الإثنين - 16 أيلول 2024
close menu

إعلان

عجز العرب أمام مأساة غزة

المصدر: "النهار"
Bookmark
صورة تظهر القصف على غزة.
صورة تظهر القصف على غزة.
A+ A-
د. جمانة الدبس تجعلنا حرب إسرائيل – غزة نستذكر "الحروب الصليبية كما يراها العرب" للكاتب أمين معلوف. يذكر هذا الكتاب خصائص عديدة لردّات فعل العرب على الحملات الصليبية وعلى تصرفات " الإفرنج" التي نجدها ثانية في التاريخ المعاصر للشرق الأوسط وكأن العرب لم يستفيقوا بعد من سباتهم العميق خلال العصور. يبرهن على ذلك تعاملهم مع القضية الفلسطينية منذ تأسيس دولة إسرائيل سنة 1948. يشدد أمين معلوف في كتابه الذي يستند في معظمه على المؤرخين العرب أمثال إبن الأثير وإبن القلانيسي أن إنهزام المسلمين أمام الجيوش الصليبية مردّه إنقسام العالم العربي آنذاك الذي لم يقوَ على المواصفات القتالية والتضامن للمحاربين الإفرنج. أسباب إنتصار الصليبيين لم يقتصر فقط على التقنيات العسكرية، وإنما السبب الرئيسي كان سياسي. لقد أدرك الإفرنج منذ قدومهم الى الشرق، الإنقسامات الجمّة عند المسلمين. كان العالم العربي في القرن الحادي عشر يرزح تحت حكم الأتراك السلاجقة الذين إستولوا على القرار السياسي في الإمبراطورية العربية فأصبح الخليفة العباسي في بغداد منذ سنة 1055 تحت السلطة الفعلية ووصاية السلاجقة الذين قسموا الإمبراطورية الى قطاعات سياسية فأصبحت مختلف المدن كدمشق وحلب وغيرها وحدات سياسية. أضف الى ذلك الإنقسامات العرقية بين العرب والسلاجقة والأتراك والأكراد. يرافقها إنقسامات دينية بين مسيحيي الشرق أنفسهم من جهة وبينهم وبين المسلمين من جهة أخرى. الى ذلك الخلافة منقسمة بين الفاطميين الشيعة في مصر، والعباسيين السنّة في العراق. رغم المحاولات العديدة لأمراء السلاجقة لإستعادة المدن التي إستولى عليها الصليبيون كنيقية وإنطاكيا وما بينهما من مقاطعات، لم تقوَ جيوش المسلمين التي كانت مختلطة (عرب وسلاجقة) على هزيمة الصليبيين لأسباب عديدة منها أولاً هول القوى العسكرية المسلمة امام الفظاعات التي كان يرتكبها الإفرنج من مذابح وتعذيب للأهالي كما حصل في إنطاكيا والمعّرة، كما أن جيوش المسلمين لم تكن متماسكة، إذ تألفت من تكتلات لعساكر الأمراء المنقسمين على أنفسهم وذات المصالح المتناقضة. حصار إنطاكيا مثل على ذلك إذ بدأ المحاربون بالفرار عند خروج قوات الإفرنج المحاصرة في المدينة، فأخذ المسلمون بتبادل التهم بالخيانة والجبن. فتعمدت الجيوش الإسلامية الإستسلام والخضوع، إضافة الى التملق لإسترضاء الصليبيين مخافة من التعرض لمصير كمصير المعرّة. ولما عرف خطّ سير الجيوش الصليبية المتجهة نحو القدس، أخذت المدن والقرى التي كانت على طريق القدس، تسترضي الإفرنج بتقديم الهبات المختلفة من أحصنة وتموين والهدايا النفيسة كالذهب والفضة. رغم الحملات المتتالية التي أمّت الشرق، عانى الصليبيون من نقص في عدد المحاربين لأن معظم هذه العساكر كانت تعود الى بلادها بعد إنتهاء المعارك. إستفاد الإفرنج لسنوات عديدة من خمول العالم العربي. يذكر إبن الأثير معركة طرابلس سنة 1102 كمثل لهذا الخمول. إستدعى فخر الملك حاكم طرابلس حكام دمشق وحمص لمساعدته على التخلص من ريمون دي سان جيل (Saint – Gilles) الذي عاد من القسطنطينية الى سوريا على رأس ثلاثمئة رجل. عندما رأوا عساكر الإفرنج تراجع جيش حمص ولحق به جيش دمشق فانقضّ الإفرنج على جيش طرابلس وهزمه. بضع مئات من العسكر الصليبي هزم عدة آلاف من المسلمين. أنشأ كذلك الصليبيون أربعة دول ما بين القرن الحادي عشر والثاني عشر مستغلين عجز المسلمين.يجب إنتظار إستلام صلاح الدين الأيوبي السلطة وإرتقائه في الإمبراطورية المشرقية كي يستعيد العرب سيطرتهم على الإفرنج. حدد صلاح الدين أهدافه منذ البدء وهي توحيد العرب وتجييش المسلمين معنوياً وعسكرياً بغية إستعادة الأراضي المحتلة وخاصة القدس. هادن صلاح الدين الإفرنج في بدء حكمه، إلا ان وصول الإفرنج على مشارف مكة، جعله يدعو المسلمين الى الجهاد، من سائر الأقطار العربية. تمركزت الجيوش في منتصف الطريق بين دمشق وطبريا. فاجأ جيش صلاح الدين جيش الصليبيين في طبريا، فكانت معركة حطّين الذي انتصر فيها جيش صلاح الدين. إستعاد صلاح الدين مدن الساحل بعد فتح القدس سنة 1187 ولم يبقَ للإفرنج سوى مدن صور، طرابلس...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم