النهار

"الدعم السريع" يدخل سنجة... الجيش السوداني صامت وحرب الجسور تعود
طارق العبد
المصدر: النهار العربي
يحبس السودانيون أنفاسهم بعد حصول تحولات ميدانية مهمّة في الأيام الماضية، مع انتشار "قوات الدعم السريع" في عاصمة ولاية سنار، وسيطرتها على قطع عسكرية عدة، وسط صمت مريب من الجيش السوداني
"الدعم السريع" يدخل سنجة... الجيش السوداني صامت وحرب الجسور تعود
سودانيون يغادرون مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار بسبب المعارك العنيفة. (أ ف ب)
A+   A-
يحبس السودانيون أنفاسهم بعد حصول تحولات ميدانية مهمّة في الأيام الماضية، مع انتشار "قوات الدعم السريع" في عاصمة ولاية سنار، وسيطرتها على قطع عسكرية عدة، وسط صمت مريب من الجيش السوداني، وارتباك تعيشه ولايات الجنوب والشرق، فيما عادت معارك الجسور لتشتد، وسط تدمير جزئي للممر الوحيد الرابط بين مدينتي بحري وأم درمان.

ارتباك بعد سيطرة "الدعم" على سنجة 
بعد سيطرة "الدعم السريع" على جبل موية الاستراتيجي في مدخل ولاية سنار، وسّع نطاق سيطرته بالانتشار نحو العمق، ليصل للمرّة الأولى إلى الفرقة 17 مشاة، ثم إلى مدينة سنجة عاصمة الولاية. حصل ذلك بالتزامن مع زيارة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان قبل مغادرته إلى منطقة الفاو بالقضارف. 
 
عاد "الدعم السريع" وأعلن تمدّده في اتجاه اللواء 67 مشاة، وكذلك اللواء 165 مشاة، فيما تقول مصادر محلية لـ"النهار العربي" إن القوات النظامية تراجعت إلى قلب مدينة سنار، ثاني أكبر مدن الولاية، وسط استمرار توسع "الدعم السريع" حتى جسر النيل الأزرق. 
 
كما شهد "كُبري الدندر"، المؤدي إلى ولاية القضارف، حالة نزوح كثيفة. وبدا لافتاً إعلان أحمد العمدة، حاكم ولاية النيل الأزرق، حظر التجوال في المنطقة لمدة 12 ساعة يومياً، ما يشير إلى حجم القلق من وصول الدعم إلى مناطق كانت تُعدّ مستقرة نسبياً، مع خطر امتداد الحرب للمرّة الأولى في اتجاه جنوب السودان وشرقه.
 
في مقابل الحملة الإعلامية المواكبة لتقدّم "قوات الدعم السريع"، بدا مستغرباً امتناع الجيش عن توضيح ما يجري في المنطقة، إذ اكتفى نبيل عبد الله، المتحدث باسم القوات المسلحة، بالإشارة إلى استمرار القتال في عاصمة الولاية، مؤكّداً تمسك الجيش بمواقعه في المدينة. غير أن ناشطين ميدانيين أكّدوا لـ"النهار العربي" أن سنجة باتت بالكامل في قبضة "الدعم السريع"، مع تركيز للقوات النظامية في منطقة جبل الدود غربي جبل موية، ويبعد عن سنجة 40 كيلومتراً.
 
ويقول المقدّم المهندس المتقاعد الطيب المكالبي إن سيطرة "الدعم السريع" على سنجة تعني استحداث نقاط تقاطع جديدة لإمداد المساعدات وحركة التجارة الداخلية الضرورية، مضيفاً لـ"النهار العربي": "الوضع في ولاية سنار ومدينة سنجة على وجه الخصوص يهدف إلى جرّ السودان للمزيد من التهجير واللجوء والنزوح، ولزيادة خطر المجاعة".
 
ويتحدث المكاليبي عن التهديدات التي تلامس اليوم ولايات النيل الأزرق والقضارف، فيقول: "إن نهج الدعم السريع في القتال لا يستثني أي مدينة، وسلوك القوات المسلحة في القتال يجعل كل المدن تحت دائرة الخطر، ولا تستثني من ذلك أي مدينة أو منطقة".
 
