ابتسام غنيمه شغل العدد العقل البشريّ منذ القدم، وربط بينه وبين الظّواهر الطّبيعيّة وحياة الإنسان، من أجل بلوغ معرفة الذّات والسّموّ بالنّفس البشريّة إلى الكمال والألوهيّة، كما نشهد في معظم الحضارات القديمة وعند حكماء الهند واليونان وبيتاغور الذي كان يرى أنّ "التّطوّر هو قاعدة الحياة، والعدد هو قاعدة الكون، والوحدة قاعدة الخالق". تروي قصّة التّكوين أنّ الله الواحد خلق الكون في ستّة أيّام وفي اليوم السّابع استراح. وخلق آدم من التّراب ونفخ فيه الرّوح، ثمّ خلق من ضلعه حوّاء ليؤمّنا استمراريّة العالم؛ فاستمرّ منذ فجر التّكوين متزايدًا متناميًا، وعرف جميع أشكال التّطوّر بفضل العقل والحكمة. لكنّ الإنسان فتنته مباهج الحياة، فتعلّق بحبائلها المغرية وتناسى أنّها تسير سيرًا دؤوبًا نحو الأمام، غير عابئة به، عابثة وساخرة، تحسب السّاعات أيّامًا، والأيّام أعوامًا، تبتلع سنواتنا لتضيفها على أعدادها المتكاثرة أبدًا منذ آلاف وآلاف.وبدأ الفساد يدبّ في البشريّة منذ أن لوّث قايين يديه بدم أخيه هابيل، وانتشر الدّاء في الكيان الإنسانيّ متمكّنًا متسلّطًا، لا سيّما وأنّ الأرض خصبة، فكان ابتعاد عن الصّفاء وعن التّعاليم السّماويّة وحياة البرّ والصّلاح، فكثرت الحروب والخلافات بين البشر، وعاش الإنسان القلق في وجهيه: قلق الحياة وقلق المصير. وقد تجلّى هذا الصّراع بشكل جليّ مع أنصار مسرح العبث الذي ظهر في أوروبا بعد الحرب العالميّة الثّانية، نتيجة الارتباك والضّياع اللّذين أصابا الإنسان في عالم فقد القيم...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟
تسجيل الدخول