ذكرت تقارير عبرية أن قادة الجيش الإسرائيلي وافقوا، أخيراً، على خطط المرحلة التالية من اجتياح مدينة رفح الفلسطينية، مشيرة إلى أن الخطط تقضي بتوسيع الهجوم العسكري الإسرائيلي على المدينة التي يحتشد بها قرابة 1.4 مليون فلسطيني.
توسيع الهجوم الإسرائيلي على رفح، وتعريض حياة مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين للخطر، من المتوقع أن يتسبب في تأجيج حدة التوتر المتصاعد أصلاً بين مصر وإسرائيل، منذ 7 آب (أغسطس) الماضي، وتزايد الاحتقان بين البلدين بعد اجتياح إسرائيل مناطق في الجانب الفلسطيني من رفح، قبل نحو أسبوعين، رغم تحذيرات مصرية وعربية ودولية متكررة من خطورة هذه الخطوة.
وفي ظل التوتر الذي لم تشهد العلاقات المصرية - الإسرائيلية مثيلاً له منذ توقيع معاهدة السلام بين الدولتين قبل نحو 40 عاماً، فإن التأويلات والتوقعات تتباين. فثمة من يرى أن التوتر الدبلوماسي مرشح للتصاعد بقوة وأن دعم مصر للدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية هو أحد تجليات هذا التصاعد، وهناك من يعتقد أن القاهرة سوف تتجه لاستدعاء سفيرها لدى إسرائيل، كما برزت مطالبات شعبية بمراجعة أو تجميد معاهدة السلام مع الدولة العبرية.
وسط هذا المشهد المعقد والمتأجج سياسياً وشعبياً، حاور "النهار العربي" أحد أبرز الخبراء المصريين في الشأن الإسرائيلي، وهو السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، ومدير إدارة إسرائيل بالخارجية المصرية سابقاً.
التوتر مستمر
يقول السفير هريدي: "مما لا شك فيه أن العدوان الإسرائيلي المستمر منذ قرابة 8 أشهر على قطاع غزة، ثم الممارسات القمعية الإسرائيلية المتزايدة ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، والاعتداءات الإسرائيلية المتتالية على جنوب لبنان، وأخيراً الهجوم الإسرائيلي على رفح، كل ذلك من الطبيعي أن يؤدي إلى توتر العلاقات بين مصر وإسرائيل".
ويضيف مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق: "هذا التوتر طبيعي. برغم أننا وقعنا مع إسرائيل معاهدة سلام كخطوة أولى في طريق الحل الشامل والعادل للنزاع العربي - الإسرائيلي، والنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي، إلا أننا نجد أمامنا دولة تنتهك ميثاق الأمم المتحدة، وتنتهك الأسس التي قامت عليها معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية، وتهدد الأمن القومي المصري، وتهدد دول الجوار. لذا فلا شك أن هذا يؤثر في العلاقات ويؤدي إلى مزيد من التوتر".
استدعاء السفير
وعن حديث بعض التقارير الصحافية الغربية عن اتجاه مصر لاستدعاء سفيرها لدى إسرائيل، يقول هريدي: "كلما أمعنت إسرائيل في هذا النهج العدواني، زادت حدة التوتر في علاقاتها مع مصر، ومن الممكن جداً أن تقوم مصر باستدعاء سفيرها في إسرائيل للتشاور".
وعن اعتبار بعض وسائل الإعلام أن هذه الخطوة تعني خفضاً في مستوى العلاقات الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل، يقول: "أي دولة يمكن أن تستدعي سفيرها للتشاور إذا كان هناك حاجة لذلك، وقد يستمر هذا الاستدعاء لمدة 48 ساعة، أو قد تستدعيه لفترة أطول، مثلما فعلت القاهرة بعد الانتفاضة (الفلسطينية) الثانية في أيلول (سبتمبر) 2000، واستمر الاستدعاء لنحو عام ونصف، أو عامين، على ما أتذكر... هذا القرار يتوقف على مدى تطور الأمور في غزة ورفح".
معاهدة مفتوحة
وبشأن مدى إمكانية تطور الأمور إلى تجميد أو مراجعة اتفاقية السلام المصرية - الإسرائيلية، يقول هريدي: "للأسف الشديد هذه المعاهدة مفتوحة، بمعنى أن بعض المعاهدات يتم تحديد فترة لها، كأن يكتب بها نص يشير إلى أنها سارية لمدة 25 عاماً على سبيل المثال، أو بعضها يسمح بأن ينسحب أحد أطرافها من المعاهدة بعد إخطار يسبق انسحابه بعام أو 6 أشهر".
ويشير الدبلوماسي المصري إلى أن "معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية ليست كذلك، لا يوجد بها أي من هذه الشروط، ولا يوجد حتى بند لمراجعتها بعد مدة محددة، وهذا هو المأزق"، لافتاً إلى أن "مصر تتحدث دائماً عن العلاقات مع إسرائيل، ولا تتطرق إلى الحديث عن معاهدة السلام".
القوات المشتركة
بعد الهجوم المكثف التي شنته إسرائيل على غزة، ومقتل الآلاف من الضحايا المدنيين، ذهب البعض إلى ضرورة تشكيل قوات عربية، وتفعيل فكرة البروتوكول الذي ولد عام 2015 بناء على معاهدة الدفاع العربي المشترك والتعاون الاقتصادي، الذي وقعت عليه سبع دول عربية عام 1950.
وعن هذه الفكرة يقول هريدي: "لا توجد قوات عربية مشتركة، ولن توجد قوات عربية مشتركة، ولم ينجح العرب مطلقاً قبل عام 1967 أو بعده في تشكيل قوات عربية تحت قيادة مشتركة"، معتبراً أن "هذه مجرد شعارات" غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع.