أكد المبعوث الأميركي الخاص للسودان طوم بيريللو أن هناك إجماعاً قوياً في أوساط السودانيين على رفض عودة المسؤولين الفاسدين أو العناصر المتطرفة الى الحكم. وكشف أنه يجري محادثات مع فريقي الحرب في السودان، فضلاً عن الجهات الفاعلة الخارجية الرئيسية في أفريقيا وعبر منطقة الخليج لاستئناف محادثات جدة، إلا أن لا موعد رسمياً لذلك بعد.
أكد المبعوث الأميركي الخاص للسودان طوم بيريللو أن هناك إجماعاً قوياً في أوساط السودانيين على رفض عودة المسؤولين الفاسدين أو العناصر المتطرفة الى الحكم. وكشف أنه يجري محادثات مع فريقي الحرب في السودان، فضلاً عن الجهات الفاعلة الخارجية الرئيسية في أفريقيا وعبر منطقة الخليج لاستئناف محادثات جدة، إلا أن لا موعد رسمياً لذلك بعد.
وقال بيريللو في حديث لـ"النهار" إن على الجيش السوداني الالتزام بمحادثات السلام، و"قوات الدعم السريع" التراجع عن مواقعها في الفاشر، معتبراً أن ثمة فرصة للتوصل إلى نتيجة سلمية تفيد المنطقة بأكملها، لكن هذا الوقت آخذ في التضاؤل. ولفت إلى أن ما يحتاج إليه الشعب السوداني من الجهات الخارجية هو الضغط على الجانبين للحضور إلى جدة وقبول اتفاق السلام.
+ ترددت مؤخراً تصريحات عن احتمال استئناف محادثات جدة لإنهاء حرب السودان تقريباً. ماذا يجب أن تكون أسس اتفاق للسلام في هذا البلد بعد أكثر من سنة من الصراع الدموي؟
- التقيت آلافاً وآلافاً من السودانيين، خارج البلاد وداخلها، وجميعهم كانوا واضحين جداً في أن الأولوية يجب أن تكون لإنهاء العنف فوراً والحصول على الغذاء والمساعدات الإنسانية وتوفير الدواء إلى البلاد كلها، حيث نرى الملايين والملايين يعانون من المجاعة أو ظروف قريبة من المجاعة، والأمراض. وبالطبع لدينا موسم الأمطار قريباً مما سيجعل معالجة كل هذا أكثر صعوبة. لذا يجب الوقف الفوري للعنف مع إمكانية وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل، مع دعم حوار سياسي كامل وشامل للشعب السوداني لتحديد مستقبله.
+هل ثمة موعد مبدئي لمحادثات جدة؟
- لا موعد رسمياً بعد، ولكننا نجري محادثات كل يوم. ونحن نتفاوض مع كل القوات المقاتلة داخل السودان، فضلاً عن الجهات الفاعلة الخارجية الرئيسية في جميع أنحاء أفريقيا وعبر منطقة الخليج. كل يوم هو جزء من المفاوضات لأننا نشعر بإلحاح بشأن وقف هذه الحرب، ولكننا نأمل أن نرى التزاماً بالمحادثات الرسمية قريباً جداً.
+ صرحتم سابقاً بأن اتفاقاً لسلام دائم لا ينبغي أن يكون وسيلة لمسؤولين فاسدين سابقين أو عناصر متطرفة للوصول إلى السلطة من الباب الخلفي. فكيف يمكن تحقيق ذلك وهذه العناصر لها اليد العليا الآن في البلاد؟
- أعتقد أنهم لا يملكون السيطرة في البلاد. أولاً هم لا يحظون بدعم الشعب السوداني. تسمع ذلك بوضوح شديد، سواء من السودانيين في الخرطوم أو بورتسودان، أو من دارفور أو كردفان. ثمة إجماع قوي بين الشعب السوداني على أنه لا يريد رؤية عودة المسؤولين الفاسدين أو العناصر المتطرفة. نحن بحاجة لرؤية القوتين المتقاتلتين تجلسان إلى طاولة المفاوضات.
الأمر الجيد هو أن الشعب السوداني واضح جداً بشأن رغبته في مستقبل ديموقراطي شامل ورفضه الهجوم بهذه الطريقة من العناصر الخارجية والمتطرفين.
+هل سيكون المجتمع المدني جزءاً من هذه المفاوضات؟
- المجتمع المدني جزء من المفاوضات كل يوم. نتحدث عن خطة شاملة للسلام والديموقراطية في السودان. وهذه الاستراتيجية الشاملة جاءت بالفعل من الشعب السوداني. وسيكون لها أجزاء مختلفة: محادثات وقف العنف، ووصول المساعدات الإنسانية، والحوار السياسي. وأعتقد أن هذا الإطار العام قد تم تشكيله من قبل المجتمع المدني السوداني. ويحتاج هذا أيضاً إلى وضع إطار العمل لكل جزء.
ولذلك نرى أن شروط مسار جدة قد تم وضعها بالفعل من الشعب السوداني في ما يتعلق بهذه الرغبة في إنهاء العنف، والحصول على المساعدات الإنسانية، وحماية القرارات السياسية للحوار السياسي الذي سيتبعه. وسوف نستمر في محاولة الاسترشاد بالمجتمع المدني السوداني، وخاصة الشباب الذين لا يمثلون غالبية الشعب السوداني اليوم فحسب، بل يمثلون مستقبله بوضوح.
