الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

في الذكرى 75 لاعتماده، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان صلاة رذيل لا يهدأ

المصدر: "النهار"
Bookmark
الأمم المتحدة.
الأمم المتحدة.
A+ A-
السفير جبران صوفانخلال شهر تشرين الثاني الفائت، قرأت في جريدة النهار بأنه "على أثر الطقس العاصف وإشتداد سرعة الرياح، سقطت لوحة إعلانية ضخمة في معرض للسيارات، ما أدّى إلى تضرّر عدد منها".على الساحة الدولية، لوحة تؤطّر إعلاناً نوعياً صمد 75 عاماً أمام النزاعات والحروب هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لم يسقط على السيارات، وانّما بفعل الاهتزاز قد يهوي على رؤوس البشر.في ذكرى إعتماده بتاريخ 10كانون الأول 1948، يمرّ الإعلان بمرحلة إختبار دقيقة لمدى قدرته على الثبات بوجه النزاعات الكارثية وأخطرها اجتثاث الإنسان وإغراق الشعوب في أمطارها وطمرها في أوحالها وجرف كراماتها. وفيما ترنو النفوس إلى أسمى ما في تلك الحقوق من كرامة ومساواة وحرية "وتحرّر من الخوف والفاقة "، تحوّلت فلسطين، تزامناً مع المناسبة الأممية، إلى مسلخ للإنسان بما يكشف عجز النظام الدولي عن تلافي ويلات حروب جلبت على الإنسانية في القرن الماضي"أحزاناً يعجز عنها الوصف".في هذا الوقت بالذات، يبدو لي الإعلان العالمي مثل قداسة البابا لا يملك عتاداً للدفاع عن رسالته بل إيماناً وإن كان وحده لا يكفي للصمود أمام القوى الهمجية والعقائد العسكرية المدمّرة. لذلك، وإذ تحتفل الأمم المتحدة باليوبيل الماسي للإعلان تكثر المآسي ،ما يجيز التساؤل عما إذا كان الإعلان العالمي يحمل جينات الإنسان حيث في خريف العمر تشيخ الخلايا الهرمة وتتراجع قدراتها إنتهاءً بالموت المحتّم، وعما إذا كانت الأوضاع الجيوسياسية تتحكم بقدرة وقدوة وقدر هذه المخطوطة الدولية. في إستعراض بعض مراحل الإعلان وآليات تطبيقه ما يوفّر عناصر جواب متواضع.أولاً – ويلات الحرب وفريق E Teamيتبيّن من أحداث التاريخ بأن الإنجازات المحورية لا تسلم من إراقة الدماء، وكأن الخلاص يأتي بعد إشباع نهم مدمني الدماء. لذلك فالإعلان يلي حربين متتاليتين . أتحفظ على القول بأن "شعوب العالم" أحدثت آنذاك النقلة النوعية نحو السلام البارد، وأكّدت وحدها في الميثاق "ايمانها بحقوق الإنسان الأساسية"، فصاغت الإعلان العالمي نموذجاً دون إكراه لتلك الحقوق. فلا طائل للشعوب في شنّ الحروب أو إنهائها وإنما الأوصياء عليها. لا يمنع أن الإعلان هو إنجاز كبير في ساعة من تقاطع المصالح تخطّى الخلافات المتزايدة بين الإتحاد السوفياني والولايات المتحدة ،رغم مبدأ ترومان الخلافي عام 1947 الداعي لإحتواء تفشّي الشيوعية.وقد تطلّب مشروع الإعلان مرونة وباعاً طويلاً بانتهاج سلوك توفيقي بين طروحات أعضاء لجنة الصياغة الذين مثّلوا خلفيات فكرية وثقافية وقانونية مختلفة. واستمرّ لبنان في عضويتها منذ نشأتها فتوسيعها عبر مقرّرها الدكتور شارل مالك ،والتي ضمّت 8 أعضاء منهم الولايات المتحدة والإتحاد السوفياتي والصين وفرنسا وانكلترا. لم تلتقِ هذه النخبة على مفاهيم مشتركة فقط وإنما إرتقت فوق العذابات لتضع في مقدمة الإعتبارات الكرامة الإنسانية التي أملت تلك الحقوق دون إملاء نظام سياسي معيّن، لافتاً إلى ان القدرات الشخصية لرئيسة لجنتيّ حقوق الإنسان والصياغة، إليونور روزفلت والعضو المقرّر الدكتور مالك شكّلت عاملاً أساسياً في إنجاز المشروع وإعتماده.بالفعل، لم تكن إليونور روزفلت عقيلة الرئيس الأميركي الأسبق فرانكلين روزفلت شخصية عادية في البيت الأبيض (1933-1945)، فقد أعطت مهام السيّدة الاولى بُعداً إحترافياً يتجاوز المسائل التقليدية والبروتوكولية المنوطة بها عادة، إذ كانت ناشطة وفاعلة في مجال العدالة العرقية والإجتماعية. وكمندوبة لبلادها لاحقاً في نيويورك، عملت على تعميم تلك...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم