النهار

"ماما سوزان"... سيدة القصر والسياسية الداهية
المصدر: القاهرة - "النهار العربي"
طال السيدة قسط وافر من الغضب الشعبي قبل سنوات من ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 وإبانها. ويقول أشخاص تعاملوا معها عن قرب لـ"النهار العربي"، وبعضهم رفض ذكر اسمه، إنها "ظلمت"، وإن اعترف بعضهم بأنها بشر تصيب وتخطئ.
"ماما سوزان"... سيدة القصر والسياسية الداهية
سوزان مبارك (ديما قصاص)
A+   A-
 كان اسمها الأكثر انتشاراً هو "ماما سوزان"، فقد أمضت حرم الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك سنوات ترعى مشروعات ومبادرات للعناية بالطفل والأسرة المصرية. وربما كان أكثر تلك المبادرات تأثيراً وبقاء في ذاكرة المصريين، مهرجان القراءة للجميع، الذي كان يوفر كتباً عربية وعالمية قيمة بأسعار زهيدة للغاية، تبلغ في معظم الإصدارات بضعة قروش.
 
طال السيدة قسط وافر من الغضب الشعبي  قبل سنوات من ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 وإبانها. ويقول أشخاص تعاملوا معها عن قرب لـ"النهار العربي"، وبعضهم رفض ذكر اسمه، إنها "ظلمت"، وإن اعترف بعضهم بأنها بشر تصيب وتخطئ.
ورثت سوزان ثابت من السيدة جيهان السادات لقب سيدة مصر الأولى، وحذت حذوها في الظهور في مجال العمل العام والاجتماعي وممارسة مهمات وصلت في بعض الأحيان إلى حد لعب دور سياسي، ليرتبط اسمها بكثير من المجالس والمنشآت والقوانين خصوصا قوانين الأحوال الشخصية، وقانون كوتة المرأة الذي كان لها دور بارز في إقراره والذي أمن 64 مقعدا في البرلمان للنساء. 
 
ويعتقد على نطاق واسع أنها انخرطت بالعمل السياسي على نطاق واسع، بما فيه إقناع الرئيس بعزل مسؤولين وتعيين آخرين. 
 
وجاء في برقيات "ويكيليكس" أن  سوزان مبارك كانت لاعباً سياسياً داهية، وأن السفارة الأميركية تتعامل معها على أنها  واحدة من الشخصيات الخمس الأكثر تأثيرًا على الرئيس. وتختم البرقية  التي أن السيدة الأولى استطاعت تقوية الجناح الإصلاحي السياسي للقيادة.
 
في المقابل، ومع انقشاع غبار "ثورة يناير"، بدأ بعض المواطنين ينظر إلى الجهد الكبير الذي بذلته "بإخلاص"، ويدرك القيمة التي حرصت على إضافتها للأجيال الجديدة، خصوصا في مجالي الثقافة والصحة وتحسين أوضاع المرأة.
 
ويقول الصحافي المتخصص في الشؤون الثقافية ياسر حجازي  لـ"النهار العربي" إن "جمعية الرعاية المتكاملة، التي ترأسها سوزان مبارك حتى عام 2011، والتي كانت تشرف على معظم مشروعات سيدة مصر الأولى قبل الثورة، شهدت بعض المناقشات، أخيراً، لإعادتها مجدداً لتولي قيادة الجمعية".
 
من جانبها، تقول المدير العام السابق لمركز معلومات هيئة الكتاب ليلى يوسف لـ"النهار العربي": "لقد عملت عن قرب مع السيدة سوزان في أكثر من مناسبة، أتذكر أن أولها كان عام 1986، وكانت ندوة دولية خاصة بأدب الأطفال، وشارك بها الكثير من دول العالم وجميع الهيئات الدولية المعنية".
 
وتصف يوسف حرم الرئيس الأسبق بأنها "كانت سيدة عملية للغاية، ولم تكن مجرد راع من الذين توضع أسماؤهم على اللافتات فحسب، كانت تحضر وتقرأ كل الأوراق البحثية الخاصة بالمشروع الذي ترعاه، ومع هذا لم تفرض نفسها علينا، وكانت تحترم الاختصاصات".
 
كان مهرجان القراءة للجميع أحد المشروعات التي تحظى بشعبية واسعة، وقد أتاحت لكافة الطبقات اقتناء كتب لم يكن بمقدورهم شرائها بأسعار زهيدة.
 
وعن هذا المشروع تقول يوسف: "كافة إصدارات المهرجان كانت تنفذ بمجر صدورها، وأتذكر أن الناس كانت تصطف أمام هيئة الكتاب منذ ساعات الصباح الباكر، حتى تتمكن من الحصول على نسخ من الكتب قبل أن تنفد، الجميع يعرف أن الإصدارات يتم اختطافها فورا من قبل الجمهور".
 
الترجمة العكسية
 
من المشروعات التي ذهبت طي النسيان بعد الثورة "الترجمة العكسية"، حسبما أخبرتنا المدير العام السابق بهيئة الكتاب: "لقد كان هذا المشروع عظيما، ويهدف إلى نشر ثقافتنا في العالم، مثلما نتلقى من ثقافات العالم، لقد ترجمت العديد من الكتب للغات عدة، منها الإنكليزية، والفرنسية، والألمانية، وغيرهم، ولا أعرف مصير تلك الترجمات".
 
وتتفق يوسف مع آخرين تحدث إليهم "النهار العربي" على أن سوزان مبارك تعرضت للظلم، وبعدما كان الكثير من الجهات والأشخاص يتسابقون للالتصاق باسمها، أزيح عن المشروعات والمكتبات التي قامت بإنشائها أو رعايتها، ونسي الكثيرين أنها كانت وراء القضاء على شل الأطفال بمصر، وكذلك ساهمت في علاج آلاف الأطفال من السرطان بعد دعمها لإقامة مستشفى 57357 عام 2004.
 

اقرأ في النهار Premium