ردّ على المقال الأخير للمطران كيرلّس سليم بسترس

الأرشمندريت الدكتور يعقوب خليـل*طالعتُ مقال المطران كيرلّس سليم بسترس وفيه يروي قصّةً عن تاريخ كنيسة أنطاكية الرسوليّة، من دون أن يوثّق قراءته الشخصيّة للتاريخ بالأدلّة العلميّة والمراجع المتخصّصة. وقد استهلّ حكايته وختمها بإبداء حرصه على الوحدة المسيحيّة.لقد ولّى زمن المماحكات الكلاميّة، إذ أَلِف الناس البحث العلميّ وتقصّي الحقائق. ولا غنى عن الحقيقة وحدها التي تُوحّد بين الراغبين في معرفة الحقّ، وتُقرّب المسافات بين المتباعدين. وانطلاقًا من احترام لغة العلم والبحوث، نظّمت جامعة البلمند مؤتمراً علميّاً دوليّاً لاستقصاء الأحداث والتحقُّق من صحّة ادّعاءات كثيرة صدرت عن طرفي النزاع في كنيسة أنطاكية عقب انشقاق "الذين تبعوا نهج الفرنجة" (كما سمّاهم العثمانيّون - لاحقًا "الروم الكاثوليك"). وفي روايته المنشورة غفل سيادته عن نتائج هذا المؤتمر الأوّل من نوعه، الذي أمّته نخبةٌ من العلماء والباحثين من كلّ أنحاء العالم ومن جميع طوائف المسيحيّين، وحضره أحبارٌ وآباء من كنيسة الروم الكاثوليك. وحبّذا لو حضره سيادة المطران بسترس ليناقش روايته مع العلماء وذوي المعرفة بهذا الشأن.تطرّق المطران بسترس في البداية إلى جواب البطريرك الأنطاكيّ بطرس الثالث على رسالة بطريرك القسطنطينيّة ميخائيل، وزعم أنّ البطريرك الأنطاكيّ لم يجد في أيّ من النقاط التي أوردها أخوه القسطنطينيّ ما يستدعي الحرم أو الانفصال. لكن سيادته سها عن أنّ بطرس الثالث استنكر "الشرّ العظيم الذي يستحقّ الأناثيما"، وهو العبث بدستور الإيمان، ولم يقبل إلّا بعودة الغرب عن إضافة "والإبن" (أي التراجع عن قول الكاثوليك بأنّ الروح القدس ينبثق من الآب والإبن معًا، لا من الآب وحده كما ورد في دستور الإيمان استنادًا إلى يوحنّا 15: 26). كما أبدى بطرس الثالث عدم قبوله بالممارسات المحدثة التي تسيء إلى أسرار الكنيسة، ولا سيّما منع الكهنوت عن المتزوّجين، وشدّد على المساواة بين الكنائس الخمس...