بعد عروض مشتركة عديدة للوحاتها ومجسّماتها، اطلقت الفنانة والمحامية ميرنا معلوف معرضها الفردي الأول في معرض ماهر عطار الكائن في الجميزة، مع المنسقة الفنية موريال أسمر.
المعرضان الأولان لها كانا مع الرسامة جانين ربيز، وأطلقت بعدها مبادرة للوقاية من سرطان الثدي، عبر مجسمات فنية نسائية أوصلت من خلالها رسائل لهذا الغرض، تحت عنوان Bléssées، وشاركت فيها في معارض مشتركة أيضاً.
وعن معرضها الذي انطلق في السابع من أيار والذي سيمتد حتى 18 منه، تتحدّث معلوف لـ"النهار" أنّها بدأت بالتحضيرات له منذ العام 2022، بحيث رسمت لوحات دمجت فيها بين الصور الفوتوغرافية والرسم التعبيري في مزيج جميل من الحنين إلى الماضي والفن المعاصر، لتحكي قصصها.
هذه الصور التقطتها ميرنا نفسها، وأدمجتها في لوحاتها وكأنها جزء منها وأعادت صياغتها لتوجيه الناس إلى عوالم الخيال والعاطفة الساحرة.
وتظهر هذه الصور بيوت بيروت المهدمة وما بداخلها من أغراض كانت ثمينة لأصحابها الذين هجروها. بالتالي، أصبحت البيوت والأغراض "منسية". لذلك، حمل عنوان معرضها اسم "Lés Oubliés" أو المنسيون في اللغة العربية. وتروي معلوف، عبر هذه اللوحات، قصص هذه الأماكن والبيوت والأشياء المنسية التي لطالما احتلت جزءاً من ذاكرة أصحابها اللبنانيين.
وتحزن معلوف عندما ترى بيوت بيروت مهجورة ومتروكة أو مهدمة، وتقول معلوف: "هذه البيوت تتسم بهيبة لا يجب أن تُترك، وتحمل جمالاً حزيناً، وأنا أحنّ كثيراً إلى كل ما هو قديم، لا سيما إلى بيروت كما كانت في السابق، وإلى طفولتنا فيها".
كل لوحة تروي قصة تختلف عن الأخرى، تعود إلى ذاكرتنا الجماعية في بيروت. ومع مرور الوقت، تُعتبر المنازل المتهالكة بمثابة رموز للاضمحلال وعدم الثبات. لذلك، لعبت المخلوقات الصغيرة دوراً في بث الحياة في المساحات المهمَلة، بينما تثير الشخصيات الكرتونية المنسية إحساساً بشوق إلى العصور الغابرة. وتضيف معلوف: "بين الماضي والحاضر، يصبح الإنسان همزة وصل". فهناك لوحات أعادت حتى إحياء الأفلام التي كان الجيل السابق يشاهدها في صغره وأخرى تحدّثت عن انفجار مرفأ بيروت الحزين.
يتضمّن المعرض 22 لوحة، والجامع بينها هو الصور التي التقطتها معلوف، وقامت بإحيائها وإحياء ما تحتويها في لوحات جديدة. ولهذا الغرض، لم تكتفِ بإعادة الرسم فقط، إنّما أضافت إلى لوحاتها شخصيات كرتونية قديمة، نشأ عليها الجيل السابق في طفولته، مثل غريندايزر، أستريكس، وباغز باني، وغيرها. كما أضافت رسوم الحشرات كالذباب والنحل، فبالنسبة إليها، "هذه الكائنات هي فنانة بالفطرة، بحسب طبيعة عيشها".
إلى ذلك، قامت معلوف بالدمج بين بيروت القديمة والجديدة، وأوصلت رسائل عميقة ومبطنة في هذه اللوحات، تتعلق بماضي بيروت وحاضرها الذي أثقلته الأزمات المنوعة والتحديات، "لننادي بالتخلص من هذه التحديات ولعودة بيروت كما كانت في أعيننا".