مرّة واحدة يومياً على الأقل، تتوقف محرّكات المراوح وأجهزة التكييف والثلاجات عن العمل في مصر مع انقطاع التيار الكهربائي، وسط درجات حرارة تزيد عن ال40 مئوية منذ أكثر من شهر.
تتوقّف المصاعد وتُلغى الاجتماعات أو يعاد تحديد مواعيد لها مع عودة الكهرباء للعمل بعد ساعة أو اثنتين. وهذا الأسبوع، امتد الانقطاع إلى ثلاث ساعات، ووصل إلى ست ساعات يومياً في بعض المناطق.
وتقوم الحكومة المصرية بقطع الكهرباء بانتظام منذ عام بسبب أزمة طاقة مصحوبة بشحّ في العملات الأجنبية أدّى إلى عدم توافر الوقود اللازم لتشغيل محطّات الكهرباء.
كانت فترات الانقطاع في البداية تصل إلى ساعة واحدة وأحياناً أقلّ، وليست الإجراءات الهادفة إلى خفض استهلاك الوقود على المستوى نفسه في كل أنحاء البلاد.
ففي مدينة أسوان الواقعة في جنوب البلاد وحيث وصلت درجات الحرارة الى أكثر من 50 مئوية في الظل هذا الشهر، "تُقطع الكهرباء لمدّة أربع ساعات يومياً ما يؤدي إلى انقطاع المياه أيضاً" بسبب توقّف محرّكات الدفع، بحسب ما يقول طارق المقيم غرب أسوان، لوكالة " فرانس برس ".
ويضيف الرجل الذي طلب استخدام اسم مستعار "في القرى على وجه الخصوص، ليست هناك مواعيد محدّدة أو منتظمة لقطع التيار. الطعام يفسد في الثلاجات والناس يصابون بإجهاد حراري".
في القاهرة حيث راوحت درجات الحرارة عموماً ما بين 40 و45 مئوية في الظل خلال الأسابيع الأخيرة، تنقطع الكهرباء كذلك في مواعيد غير منتظمة وغير معلنة سلفاً.
ارتفاع الحرارة وزيادة التململ
مع موجات الحر المتتالية، ازدادت فترات انقطاع الكهرباء وازداد التململ الذي عبّر عنه عدد من الإعلاميين.
وكتبت الاعلامية لميس الحديدي عبر منصّة " إكس "، "يعني قطع الكهرباء أربع ساعات في درجة حرارة 43 وبدون مواعيد محدّدة؟".
وأضافت "هنا ناس متقدّمون في السن لا يتحمّلون، وهناك أشخاص مرضى وطلبة يدرسون وأشخاص يعلقون في المصاعد.. الكهرباء ليست رفاهية".
وتأتي أزمة الكهرباء في ما يواجه المصريون أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود تسبّبت بتآكل مدخراتهم وهم يكافحون من أجل توفير نفقات حياتهم اليومية.
ومنذ نهاية 2022، فقدت العملة المصرية ثلثي قيمتها، وبلغ التضخّم العام الماضي 40% مسجّلاً رقماً قياسياً.
وطالب الإعلامي المصري البارز عمرو أديب الأحد الماضي في برنامجه "الحكاية" على شبكة "أم بي سي" والذي يحظى بنسبة مشاهدة عالية، السلطات المصرية، بأن تصارح المصريين بـ"الحقيقة".
وقال إن الحكومة "فشلت" في وضع جدول بمواعيد انقطاع التيار وفي الالتزام بالمواعيد التي أعلنت عنها. "كل ذلك ونحن نعرف أن هناك زيادات قادمة في أسعار الكهرباء".
ورفعت الحكومة أسعار الكهرباء في كانون الثاني (يناير) الماضي، وأعلنت أنّها قد ترفعها مجدّداً مع بداية السنة المالية الجديدة في تموز (يوليو).
وهذا الأسبوع، انقطع التيار في بعض أحياء القاهرة عند منتصف الليل إضافة إلى الانقطاع المعتاد نهاراً ما أدّى إلى تزايد التململ.
وعقد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مؤتمراً صحافياً الثلاثاء قدّم فيه "اعتذاراً للمواطنين"، وقال إن قطع الكهرباء سيستمر لمدّة ثلاث ساعات يومياً هذا الأسبوع، ولكنه تعهّد بأن تعمل الحكومة على حلّ الأزمة تدريجياً بحلول نهاية العام الجاري.
وقال مدبولي إن تزايد فترة قطع التيار جاء نتيجة توقّف إمدادات الغاز التي تحصل عليها مصر "من إحدى الدول المجاورة" لمدّة 12 ساعة، بدون تسمية البلد.
وكانت مصر عقدت منذ العام 2020 اتّفاقاً مع شركات إسرائيلية لاستيراد الغاز الطبيعي لكي تقوم بتسييله وإعادة تصديره إلى أوروبا.
وبسبب توقّف إمدادات الغاز الطبيعي، توقّفت هذا الأسبوع مصانع أكبر شركتين للأسمدة في مصر وهما أبو قير ومصر لإنتاج الأسمدة.
وأكّد مدبولي الذي كُلّف مطلع الشهر الجاري بتشكيل حكومة جديدة، أن مصر ستخصص 1,2 مليار دولار، أي ما يعادل 2,6% من احتياطياتها من العملات الأجنبية، لشراء وقود خلال تموز.