علي كميل حجيج*
أعزّائي الفرنسيات والفرنسيين المقيمين في لبنان،
بعد أن اتّخذ رئيس الجمهوريّة الفرنسيّة السيّد إيمانويل ماكرون قراراً قضى بحلّ الجمعية الوطنية، فُتحت أبواب السلطة في فرنسا فعليّاً على التطرّف بجميع أشكاله. فمن جهة اليمين، وضع تعاون الجمهوريين (LR) مع التجمع الوطني (RN) آخر مسمار في نعش الإرث الجمهوريّ للجنرال ديغول. ومن جهة اليسار، سلّم الحزب الاشتراكي (PS) نفسه بالكامل الى السيّد ميلنشون، بعدما كان قد انتقده بشدّة طوال حملته للانتخابات الأوروبية. أمّا في الوسط، فأداء مرشّحة الرئيس ماكرون التي أمضت سبع سنوات في الجمعية الوطنية غير مُرضٍ لفرنسيّي دائرتها، حيث كانت فقط تردّد ما يُطلب منها قوله دون رؤية أو حتى موقف مستقلّ.
بناءً عليه، وبعد أن كنت قد تمكّنت من الحصول على المركز الرابع في انتخابات ٢٠٢٢، قرّرت أن اتقدّم مجدّداً بترشيحي لهذه الانتخابات التشريعيّة، بغية تقديم خيار جديد للفرنسيين المقيمين خارج فرنسا، في الدائرة العاشرة تحديداً. أتقدّم بترشيحي هذا الى جانب زميلتي المرشّحة البديلة ساندرا غريّب المقيمة في الغابون، والتي كنت قد خضت معها الانتخابات السابقة. ولقد اعتمدنا لحملتنا شعار ووعد التجدّد المفيد (Le renouveau utile).
إنّ ترشيحي يحمل طابع الاستقلالية السياسية الكاملة، بعدما تقدّمت باستقالتي من حزب Horizons الذي أسّسه إدوار فيليب، والذي أحيّي قراره الجريء بابتعاده عن الأغلبية الرئاسية. ففي سياق الحروب المتعددة في العالم، أرى أنّ هنالك خطراً حقيقياً بأن يتعرّض فرنسيّو الخارج لتهميش إضافي. لذلك، قرّرت الابتعاد عن حزبي لتحمّل مسؤولياتي والقيام بواجبي الوطني. في هذا الإطار، أشدّد على أنني المرشح الفرنسي-اللبناني الوحيد المستقل سياسياً. لذلك، أطلب من الفرنسيين في لبنان، الذين يشعرون بخيبة أمل من الأحزاب السياسية وأدائها، أن يصوّتوا لي إلكترونياً بدءاً من ظهر الثلثاء، من أجل تجديد مفيد لهم.
أما في ما خصّ لبنان تحديداً، فإن الحرب الدائرة حالياً في الجنوب تهدّد بانزلاق هذا البلد الذي نحبّ إلى دائرة الخطر الكبير. والمخاطر التي قد يتعرّض لها مواطنونا في لبنان في هذه الحالة كبيرة للغاية. فأكثر من أي وقت مضى، يحتاج الفرنسيون في لبنان إلى نائب لديه القدرة الفعلية على الدفاع عن مصالحهم، وضمان أن تمارس فرنسا قوتها التوازنية بشكل أكثر عدلاً. كما يحتاج الفرنسيون في لبنان إلى نائب يشبههم من خلال مسيرته، ويكون قادراً على جمعهم.
من ناحية سياسيّة بحتة، أستطيع القول إنّي أعرف وأتفهّم جيّداً مخاوف فرنسيّي لبنان، التي ليست حكراً على أقصى اليمين أو أقصى اليسار، ولا على النائبة الحالية للدائرة التي تفضّل نقل كلام حزب الرئيس ماكرون إلى دائرتنا، بدلاً من نقل مخاوف الناخبين إلى الرئيس ماكرون. كما أن مخاوف الفرنسيين في الدائرة ليست حكراً على اليمين الجمهوري، الذي خان وللأسف مبادئ وإرث الجنرال ديغول وفقد مصداقيته. في السياق نفسه، لا يمكن توكيل الحزب الاشتراكيّ بهذه المخاوف، فقد اختار في نهاية المطاف الانضواء تحت جناح حزب متطرّف.
إذا منحني الفرنسيون في الخارج وتحديداً لبنان أصواتهم، فسأعمل جاهداً لإحداث التغيير الذي يريدون. وسأكون خير ممثل لهم في زمن العواصف الحاليّ، أي نائباً يعرف كيفية رفع صوت الفرنسيين في لبنان خلال فترات التوتر الشديد. وسوف أتابع جدّياً هواجس الفرنسيين المقيمين في لبنان، الذين غادر أكثر من ٦٠٠٠ منهم، مما يعكس بوضوح مدى قلقهم. سأعمل كذلك لكي تؤدّي فرنسا دورها الكامل في مواجهة التحديات التي يمر بها لبنان، لأن الأصدقاء الحقيقيين يظهرون في أوقات الأزمات. كذلك الأمر، سوف أشارك في جهود خفض التوترات، من خلال الديبلوماسية البرلمانية النشطة. وسأعمل على تأمين قاضي اتصال من قبل وزارة العدل، ليكون صوت فرنسا في لبنان من خلال القانون، وسيحرص على زيادة سرعة وكفاءة التعاون القضائي الثنائي، سواء في الأمور الجنائية أو المدنية.
إضافة إلى ما سبق، أعد ببذل كلّ الجهود الممكنة لمساعدة لبنان للخروج من محنته. فهذا البلد عزيز جداً على الفرنسيين وله مكانة خاصة في قلوبهم، وهم يتضامنون مع مواطنيهم المقيمين فيه ومع اللبنانيين على حدّ سواء في ظلّ الأزمة الحالية.
إنني أترشّح لهذه الانتخابات مع نيّة التحدّث مع الفرنسيات والفرنسيين في لبنان فرداً فرداً، وبحرّية كاملة، للاستماع إليهم ونقل مخاوفهم في دائرة حيوية للغاية لفرنسا. تهدف رسالتي المفتوحة إليكم عبر صحيفة "النهار" الى مشاركتكم تطلّعاتي وطموحاتي لهذه الانتخابات، كما وطلب شرف دعمكم وتصويتكم لي في هذه الانتخابات البالغة الأهميّة في تاريخ الجمهوريّة.
إنّ الظروف الاستثنائية لهذه الانتخابات التشريعية المبكرة لم تسمح لنا للأسف بالقيام بحملة ميدانية، خاصة في مدّة زمنية قصيرة للغاية، وفي دائرة كبيرة جداً تضمّ ٤٩ بلداً. إلا أنني سوف أكون حاضراً في بيروت طيلة الأسبوع بدءاً من اليوم الاثنين ٢٤ حزيران ٢٠٢٤ حيث سألتقي مع أعزائي الناخبات والناخبين الفرنسيين في لبنان لمناقشة برنامجي وأفكاري معهم.
مع فائق الاحترام والتقدير،
* محامٍ – نقابة المحامين في باريس
المرشّح المستقلّ للانتخابات التشريعية لعام ٢٠٢٤،
الدائرة العاشرة للفرنسيين في الخارج