الأحد - 08 أيلول 2024
close menu

إعلان

أديب صعب والغنائيَّةُ المتفكِّرة

المصدر: "النهار"
Bookmark
الشاعر أديب صعب
الشاعر أديب صعب
A+ A-
المحامي شوقي ساسينرئيس اللجنة الوطنية للاونيسكو في مجموعتِه الأخيرة "مرسى النور" (دار النهار للنشر - 2024) شاء أديب صعب أن يفرغَ حمولةَ الشعر على رصيفِ مرفأٍ دافئ يعانقُ النورُ فيه الموجَ والصَّخر احتضانًا، وتمتزجُ خطا الزمان بلواعجِ المكان وتفاعيل الحدثان. مجموعة ترتفع قصائدُها ثلاث عمائر متجاورة، قد تبدو للمقلةِ العجلى مستقلةً إحداها عن الأخرى، فإذا أخَذَتْها بالأناة القراءةُ الوئيدةُ، وجدَتها واحدةَ الأساساتِ والعُلى، لها شكلُ أضلاعِ مثلَّثٍ معرفيّ، هو أديب صعب نفسُه القادم إلى الفلسفة من فضاءِ الشعر، وإلى الشعر من أفق الفلسفة، مرمِّمًا المسافة بين هذه وذاك بالغنائيَّةِ المتفكِّرة. وقبل الغوصِ في لججِ القصائد حيث رسا نورُها العميق، يحسنُ بي أن أذكِّر بما لا يكاد يجهله أحد، أن الحداثة في الأصل مفهوم لم يلقَ معنًى موحَّدًا في جميع المجتمعات البشرية، وإن كان سعى إلى أن يكونَ موحِّدًا لها، على نمط سياق، حتى ارتفعت الدعوات إلى ضرورة حفظ التنوع المعرفي وحماية الخصوصيات الثقافية للشعوب، كإرث إنساني لا ينبغي التفريط به. وأن أذكِّرَ أيضًا بأن الحداثة الشعرية لا تقتصر على تبديد الأشكال القديمة والمقاربات التقليدية في القصيدة؛ بل هي نظرةٌ جديدة إلى الحياةِ والكونِ والفن، يوظِّفُ فيها الشاعر كيانَه كله من أجل تقديم أجوبة غيرُ على أسئلة الوجود، فيصير حداثيًّا حقًّا بمقدار ما يملك من قدرة على الخروجِ بالرؤيا والرؤيةِ ومستويات التعبير، من السّائدِ العاديِّ إلى تكبُّدِ رسم خريطة جينية - تختلف حتى التناقض كلَّ مرة - لخلايا السؤال والجواب اللذَين ينبغي لهما أن يكتنفا، فيه وحوله، الأشياءَ كافةً. وبتعبير آخر تقوم الحداثة على تزاوجٍ بين الحرية والفلسفة في محراب القصيدة، بشرطِ أن تكون لأثواب عرسِهما بطانةٌ وجدانيةٌ طاغية الألوان. وإذا كان المنحى الفلسفيُّ التقليديُّ الذي عرفناه في الشعر، يتدرجُ بين الحكمة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم