أعلنت وزارة الخارجية المصرية، مساء الثلثاء، تسلمها رئاسة "عملية الخرطوم" خلفاً لألمانيا التي قادت المنصة خلال العام الماضي. ويتواكب تولي القاهرة للمنصة التي تهتم بالتعاون بين دول في شمال أفريقيا وأوروبا بشأن الهجرة غير الشرعية، مع ظهور مؤشرات إلى تزايد الهجرات الأفريقية إلى مصر، خلال الأشهر الأخيرة، حسبما قال خبراء لـ"النهار العربي".
ومع تولي القاهرة رئاسة "عملية الخرطوم" تزايدت التوقعات بقدرتها على لفت انتباه الشركاء الدوليين لتحمل ميزانيتها أعباء استضافة قرابة 9 ملايين مهاجر، وفق تصريحات لمسؤولين مصريين. وكانت الحكومة المصرية أشارت في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، إلى أن تدقيق أعداد "ضيوفها" من كل الجنسيات، يهدف لتحديد الأعباء المالية التي تتحملها لرعايتهم، وأن هذا ليس بهدف إلقاء تلك الأعباء عليهم، ولكن لتخفيفها عنهم، وذلك بمزيد من التنسيق مع الأطراف الدولية والجهات المناحة.
وبحسب البيان الذي أصدرته الخارجية المصرية، فإن السفير إيهاب بدوي، مساعد وزير الخارجية للشؤون متعددة الأطراف والأمن الدولي، تطرق إلى ضرورة تقاسم الأعباء والمسؤوليات الخاصة بملف المهاجرين، كما أشاد بالمنصة باعتبارها محفلاً للحوار والتعاون يجمع دول الاتحاد الأوروبي ودول القرن الأفريقي وشرق أفريقيا وليبيا وتونس - وهي الدول مسار هجرة وسط المتوسط - بالإضافة إلى المفوضية الأوروبية ومفوضية الاتحاد الأفريقي.
ويقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير جمال بيومي لـ"النهار العربي" إن "مصر موضع تقدير من الأوروبيين، فرغم وجود قرابة 9 ملايين ضيف على أراضيها، لم تعلن يوماً أن لديها لاجئين، نحن تعتبرهم ضيوفاً، خصوصاً أن نصفهم تقريباً سودانيون، والسودانيون جزء منا، وقد جاءنا قرابة مليون سوري بالإضافة للفلسطينيين، ومن واجبنا نحوهم أن نستضيفهم".
وأشار الدبلوماسي المصري الذي قاد مفاوضات الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي في تسعينات القرن الماضي: "القاهرة لم تتخذ من هذا الموقف سبيلاً للتخلص من ضيوفها والسماح لهم بالسفر إلى أوروبا بكافة الطرق، وهذا محل تقدير لدى الأوروبيين".
وأضاف بيومي أن "جزءاً من المساعدات الأوروبية لمصر، والتي أعلن عنها خلال الأسابيع الأخيرة، مخصص لزيادة قدرة القاهرة على استيعاب هؤلاء الضيوف". وكان ثمة تقارير تشير إلى أن الاتحاد الأوروبي يعد حزمة مساعدات لمصر تقدر بنحو 8 مليارات دولار أميركي (7.4 مليارات يورو).
ضغوط اقتصادية
ويؤكد سياسيون واقتصاديون مصريون أن الحرب في غزة، والصراع الدائر في السودان، كان لهما أثر ضاغط على الاقتصاد المصري الذي يعاني منذ نحو عامين أزمة شديدة. وفي أعقاب اندلاع الحرب في الخرطوم وغزة، تدفق لمصر مئات الآلاف من المهاجرين، وانضموا بجانب مهاجرين قادمين من دول أفريقية وعربية أخرى إلى ملايين الهاجرين الموجودين في مصر.
ولعبت مصر دوراً محورياً في مواجهة الهجرات غير الشرعية، والتي كانت تتجه بكثافة عبر مهربين محترفين إلى أوروبا، سواء من الأراضي المصرية أو من ليبيا، التي نجحت بالتنسيق مع القاهرة في الحد من تلك الهجرات.
الذكرى العاشرة
ويأتي تسلم مصر لـ"عملية الخرطوم" للمرة الثانية، في الذكرى العاشرة للعملية التي تم إطلاقها عام 2014، وتضم 36 دولة.
وخلال عملية التسلم التي تمت يوم 17 نيسان (أبريل) الفائت، أعرب مساعد وزير الخارجية للشؤون متعددة الأطراف والأمن الدولي عن "تطلع الرئاسة المصرية لمواصلة العمل لتعزيز أنشطة عملية الخرطوم، من خلال طرح أولويات عمل متنوعة تخدم المقاربة الشاملة للتعامل مع ملف الهجرة وتراعي مصالح الدول الأعضاء على جانبي البحر المتوسط، وبما يضمن الملكية المشتركة لهذه العملية".
وأشار بدوي إلى ضرورة الأخذ في الاعتبار أهمية التعاون الدولي للتعامل مع ملف الهجرة، وتفعيل مبدأ تقاسم الأعباء والمسؤوليات، ولتوظيف الهجرة لخدمة أغراض التنمية بدول المصدر والعبور والمقصد، فضلاً عن إلقاء مزيد من الضوء على نشاط هذا المحفل متعدد الأطراف.
ولفت بيان الخارجية المصري إلى أن "العمل جار لبلورة خطة عمل لعقد سلسلة من الأنشطة والاجتماعات وورش العمل لتبادل الخبرات والممارسات الفضلى بهدف رفع كفاءة الكوادر المعنية في الدول أعضاء العملية في عدد من المجالات، لمدة عام تحت الرئاسة المصرية".