بدأت منظمات أهلية مصرية في إعداد "تقارير الظل"، تمهيداً لعرضها على آلية الاستعراض الدوري الشامل التابعة للمجلس الدولي لحقوق الإنسان في جنيف في كانون الثاني (يناير) 2025. وتلك التقارير هي أوراق موازية تقدمها المنظمات الأهلية، بجانب ما تقدمه الجهات الرسمية في الدولة.
وفي إطار الاستعداد لتقديم تلك التقارير خلال فترة تمتد حتى تموز (يوليو) المقبل، عقدت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، والتحالف المصري للاستعراض الدوري الشامل، حلقة نقاشية عن "التشريعات الخاصة بالحريات في ضوء المعايير الدولية والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان"، حضرها خبراء إعلاميون وأكاديميون في مجال الإعلام، وذلك بحسب بيان تلقى "النهار العربي" نسخة منه.
وأشار البيان إلى أن الحلقة النقاشية تناولت التشريعات المصرية المتعلقة بالحريات، ومدى مواءمتها مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، كما ناقشت دور المجتمع المدني في تعزيز التشريعات المتعلقة بالحريات في مصر، ودور مجلس النواب التشريعي والرقابي المتعلق بالحريات في إطار تعهدات مصر الدولية والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان.
جانب من الحلقة النقاشية.
جهات أممية
ويقول الخبير الحقوقي الدولي ورئيس مؤسسة ماعت أيمن عقيل لـ"النهار العربي": "من المفترض أن تعد منظمات المجتمع المدني تقارير الظل حتى تموز (يوليو) 2024 بحد أقصى، وسيتم عقد لقاءات مع "الترويكا" وغيرها من الجهات في الأمم المتحدة، وتعقد جلسة يشارك فيها الوفد الحكومي للدولة المصرية بجانب منظمات المجتمع المدني في كانون الثاني 2025".
وأشار رئيس المؤسسة الحقوقية إلى أنه "يحق لماعت كمنظمة مجتمع مدني عقد مداخلات شفوية وندوات في هذا الإطار، وستقوم مصر بمراجعة التوصيات حتى موعد انعقاد دورة مجلس حقوق الإنسان في حزيران (يونيو) 2025 التي سيتم خلالها اعتماد التوصيات".
وأضاف أن "دور المجتمع المدني يكون قبل الاستعراض وأثناءه وبعده، ويكمن في متابعة تنفيذ التوصيات، حيث تستعرض الدول كل 4 سنوات ونصف السنة؛ ولذلك جرى عقد الحلقة النقاشية (السالفة الذكر) لتقييم مدى التقدم في تنفيذ التوصيات والتحديات التي تعترضها".
الاستثناءات الدستورية
ويؤكد عقيل أن "مصر تعد من الدول الملتزمة بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين، ومن أكثر الدول الملتزمة بالحقوق والحريات الواردة بهما، حيث إن الغائب عن البعض هو أنه حتى استثناءات الدستور، تكون بموجب العهد الدولي الذي سمح بتعطيل بعض الحقوق وقت الأزمات والضرورة، وهو لا يعني التفريط في أرواح المواطنين مثل التعدي على الحق في الحياة".
واستشهد الحقوقي المصري بتصريح المفوضية السامية لحقوق الإنسان الذي تضمن أن التعهدات الدولية للدول يكون من 60% إلى 70% منها مرتبط بالتشريعات والبرلمانات الوطنية، وأن التوصيات المتعلقة بالحريات التي تلقتها مصر أثناء الاستعراض الدوري الشامل منذ 2010 عددها 19 توصية، ومنها 7 في 2010، و11 في 2014، وتوصية واحدة في 2019.
ويقول عقيل إن "مصر قبلت 10 من تلك التوصيات، بينما هناك 3 منفذة بالفعل، وأخذت علماً بـ4، بينما رفضت توصية واحدة، وهي التوصية التي قدمتها تركيا بشأن إلغاء قانون التجمع. كما أن مصر كانت تعلق على بعض التوصيات بطريقة "مبتكرة" بأنها عدائية أو مغلوطة".
تعزيز الحقوق
وطالب الخبير الحقوقي بضرورة تعزيز التوعية الحقوقية للمواطنين، ودعم فرص المجتمع المدني في اقتراح تشريعات، وفتح حوار مع الأحزاب السياسية، وتدريب الكوادر، والتوعية، ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان المكونة من 4 محاور، لافتاً إلى أنه "في أيلول (سبتمبر) المقبل سيكون قد مر 3 سنوات على إطلاقها، بينما لم ينفذ من أهدافها سوى من 10 إلى 15 بالمئة فحسب، حيث تستوجب الأهداف صدور 33 تشريعاً من البرلمان، وللآن لم يصدر سوى تشريعين".
وتطرق عقيل إلى دور البرلمان والمجتمع المدني، وفق بيانات مجلس حقوق الإنسان التي تؤكد أن البرلمانات شريك استراتيجي لتعزيز حقوق الإنسان، وأن الأساس هو التشريعات، والبرلمان هو بمثابة المشرع والمراقب لتنفيذها.
ولفت رئيس ماعت إلى دراسة أجرتها مؤسسته لتقييم الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وقال: "وجدت الدراسة أنه صدر 188 تشريعاً في مصر تتضمن تشريعاً واحداً فقط عن تنفيذ الاستراتيجية، كما أن كل المقترحات البرلمانية مقدمة من الحكومة، باستثناء مقترح واحد فقط، بينما من الأولى أن تقوم الأحزاب بالاقتراحات".
وأوصى عقيل البرلمان، خصوصاً لجنة حقوق الإنسان، بتصنيف التوصيات والتعهدات المصرية، ومتابعة تنفيذ القوانين، وتقييمها، والاضطلاع بدورها الرقابي والتشريعي على نحو كامل. كما طالب بسرعة إصدار قانون تداول المعلومات، لتكتمل منظومة حماية الحريات في مصر.