووصفت اللجنة قاعي الذي يستكشف في أعماله عوالم الخيال الواقعي والتخميني بأنه "فنان ملتزم بقضايا الإنسان والفرد والأقليّات الملاحَقة، استحقّ عن جدارة تسمية شاعر الشريط المصور".
وأشادت لجنة التحكيم بـ"التدرجات النابضة بالحياة" في أعمال الفنانة البصرية والرسامة ومصممة الغرافيك المصرية أﻣﻴﺮة اﻟﻄﻨﺎﻧﻲ التي فازت بجائزة الرسوم التصويرية والتعبيريّة، "ليس فقط على مستوى الألوان، إنما أيضاً في نسيجها الغني المحبوك من وجوه أصيلة وأشكال مفعمة بالحياة ومناظر طبيعية حقيقية." وأضافت، "من خلال تجربتها مع الكولاج، تجلب أميرة إلى الحياة لحظات قوية ونظرات ثاقبة وحساسية فائقة تجعلنا نرغب في التوقف للحظة والتأمل في المشهد." وبدأت اﻟﻄﻨﺎﻧﻲ التركيز مؤخراً على الحياة الفلكلورية المصرية وتستكشف أعمالها موضوعات اجتماعية ونفسية.
وكانت جائزة رسوم كتب الأطفال التي شكلت النساء 86 في المئة من المتقدمين إليها من نصيب التونسية المولودة في سويسرا زﻳﻨﺐ ﺑﻦ ﺣﻮاﻟﺔ عن كتابها الثاني "لماذا؟" الصادر عام 2023 والمتعلق بالبيئة. واعتبرت لجنة التحكيم أن "عملها مُشبع بالأصالة والخصوصية والإتقان،" وأن رسومها "مزيج سلس من اللعب والعمق. وتضفي اختياراتها الفنية حيويةً على قصة خفيفة الروح ومثيرة للتفكير". ورأت أنّ ما يميّز رسوم بن حوالة التي نشرت كتابها الأول في 2019 "هو أولاً أسلوبها في التلوين: مزيج مرح بين الأشكال المحددة والمساحات المزدحمة والأنماط المعقدة،" وهي تُنتِج "عالماً من الغرابة والمرح والفضول يترجم طبيعة الأسئلة المطروحة داخل الكتاب".
بالإضافة إلى ذلك، حصل الفنان التشكيلي والرسّام الصحافي ومؤلف كتب الأطفال المصري وليد طاهر (55 عاماً) على "جائزة إنجازات العمر" الفخريّة التي تُمنح تقديراً لمن أمضى ربع قرن أو أكثر في خدمة فنون الشرائط المصوّرة والرسوم التعبيرية والكاريكاتير السياسي. ولطاهر أكثر من 40 كتاباً للأطفال، وعرضت أعماله في معارض عالمية عدّة.
يتميز فن وليد طاهر بتقنيات مبتكرة في السرد القصصي تعتمد على ألوانه النابضة بالحياة ورؤاه الثقافية وخطوطه الغريبة التي تجمع بين الحكايا الآسرة والرسوم التوضيحية الساحرة، فتجذب القراء من جميع الأعمار وتوقظ البراءة في النفوس.
أما جائزة "راعي الشرائط المصوّرة" الفخريّة فذهبت إلى دار نشر أ بَ تَ (Alifbata)، وهي دار نشر تعاونية تأسست في مرسيليا بفرنسا عام 2015، متخصصة في نشر ترجمات فرنسية لروايات تصويرية وشرائط مصورة كتبها مؤلفون وفنانون من العالم العربي. قدّمت أ بَ تَ إلى فرنسا وأوروبا، من خلال خمسة عشر إصدارًا حتى الآن، مشهداً فنياً ناشئاً من المنطقة، يمتد من المغرب إلى سوريا، ويتضمّن الجزائر وتونس ولبنان وفلسطين.
تقوم "أ بَ تَ" بترتيب طاولات مستديرة ومؤتمرات وورش عمل تدريبية حول الشرائط المصورة العربية لضمان التوزيع الأوسع لهذا الشكل الأدبي المبتكر، كما وضعت سياسة نقل حقوق النشر لتسهيل ترجمة منشوراتها إلى لغات أخرى وعبر الدول الأوروبية. وتسعى "أ بَ تَ" أيضاً إلى إقامة شراكات مع ناشرين من المغرب العربي والشرق الأوسط بهدف تعزيز نمو "الفن التاسع" في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط.