النهار

إلى أين تتجه العلاقات المصرية - الإيرانية بعد تولى بزشكيان منصبه؟
القاهرة - ياسر خليل
المصدر: النهار العربي
مع أداء الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان اليمين الدستورية، الثلثاء، وتجلي ملامح تشكيلته الحكومية، برزت بعض الإشارات التي تميط اللثام عن مستقبل تلك العلاقات التي شهدت عقوداً من التوترات السياسية الشديدة منذ عام 1979، وتخللتها فترات من الهدوء ومحاولات عدة للتقارب لم تكتمل. ​
إلى أين تتجه العلاقات المصرية - الإيرانية بعد تولى بزشكيان منصبه؟
استقبال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في طهران
A+   A-

في الأشهر الأخيرة من عهد الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، تكشفت اتصالات ومساع حثيثة لتحسين العلاقات بين القاهرة وطهران. وبعد رحيل رئيسي في حادث طائرة مع مسؤولين إيرانيين آخرين، منهم وزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، يوم 19 أيار (مايو) الماضي، أحاط الغموض مستقبل تلك المساعي التي اعتبرها بعض المحللين غير مسبوقة.

 

مع أداء الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان اليمين الدستورية، وتجلي ملامح تشكيلته الحكومية، برزت بعض الإشارات التي تميط اللثام عن مستقبل تلك العلاقات التي شهدت عقوداً من التوترات السياسية الشديدة منذ عام 1979، وتخللتها فترات من الهدوء ومحاولات عدة للتقارب لم تكتمل.

 

ويقول أستاذ الدراسات الإيرانية بكلية الآداب في جامعة عين شمس سعيد الصباغ لـ"النهار العربي" إن "من أحدث الإشارات التي صدرت أخيراً مشاركة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي في مراسم أداء اليمين الدستورية لبزشكيان".

 

وإضافة إلى الإشارات فإن الباحث المتخصص في الشؤون الإيرانية أحمد فاروق، يرى أن تشكيلة الحكومة الجديدة، خصوصاً وزير الخارجية، تجعل الاحتمال الغالب هو الاستمرار في تطوير العلاقات بين مصر وإيران، وإن كان بوتيرة أقل من التي كان يدفع بها عبد اللهيان.

 

 

تغير الأولويات

يضيف: "بداية يجب أن نضع في اعتبارنا أن فوز بزشكيان قد يؤدي إلى تغيير في الأولويات والتكتيكات، إلا أنه ليس مرجحاً أن يحدث أي تغيير جوهري في سياسة إيران الخارجية؛ نظراً لأن القرارات الاستراتيجية تخضع لسلطة المرشد الأعلى، والحرس الثوري، والأجهزة المعنية".

 

ويقول الأستاذ الجامعي الذي ألف كتباً عدة مدعومة بوثائق عن العلاقات المصرية - الإيرانية: "ليس من صلاحيات الرئيس الإيراني إحداث تغيير في سياسة طهران الإقليمية أو وقف دعم مرتكزات محور المقاومة؛ نظراً لأن دعم محور المقاومة جزء من إستراتيجية إيران الإقليمية".

 

وانطلاقاً من ذلك، يتوقع أن "ينسحب الأمر على العلاقات المصرية - الإيرانية. هذه العلاقات تخضع لديناميات التفاعل الإقليمي والدولي. وصحيح أن الاتصالات بين البلدين جارية على قدم وساق، وقدمت مصر تعازيها للشعب الإيراني في وفاة إبراهيم رئيسي، كما هنأت بزشكيان بالفوز في الانتخابات التي أجريت قبل أسابيع، ولكن أتصور أن اختلاف الأهداف والمنطلقات بين البلدين في ما يتعلق بإدارة الأزمات الإقليمية ربما ترجئ التطبيع".