+لكن هؤلاء الشباب الذين تتحدث عنهم، وكانوا أيضاً جزءاً من الثورة، أين هم الآن؟
- هم في كل مكان. أعني أن الشباب، والعديد منهم لا يزالون في الداخل، عالقون في ظروف مروعة. وقد اضطر الكثيرون إلى الفرار... لكنهم ما زالوا منخرطين بعمق داخل السودان (....).
+(...) بشكل عام، هناك شعور بأن الحرب السودانية أصبحت جبهة منسية مع الحرب في أوكرانيا والحرب في غزة. من يتحمل مسؤولية هذه المعاناة الطويلة؟
- حسناً، تقع المسؤولية على عاتق القوتين المتقاتلتين اللتين قررتا القيام بالانقلاب معاً قبل بضع سنوات ومن ثم شن حرب أهلية ضد بعضهما البعض وصراع على السلطة مما يعرض الشعب السوداني بأكمله للخطر.
هذه ليست مجاعة سببها إعصار أو جفاف. (...) هذه مشكلة إنسانية خلقها الناس داخل السودان. وصحيح أيضاً أن العالم كان صامتاً وبطيئاً بشكل لا يغتفر في الاستجابة للأزمة في السودان. واشنطن فهمت منذ البداية حجم هذا الصراع وتحاول إنهاءه، ولكننا بحاجة إلى حلفاء من جميع أنحاء المنطقة ومن جميع أنحاء العالم يهتمون بهذا الأمر.
+هل تنسق الولايات المتحدة مع القوى والمنظمات الإقليمية؟
- كنت على اتصال منتظم مع نظرائنا في الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. وشملت رحلتي الأخيرة التوقف في مصر وكينيا وأوغندا والسعودية والإمارات. نحن على اتصال يومي افتراضياً. لقد قمت للتو بعقد لقاءات مع ما يقرب من 200 شباب سوداني، داخل السودان وخارجه.
نعمل بالتأكيد على بناء تحالف أكبر من الجهات الفاعلة الإقليمية والعالمية الملتزمة بعملية السلام. ونأمل أن يؤدي ذلك إلى نتائج قريباً. لكننا ندرك أن هذه العملية جاءت متأخرة بشكل مأسوي، نظراً لمستوى المعاناة.
+هناك أيضاً لاعبون عالميون في السودان. وبحسب صحيفة "التايمز" البريطانية فإن موسكو وافقت على بيع الجيش السوداني أسلحة مقابل قاعدة على البحر الأحمر، فيما تواصل إمداد عدوه عبر مرتزقة. وفي الوقت نفسه، قامت إيران أيضاً بتسليح الجيش السوداني بطائرات بدون طيار. كيف ترون دور هذه القوى في السودان (...)؟
- ما يحتاجه السودان من دول المنطقة ومن أنحاء العالم هو الغذاء والدواء والضغط على الجانبين للحضور إلى جدة وقبول اتفاق السلام. رسالتنا واضحة لجميع أولئك الذين يقفون إلى جانب تأجيج هذه الحرب بدلاً من محاولة الوقوف إلى جانب الشعب السوداني، وهو أن هذه التكاليف سوف ترتفع.
وتعمل الولايات المتحدة على زيادة التكاليف التي يتحملها أولئك الذين يغذون الحرب. ولكننا أيضاً في وضع حيث سيخسر الجميع. إذا صار السودان أشبه بدولة فاشلة أو إذا وصلنا إلى حرب أهلية طويلة الأمد (...) بين مجموعات عرقية وقبلية متعددة، فمن المرجح أن يجذب ذلك الجيران. نحن نتحدث عن بلد يبلغ عدد سكانه 50 مليون نسمة وله أهمية استراتيجية هائلة.
الجميع سيخسرون من المسار الحالي لهذه الحرب. قوات الدعم السريع تخسر، والقوات المسلحة السودانية تخسر، والجهات الخارجية تخسر.
+هل أنت على علم بالصفقة مع الروس؟
+ السودان هو المكان الذي تظهر فيه الكثير من القصص في الوقت الحالي، ولا تزال الأسئلة بشأنها عالقة. نحن نعلم بالتأكيد أنه حصلت زيارات. لقد كان هناك جدل طويل بشأن هذه المسألة المتعلقة بالموانئ البحرية والوصول إلى الموانئ.
+سؤالي الأخير. وصفت الأمم المتحدة الحرب في السودان بأنها واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في الذاكرة الحديثة. هل يمكن لهذه الحرب أن تدفع الولايات المتحدة إلى إرسال قوات برية؟
-حسناً، ليس لدينا خطط في الوقت الحالي تتضمن إرسال قوات برية، لكن يمكنني أن أقول إن هذه أزمة تتعلق في المقام الأول بالمعاناة الإنسانية، سواء المجاعة والتفجيرات المروعة والفظائع، والاغتصاب والتعذيب للناس، والتطهير العرقي. إنها فظائع وعلى العالم أن يرد عليها. يمكن أن يزداد الأمر سوءاً عندما تبدأ بعض الفصائل في الانقسام، وكأن تسقط الفاشر مع حلول موسم الأمطار. وبالتالي، لم يبق لدينا أي وقت. على الجيش الالتزام بمحادثات السلام، وعلى قوات الدعم السريع التراجع عن مواقعها في الفاشر. هناك فرصة هنا للتوصل إلى نتيجة سلمية يمكن أن تفيد المنطقة بأكملها، لكن هذا الوقت آخذ في التضاؤل. ويتعين علينا أن ننظر إلى عمل دبلوماسي أقوى بكثير عبر جميع مؤسساتنا المتعددة الأطراف وجميع علاقاتنا الثنائية لكي نقول لقد طفح الكيل.