ما سرّ السقوط السريع للحاميات العسكرية؟
كان غريباً تراجع قوات الجيش السوداني أمام تقدّم "الدعم السريع" في سنجة. يردّ المحلل العسكري عبد السلام أحمد ذلك إلى استراتيجية الهجوم المباغت التي يتبعها "الدعم السريع" في عملياته، "من دون أن يتمكن الجيش من اللحاق بها، وهذا ما أدّى إلى عزل الفرق والقطع العسكرية بعضها عن بعض، وسهّل عملية الانتشار في ولاية باتت تفصل وسط السودان عن شرقه". 
 
يضيف أحمد لـ"النهار العربي": "لا يتمتع ’الدعم السريع‘ بخزان بشري كبير، لكنه ينتشر بشكل كبير وبدفعات متلاحقة. وعلى الرغم من التعزيزات التي وصلت من المناقل والفاو باتجاه سنار، لكن الهجوم كان كثيفاً وبزخم ناري مكّن ’الدعم‘ من الاستيلاء على الفرقة 17 ثم ألوية المشاة، وتوجيه تهديد ناري لكبري النيل الأزرق، ما يعني امتداد الخطر إلى القضارف والنيل الأزرق". 
 
الجسور مستهدفة
في العاصمة الخرطوم، عادت المعارك لتطال الجسور بين المدن الثلاث، إذ أفاد مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة أن "قوات الدعم السريع" أقدمت مساء الأحد على تدمير جزء من "كُبري الحلفايا" من الناحية الشرقية، "ما تسبب بحدوث أضرار بالهياكل الخرسانية". ونفت مصادر قريبة من "الدعم السريع" هذه الاتهامات، رادة إياها إلى الجيش بهدف عرقلة وصوله إلى شمالي أم درمان، بحسب قولها.
 
ويعدّ جسر الحلفايا الوحيد الرابط بين مدينتي بحري وأم درمان، بعدما خرج جسر شمبات من الخدمة في الخريف الفائت. وهذا من أكبر جسور السودان، إذ يمتد على طول 910 أمتار وعرضه 27 متراً، وكان يشهد حركة مرور لا تتوقف على مدار الساعة.
 
وبحسب الخبير الميداني ياسر عبد الرحمن، يتمتع الجسر بأهمية نوعية، إذ يصل إلى مشارف القواعد العسكرية للجيش السوداني في أم درمان. ويضيف لـ"النهار العربي": "احتفظ الجيش بسيطرته على الجهة الغربية مستفيداً من الرصد الناري في قاعدة وادي سيدنا من جهة، وفي الكلية الحربية شمالاً. أما شرقاً فإن ’الدعم السريع‘ يسيطر على مدينة بحري، ولم تتمكن هجمات الجيش المنطلقة من معسكر حطاب والكدرو وسلاح الإشارة من إحكام السيطرة على المدينة، على رغم العملية النوعية التي نفّذها قبل أسابيع، حين عبرت وحدات خاصة الكُبري للتوسع في بحري، لكنها انسحبت لأسباب مجهولة".
 
ضرر محدود
من جانب آخر، يقلّل المحلل العسكري محمد الفاتح من أهمية الدمار الذي لحق بالجسر، ويصفه بأنه "ضرر جزئي لا يمنع ’الدعم السريع‘ من التقدّم إلى أم درمان". ويضيف لـ"النهار العربي": "هذه العملية لا تشبه ما جرى في كُبري شمبات، لكنها تتماشى مع ضربات الجيش في اتجاه مصفاة الجيلي وحتى خزان جبل أولياء، ومؤخّراً المحطة الحرارية في بحري".
 
ويتابع الفاتح: "يسعى الجيش إلى ضرب أي موقع حيوي تسيطر عليه قوات الدعم"، مستنداً إلى المقاطع التي انتشرت، وتُظهر ضرراً محدوداً لا يشكّل برأيه عائقاً أمام عبور الآليات المتوسطة، مستفيدة من عرض الجسر.
 

اقرأ في النهار Premium