النهار

حتى "السلام البارد" يتداعى... هل تسحب مصر سفيرها من إسرائيل؟
القاهرة - ياسر خليل
المصدر: النهار العربي
انتقلت العلاقة بين إسرائيل ومصر من مرحلة السلام البارد إلى ما يوصف بأنه صراع دبلوماسي بين الدولتين بعد اجتياح القوات الإسرائيلية أجزاء من الجانب الفلسطيني من مدينة رفح حيث يحتشد قرابة 1.4 مليون فلسطيني، باتت حياتهم معرضة للخطر...
حتى "السلام البارد" يتداعى... هل تسحب مصر سفيرها من إسرائيل؟
لقاء سابق بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
A+   A-

أجمعت مصادر دبلوماسية ومحللون سياسيون مصريون تحدث إليهم "النهار العربي" على أن العلاقات بين مصر وإسرائيل دخلت مرحلة غير مسبوقة منذ توقيع اتفاقية السلام بين البلدين عام 1979، وقد وصفها أحد المحللين بأنها مرحلة "صراع دبلوماسي". وجاء هذا التطور بعد اجتياح القوات الإسرائيلية لمناطق في الجانب الفلسطيني من منطقة رفح، وتعريض حياة نحو 1.4 مليون فلسطيني يحتشدون في المنطقة الضيقة للخطر.

 

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مسؤولين مصريين أن القاهرة تدرس خفض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وسحب سفيرها لدى الدولة العبرية.

 

وقد أعلنت وزارة الخارجية المصرية، الأحد، عزمها "التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر في انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة"، وفق بيان أصدرته الوزارة.

 

وقال المتحدث الرسمي باسمها السفير أحمد أبو زيد، في لقاء إعلامي، يوم الاثنين إن الفرق القانونية المصرية بدأت في إعداد المذكرات المطلوبة، ويمكن لها أن تتقدم بها في أي مرحلة خلال الفترة المقبلة.

 

ويبدو أن الإدارة الأميركية استشعرت ذلك التوتر في العلاقات بين مصر وإسرائيل، وما يشير إلى هذا، أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أجرى اتصالاً هاتفياً، مساء الاثنين، مع نظيره المصري سامح شكري، تمحور حول "الأبعاد الإنسانية والأمنية للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، وما اتصل بذلك من سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح ومنع دخول المساعدات الإنسانية".

 

 

سلام بارد

وتقول  أستاذة العلوم السياسية وعضو الهيئة الاستشارية للمجلس المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الدكتورة نهى بكر لـ"النهار العربي" إنه "حتى بعد كامب ديفيد حدث سلام بارد لأن الشعب لم يستطع تخطي ’الدم’ بينه وبين إسرائيل، لذا حدث سلام على الورق، لكن عملية بناء السلام لم تتقدم، ولم يجر تبادل اقتصادي وتجاري وثقافي وسياحي وما إلى ذلك".

 

وعلى مر أكثر من 40 عاماً هي عمر معاهدة السلام التي تم توقيعها بين الدولتين برعاية الولايات المتحدة، ظل السلام بين البلدين "بارداً"، ولم يتجاوز أروقة السياسة والدبلوماسية إلى الشارع المصري.

 

وتشير عضو الهيئة الاستشارية للمجلس المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية إلى أن "الوضع استمر على ما هو عليه، يزداد أحياناً وينقص، والجانب المصري في حالة سكون، إلى أن جاءت أحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر)، واشتعل الوضع، وكانت هناك جهود مصرية مقدرة من الجانب الإسرائيلي، للمساعدة في التوسط بين حماس والإسرائيليين".

 

بعد هذه الأحداث، لم يعد الأمر متعلقاً برفض أو قبول بعض المصريين للسلام مع إسرائيل، ولكن حدثت حالة غضب، وتقول بكر: "لم يعد الأمر مرتبطاً بالساسة فحسب، ولكن ثمة ضغط شعبي. الدولة تقف مع الجانب الإنساني وتقديم المساعدة للفلسطينيين، وتحافظ على السلام مع الإسرائيليين، لكن سياسات حكومة بنيامين نتنياهو جعلت إسرائيل تبدو كدولة مارقة لا تحترم القانون الدولي، وبات الغضب الشعبي متزايداً".

 

وتلفت بكر إلى أن "العلاقة بين مصر وإسرائيل دخلت في الآونة الأخيرة إلى ما يمكن أن نسميه صراعاً دبلوماسياً، فقد اعتزمت مصر دعم دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، إذ تدين القاهرة بشدة الانتهاكات الإسرائيلية، وقد تخطت إسرائيل كافة الخطوط الحمراء التي حذرت منها القاهرة، لذا بتنا أمام صراع دبلوماسي، وغضب شعبي".

 

 

تدهور غير مسبوق

من جانبه، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور خالد سعيد أنه "منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى واشتعال الأوضاع في غزة، ومصر تحذر من تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء، وإلقاء عبء الشعب الفلسطيني في غزة على كاهل الحكومة المصرية، وتحذر أيضاً من استمرار الحرب في غزة، ووقوع ضحايا مدنيين، ومن منع دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع".

 

ويضيف في حديث لـ"النهار العربي": "كل هذا يعكس نوعاً من الصبر الاستراتيجي من القاهرة حيال إسرائيل، وفي المقابل كان الجانب الإسرائيلي يواصل صلفه وتعنته، حتى حدث الطامة الكبرى بدخول القوات الإسرائيلية إلى الجانب الفلسطيني من رفح... لم نر على مدار الأربعين عاماً الماضية تطورات خطيرة كهذه".

 

ويعتقد الباحث الأكاديمي أن "الأزمة ليست مع نتنياهو فقط، بل إنها مع حكومته برمتها، لأن بها الكثير من الشخصيات المتطرفة، ومنها  وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، كما أنني أرى أن وزيرة الاستيطان الإسرائيلية أوريت ستروك شخصية لها توجهات خطيرة، ربما توازي في خطورتها بن غفير وسموتريتش معاً".

 
اجتاحت قوات إسرائيلية مناطق في الجانب الفلسطيني من رفح
 

ويشير سعيد إلى أنه "إذا كنا في الماضي نرى وزير خارجية إسرائيل السابق أفيغدور ليبرمان يهدد بضرب السد العالي في مصر، فنحن الآن أمام حكومة ليست على وفاق مطلقاً مع القاهرة. إنها حكومة يمينية متطرفة، وأعتقد أن العلاقات قد تزداد سوءاً إذا لم يتم توقيع اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس خلال الأيام القليلة المقبلة، وتقديم اعتذار إسرائيلي على اجتياح مناطق في رفح... أعتقد أن مصر سوف تطالب إسرائيل بالخروج من رفح، وليس رفح فحسب ولكن من غزة كاملة، وهذا ليس مطلباً مصرياً فقط، ولكنه مطلب عربي ودولي".

 
 

اقرأ في النهار Premium