النهار

إشكالية كوريغرافيا سيلفيا غريباودي في مسرح المدينة تعيد إحياء شعار "ممنوع المنع"... والعرض مستمر
روزيت فاضل
المصدر: "النهار"
إشكالية كوريغرافيا سيلفيا غريباودي في مسرح المدينة تعيد إحياء شعار "ممنوع المنع"... والعرض مستمر
صورة العرض.
A+   A-
تصاعدت وتيرة الجدل على وسائل التواصل الاجتماعي على خلفية عرض مسرحي راقص بعنوان "النعم الثلاث" على خشبة "مسرح المدينة" في شارع الحمراء، في إشارة الى أن الكوريغرافية الإيطالية الذائعة الصيت سيلفيا غريباودي وفرقتها الراقصة، التاسعة مساء الثلثاء على المسرح، بدعوة من المعهد الثقافي الإيطالي ومختبر بيروت الحركي "بيروت فيزيكل لاب"، سبق لها أن عرضت هذا العمل وغيره من الأعمال  في تل أبيب، وفقاً لما نقله القسم الثقافي في جريدة جيروزاليم بوست.   
 
هذا المقال الذي علّق عليه كثيرون ومنهم الممثلة القديرة عايده صبرا، عبر منصة "إكس"، طرح إشكالية استضافة سيدة "مسرح المدينة" نضال الأشقر لغريباودي على مسرحها، علما أن الأشقر كانت صبّت جام غضبها من خلال دعوتها عبر رسالة صوتية إلى منع عرض "وليمة عرس عند سكان الكهف" للمسرحي اللبناني الكندي وجدي معوض في نيسان الماضي على مسرح مونو، ورفض عمله بحجة تطبيعه مع إسرائيل، ورغبة منها في الدفاع عن دم شهداء غزة، وهذا مع أدى، تزامنا مع حملة شرسة واسعة الانتشار من أنصار الممانعة، إلى قرار بتوقيف معوض متى جاء إلى لبنان. 
سلطة اللون الواحد
 
 
قبل عرض آراء بعض المسرحيين، لا بد من التشديد على أن إلغاء أي عرض مسرحي أمر مرفوض، مع تذكير رواد وسائل التواصل الاجتماعي من "مربض" الممانعة بأن الكوريغرافية الإيطالية غريباودي سبق لها أن شاركت عام 2018 في أمسية"R. Osa"  في مهرجان بيروت الدولي للرقص المعاصر "بايبود" في بيروت، وهي اليوم تنقل خبرتها إلى مجموعة طالبية لبنانية في ورش تدريبية وتطويرية للرقص المعاصر، وستقدم نتاج هذه الورشة في عرض السبت 13 تموز 2024 على سطح "مركز بيروت للفن المعاصر" في كورنيش النهر في اتجاه العدلية.   
 
والواقع أن المحطات الثقافية المهمة في لبنان لا يمكن أن تبصر النور من دون دعم أجنبي ولاسيما من سفارات فرنسا وإيطاليا وإسبانيا ومعاهدها الثقافية، ما يفرض تقليل منسوب الاستقواء بمزايدات مكبلة للتنوع الثقافي المهدد بسلطة اللون الواحد والعقل المتحجر، الذي لا صلة له بلبنان الحريات. 
لا للحظر 
 
بالعودة الى التفاصيل، مديرة مسرح مونو جوزيان بولس قالت "النهار" تعليقاً على ما يتم تداوله افتراضياً على عرض سيلفيا غريباودي في "مسرح المدينة" والحملة الشعواء التي أدت إلى منع عرض وجدي معوض على مسرح مونو: "شخصيًا، بصفتي ممثلة ومنتجة وعاشقة مسرح، أعارض بشدة حظر أي شكل من أشكال التعبير الفني،" مشيرة الى أن "حرية التعبير أفضل سلاح لمجتمع مثقف، منفتح على جميع أشكال الثقافة". 
 
وذكرت بالشعار الشهير "ممنوع المنع" المعتمد من الفرنسيين عام 1968، معتبرة أنه "لا يزال ساريًا في بلدان مثل بلدنا، تكافح للخروج من الركود الاقتصادي والاجتماعي والثقافي". 
 
"منع الثقافة يعني خنق المجتمع ودفعه إلى تبني فكر واحد، وهو ما يتعارض مع جميع القيم الإنسانية"، قالت بولس. ‎ولكن حان الوقت لوضع حد لهذا التصعيد". 
في رأيها، "لا يحق لأحد أن يعطي دروسًا في الوطنية والقومية، فالرغبة في فرض أيديولوجيته بأي ثمن على الآخرين من دون تطبيقها على نفسه، أمر متناقض للغاية وفقاً لقول للفيلسوف الفرنسي والصحافي إميل أوغست شارتيه المعروف بقوله ان  "لا شيء أكثر خطورة من فكرة عندما لا يكون لديك سوى فكرة واحدة". 
 
العرض مستمر...
بعد اعتذار مديرة "مسرح المدينة" نضال الأشقر عن عدم التعليق لدى اتصال "النهار" مستفسرة، أفادتنا مصادر خاصة أن "العرض مستمر هذا الثلثاء في مسرح المدينة في شارع الحمراء، وغالبية المغنين والراقصين الأجانب الذين يحضرون إلى لبنان قد شهدوا محطات فنية مماثلة لحفلة الكوريغرافية سيلفيا غريبودي، مع فارق مهم أنهم يدخلون لبنان بجواز سفر جديد لا يلحظ أي تأشيرة دخول إلى إسرائيل". 
 
 
وبررت المصادر نفسها بأن الأشقر "كان لها موقف مناهض لعرض مسرحية وجدي معوض المتعامل مع إسرائيل، والذي دخل لبنان بجوازه اللبناني، ما جعله يخضع للقانون المحلي المانع لأي تعامل مع إسرائيل، مع نفي المصادر عينها أن يكون موقف الأشقر من عرض وجدي معوض له أبعاد تنافسية بين عروض مسرح المدينة و"زحمة" المسرحيات على خشبة مسرح مونو. 
محاكمة الأشخاص
 
أما الكاتب والصحافي وضاح شرارة فاعتبر في اتصال لـ"النهار" أن "الهجمة على أي عرض مسرحي أو راقص ليست بمواقف مبنية على الأعمال نفسها، وإنما على محاكمة الأشخاص والفن من ناحية عدم التزام هؤلاء معايير لها صلة بالثقافة، بل بأهواء وميول وأحكام"، مشيراً الى أن "الموضوع لا يقف عند عتبة التحايل في الموقف بل هو أعمق بكثير". 
 
وإذ توقف عند "مسألة أساسية تناقش في إيران منذ أعوام"، رأى أن "اليمينين يعتبرون أن الرد على ثقافة الغرب وميولها نحو إسرائيل يستدعي أن يوصدوا بابهم على العلاقات الاقتصادية مع الغرب، ومنها الثقافية كالإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، في حين ثمة وجوه أساسية في الانتخابات الأخيرة تعتقد أن الصين، التي باتت نموذجاً لهم، بنت صعودها الاقتصادي بتعاونها مع الغرب، ما استدعى من إيران الاستمرار في التعاون مع الغرب وفتح استثمارات غربية على اختلافها". 
 
Twitter:@rosettefadel

اقرأ في النهار Premium