تبلغ نسبة المواطنين المصريين من ذوي الاحتياجات الخاصة قرابة 10.6 بالمئة من السكان، أي ما يناهز 12 مليون نسمة. في السنوات العشر الأخيرة بدأت هذه الفئة من المواطنين، تتجاوز إثارة مشاعر التعاطف التلقائية التي تنتاب المحيطين بهم، وانتقلت بقوة نحو إثارة الإعجاب بقدراتهم وإبداعهم، فقد حقق عدد منهم طفرات غير مسبوقة في مجالات عدة، كما أن وسائل الإعلام سلطت الأضواء عليهم بشكل غير مسبوق.
ويقول الشاعر والمؤلف والممثل الشاب عبد الرحمن الديب (21 عاماً) لـ"النهار العربي": "لم يعد الشخص الذي أصيب بإعاقة كما كان ينظر إليه في الماضي: إنسان يجلس تحت "البطانية" خاملاً، ينتظر المساعدة ممن حوله. لقد بتنا أشخاصاً منتجين وقادرين، لنا أحلام حدودها عنان السماء".
غلاف مبادرة "طاقة مش إعاقة"
مبادرة طموحة
قبل نحو عامين ولدت فكرة مبادرة جديدة في عقل الديب، أطلق عليها "طاقة مش إعاقة"، وبدأ بحماس في تكوين فريق يدمج بين ذوي الهمم والأشخاص العاديين، ووضع مع فريقه عدداً من الأهداف الطموحة.
وتستهدف المبادرة طلبة الجامعات والمعاهد من ذوي الهمم بأطيافهم المتباينة، وترمي إلى تغيير الظروف التي يؤدي فيها ذوو الهمم الامتحانات الدراسية، بحيث تتوافق مع ظروفهم الخاصة، وكذلك توفير كتب صوتية، وأخرى بطريقة برايل، وفيديوات تعليمية مدعومة بلغة الإشارة.
وتسعى المبادرة إلى دمج ذوي الهمم في سوق العمل لإثبات قدراتهم في شتى المجالات. وإلى جانب هذا تسعى إلى تنظيم فعاليات فنية خاصة بهم، مثل المسرحيات والأعمال الدرامية.
ويشير الديب إلى أن الدولة المصرية كان لها فضل كبير في إثارة حماسته لتطوير نفسه، وإطلاق هذه المبادرة التي تهدف لمساعدة الآخرين، والعمل مع فريقه لتنفيذ أهدافها بالتعاون مع جهات ووزارات ذات صلة.
ويقول الشاب المصري إن الجهود والمبادرات التي ترعاها الدولة مثل "قادرون باختلاف" والاحتفاليات الضخمة التي تنظمها ويحضرها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي شخصياً، "كانت ملهمة وحفزة كثيراً على العمل من أجل تقديم الأفضل، كما أن هذا المستوى من الاهتمام يجعل وسائل الإعلام تسلط الضوء على هذه الفئة، وتبرز النماذج الناجحة منهم، ما يعزز صورة ذهنية مغايرة عنهم".
ويطمح مؤسس المبادرة وفريقه لإنشاء أكاديمية تدريبية خاصة بذوي الهمم، وكذلك إطلاق تطبيق إلكتروني يمكن من خلاله أن يقوم العملاء بتقييم تجربتهم التدريبية في الأكاديمية. ويعمل فريق "طاقة مش إعاقة" على تدبير التمويلات اللازمة لمشروعهم.
عبد الرحمن الديب خلال عرض تفاصيل المبادرة في إحدى فعاليات وزارة التعليم العالي
جهات متعاونة
يقول الشاعر الشاب: "نحن نتعاون مع جهات عدة، مثل وزارة الثقافة التي ساعدتنا أكثر من مرة، منها على سبيل المثال، حين طلبنا من المسؤولين توفير مكان لعرض مسرحية لذوي الهمم، فقاموا بتلبية الطلب".
وتشير أوراق المبادرة إلى أن ثمة شركاء أساسيين، وهم: وزارة التعليم العالي، وزارة التضامن الاجتماعي، وزارة الشباب والرياضة، وكذلك رجال الأعمال.
ربما تكون مبادرة "طاقة مش إعاقة" في بداية طريقها، ولا يزال أمام فريقها بعض الوقت لتوفير بضعة ملايين من الجنيهات لتأسيس الأكاديمية المتخصصة في تدريب ذوي الهمم، والتطبيق الإلكتروني الخاص بهم، وغير هذا من الأهداف، إلا أن الحماسة التي يبديها مؤسس المبادرة، وقدرته على تعويض المشكلات البدنية التي تعوق حركته الجسدية، بعقل نشط ومبدع لا يتوقف، تجعل الطريق الطويل الذي لا يزال في بدايته، وكأنه ينطوي سريعاً أمام إرادتهم الصلبة وهمّتهم التي لا تفتر.