الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

لا غرب ولا شرق بل لبنان فقط (1)

المصدر: "النهار"
Bookmark
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
تعبيرية (نبيل إسماعيل).
A+ A-
المهندس غبريال اندريا "ما لا يريده نصف اللبنانيين يمكنك رؤيته جيداً. ما لا يريده النّصف الآخر، يمكننا رؤيته جيداً. لكن ما يريده النّصفان هو ما لا نراه (...) الدّولة ليست مجموع عاجزين – سلبيتان لا تصنعان وطنا"ً (Deux négations ne font pas une Nation) – جورج نقاش. لنعترف، لبنان دولة فاشلة. أشلاء وطنٍ رافضٍ للحياة. نظامٌ مترهّلٌ ورديء. اقتصادٌ منخور وحالٌ منهوبة. سياسات انتقاميّة يضعها سياسيون فاسدون. لنعترف، من قتل لبنان هم زعاماته الوارثة والمتوارثة من الذين تناوبوا على السّلطة والحكم فيه. كانوا قتلة البشر من غير نِحلَتِهم وطائفتهم، أصبحوا قتلة الأحلام والأفكار والمشاريع. كان لبنان حلماً موعوداً، صار ركاماً موؤوداً. لبنان العلم والمعرفة والإشعاع، خَفَتَ ضوؤه وأُطفئت منارته. لبنان الحريّة المتفردة في منطقة يسودها الظلم والاستبداد، تحوّل إلى دولة عبثيّة. الحريّة، بمفهومها اللبناني، لم تُنجب يوماً ديموقراطيةً، هي حريّة الأحزاب الاستتباعيّة وبطشها وقمعها ومطاوعتها. لبنان الاستقلال كان وهماً. ولا مرّة استقلّ أزلامه الحاكمون والمستحكمون به عن «أوطان» لهم خارج الحدود. كانت «شعوبه» الطّائفيّة تابعة لولاءاتها الخارجيّة ولا تزال، ولا مفرّ منها. كل الدّول المتقدّمة كانت متخلّفة في بداياتها ثم تقدّمت بشروط بناء الوطن والمواطن، بناء الإنسان كإنسان لا كتابع لا مناص له من زعيمه المحلّي، الذي بدوره خاضع لأسياد الخارج، يسوقه بعصاه ويوجّهه برسنه. «اللبنانيون يغرقون في حالة إنكار تامّ، ولا توجد حتى الموسيقى». قالها وزير الخارجيّة الفرنسيّة جان إيف لودريان، في مقابلة نشرتها صحيفة «لو فيغارو»، مشبّهاً حالة البلاد الدّراماتيكيّة كالتّايتانيك وهي تغرق. لقد أسقط السّياسيون اللبنانيون في النّصف الثّاني من مئويّة وطنهم، عبر انقساماتهم السّياسيّة والطّائفيّة وخدمة مصالحهم الخاصّة وفسادهم في إدارة الشّؤون العامّة، الحلم الذي راود اللبنانيين في النّصف الأول من المئويّة، بتحويل بلدهم إلى «سويسرا الشّرق». لقد ذهب هذا الحلم دون رجعة. نعوه حينما بدأوا بتدميره وتبديده عبر انخراطهم في «حروب الآخرين على أرضه»، كما وصف الرّاحل غسّان تويني، وأجهزوا عليه حينما أطلقوا «حروب اللبنانيين على أرض الآخرين». إنّ قراءة تاريخ لبنان تبيّن أنّ مصائبه المتعاقبة، الأمنيّة والسّياسيّة، إنّما كانت نتيجة انحياز أحد أفرقائه لهذا المحور أو ذاك: إذ كلّما تعاطف طرف محلي مع محور إقليمي أو دولي، انفجر الوضع في لبنان، الذي كان سُمّي «سويسرا الشّرق» ليس فقط بسبب نظامه المالي الحرّ، بل لكونه أكثر بلد مشرقيّ قرباً من مبدأ «الحياد» السّويسري (قبل حرب الـ1975). خلقت الأزمة الأخيرة التّي ألمّت بلبنان، منعطفاً جديداً في النّقاش السّياسي الدّاخلي، يهدف الى تجنيب لبنان التّحوّل إلى ساحة تُصفّى فيها...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم