أمين الريحاني: لبنانية الانتماء إِلى العروبة الحضارية

واشنطن - مي الريحاني كان لأَمين الريحاني مفهوم خاص في الانتماء إِلى الوطن، وأَثرى مفهومه بالتأْكيد عليه مرارًا في معظم مؤَلفاته. بدايةً تأَثر الريحاني بقراءته عن الثورة الفرنسية فكرَّست في ذهنه مبادئها: الحرية، والمساواة، والأُخُوَّة. ثم نَمَّت إِقامتُهُ في نيويورك مساحةَ احترامه مبادئَ الديمقراطية، حتى إِذا تعرَّف إِلى أَبي العلاء المعرِّي (من القرن الحادي عشر) أُعجِب به مفكِّرًا عربيًّا ثائرًا لم يُعطِ للدين دورًا في السياسة ولا في المجتمع، بل أَعطى هذا الدور للعقل والعدل. وسَّع الريحاني في نيويورك قراءاته العربية والإِنكليزية والفرنسية، ومنها كتاب كارليل "الأَبطال"، قرأ فيه سيرة النبي محمد، وقرأَ كتاب واشنطن إِرفين عن الحمراء فاكتشف الأَندلس. وبعدما أُعجب بالمعرّي وقرأ عن النبي محمد واكتشف قصر الحمراء في الأندلس، قرَّر أَن يتعمق أَكثر بما يربطه بحاضر العرب وتاريخهم، وباللغة العربية التي أَحّبَ. من هنا ولد قراره زيارة البلدان العربية، ونفَّذ قراره مع بداية ١٩٢٢. ما أَهم كتُب الريحاني التي تشرح مفهومه للانتماء وموقفه من الوطن والمواطنة؟معظم كتب الريحاني تعالج، بشكل أَو بآخر، مفهومه عن الانتماء الوطني. لكني أَقتصر منها هنا على ثلاثةٍ رئيسَةٍ يشرح فيها مفهومه عن الانتماء ويفصِّل أَبعاده المختلفة: "الريحانيات" (1910)، "ملوك العرب" (1924)، "قلب لبنان" (1947، بعد سبع سينوات على وفاة الريحاني).فماذا في كلٍّ منها؟ 1. "الريحانيات"في هذا الكتاب شرح الريحاني موقفه من مواضيعَ كثيرةٍ مرتبطةٍ بفهْمنا مبادئَ نبني عليها ولاءَنا للوطن، بينها: التساهل الديني، الحرية، إِصلاح الفرد وإِصلاح الأُمة، المدينة العظمى، المساواة، التفاؤل، الأَخلاق والقيَم، المرأَة المجاهدة، الحقيقة الكبرى، دولة المستقبل.منذ أَوائل القرن العشرين تناول الريحاني مفهوم الانتماء وحرَّره من تعريفاته الضيقة فلم يسمح للتقاليد أَن تملي عليه كيف يبني عمارته الفكرية حول مفهوم المواطنة والانتماء إِلى وطن. لذا دفع بتفكيره إِلى الأَمام عبْر القدرة على التخلي عن تقاليد بالية تعطِّل...