 

ويرجح أستاذ الدراسات الإيرانية أن تكون هذه "الخطوة الضرورية في بيئة إقليمية مستقرة، وسوف تحدث، ولكن ليس الآن. البلدان أصبحت لديهما إرادة متبادلة لتعزيز العلاقات الثنائية، واستئناف العلاقات بينهما سوف يمنحهما الفرصة لمزيد من التفاهم وتقريب وجهات نظرهما إزاء الكثير من القضايا الإقليمية، وقد نجحت مصر وتركيا في هذا، وإن شاء الله تنجح القاهرة وطهران في ذلك في المستقبل القريب".

 

 

السياسات مستمرة

من جانبه، يقول مدير منتدى شرق المتوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة محمد حامد لـ"النهار العربي": "سوف يستمر الرئيس الإيراني الجديد في مسار العلاقات الذي أسسه رئيسي وعبد اللهيان، بل أنه سوف يحاول فتح قنوات حوار أكبر بين البلدين، خصوصاً أن الدور الإيراني تعاظم بعد 7 تشرين الثاني (أكتوبر) 2023، وأصبحت طهران هي من تعطي أمر شن الهجوم على إسرائيل في أكثر من دولة".

 

ويعطي حامد سبباً آخر، وهو "تأثر اقتصاد مصر نتيجة السياسات الإيرانية ودعم طهران للحوثيين في اليمن، مما أثر على الملاحة في البحر الأحمر وقناة السويس".

 

ويشير مدير منتدى شرق المتوسط إلى "تعهد بزشكيان بأنه سوف يتبع نهج سلفه إبراهيم رئيسي في السياستين الخارجية والداخلية، والعمل على "تصفير" المشاكل مع دول الجوار، ومن بينها الدول العربية وخصوصاً السعودية ومصر".

 
 
استمرار بلا زخم

ويقول فاروق لـ"النهار العربي" إن "السياسة الخارجية في حكومة بزشكيان، الأقرب إليها هو الاستمرارية في مساعي التقارب مع مصر، وهذا ما يمكن استقراؤه في ضوء التصريحات والمقالات التي كتبها الرئيس الإيراني الجديد، وكذلك في ظل التوصيات والتصريحات التي أصدرها المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي".

 

توجهات السياسة الخارجية لإيران، بحسب الباحث في الشؤون الإيرانية "سوف تظل ثابتة، ولكن قد يتغير ترتيب الأولويات، فسيكون هناك اهتمام بتوقيع الاتفاق النووي، والازدهار الاقتصادي، وفي الوقت ذاته ستهتم طهران بترسيخ العلاقات مع الدول الشرقية مثل روسيا والصين، وقد تتضمن الهند كذلك بعد توقيع اتفاق معها لتطوير ميناء تشابهار (جنوب شرق إيران)".

 

ويضيف: "في الوقت ذاته سوف يستمر اهتمام طهران بدول الجوار العربي، وهنا فإن شخصية وزير الخارجية الجديد ستلعب دوراً محورياً، والأقرب لهذا المنصب هو عباس عراقجي، وهو أمين المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية الذي يترأسه كمال خرازي. ويعد خرازي هو مهندس جهود إعادة العلاقات مع القاهرة".

 

ويعتبر فاروق أن التساؤل المطروح الآن هو "هل ستبقى الاتصالات على مستوى وزيري الخارجية كما كانت أم لا؟"، ويجيب: "سيتضح ذلك لاحقاً. ومع هذا إذا أردنا أن نضع تصوراً بناء على المشهد الحالي، فمن المرجح أن تستمر بالمستوى ذاته، وذلك نظراً لسخونة الملفات التي تحظى باهتمام مشترك في المنطقة، لا سيما الأوضاع في غزة، ولبنان، وسوريا".

 

ويعتقد أنه "وفقاً للمعطيات المتاحة يمكن أن نخلص إلى أن مساعي التقارب قد تستمر، ولكن ليس بالقدر نفسه من الزخم الذي كان في عهد حكومة إبراهيم رئيسي، وما سوف يستمر بالقدر نفسه هو التواصل من أجل الملفات الساخنة في المنطقة، خصوصا غزة، ولبنان، وسوريا".

اقرأ في النهار Premium