أظهرت صور من أقمار صناعية نشرت اليوم الجمعة أن معسكر زمزم، وهو مخيم للنازحين في منطقة دارفور السودانية التي تعصف بها الصراعات، يشهد تدفقا جديدا "كبيرا" لنازحين ويعاني من مجاعة بينما زاد بشدة خطر تلوث مرافق المياه والصرف الصحي بسبب فيضانات في المنطقة.
وأظهرت النتائج التي توصل إليها مختبر ييل للأبحاث الإنسانية أن مياه الفيضانات غمرت المراحيض وتسعا من أصل 13 مركزا لتوزيع المياه في معسكر زمزم للنازحين في ولاية شمال دارفور، مما يزيد من خطر تفشي الكوليرا وأمراض أخرى في منطقة تواجه بالفعل مستويات شديدة من سوء التغذية.
وأصبح المخيم الذي يؤوي نحو 500 ألف شخص أكثر اكتظاظا مع فرار سكان من أحدث معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ونشبت الحرب بين الطرفين في نيسان (أبريل) 2023.
وتظهر الصور التي حللها باحثون من مختبر ييل مياه فيضانات بنية اللون تغمر مراحيض في مناطق مفتوحة ومناطق يصطف فيها الناس للحصول على المياه.
وشوهدت نساء وهن ينظفن أوراق شجر لتناولها.
وزمزم هو أكبر مخيم للنازحين في السودان، ويعيش البعض فيه منذ أكثر من 20 عاما.
وخلص التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، المعني بقياس الأزمات الغذائية، أمس الخميس إلى أن مخيم زمزم يعاني من المجاعة، وهي ثالث مرة يصدر فيها هذا التقييم منذ التأسيس لمبادرة التصنيف قبل 20 عاما.
وقال ناثانيال ريموند، المدير التنفيذي لمختبر ييل للأبحاث الإنسانية: "بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني، فإن أسوأ سيناريو لدينا، والذي نتدرب عليه باعتباره تحقق لكل المخاوف، هو ما يحدث على أرض الواقع الآن".
وأضاف: "سكان معرضون بالفعل للخطر بسبب نقص الغذاء والمياه والذين هم في حالة تنقل دائم وتحت الحصار، أحاطتهم الآن مياه الفيضانات الملوثة بالبراز البشري وروث الحيوانات".
ويقع زمزم بالقرب من الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وهي آخر عاصمة ولائية في منطقة دارفور لم تخضع بعد لسيطرة قوات الدعم السريع. وقتل ما لا يقل عن 65 شخصا هذا الأسبوع عندما حاصرت قوات الدعم السريع المدينة.
وخرج المستشفى الرئيسي في الفاشر عن الخدمة بعد هجوم شنته قوات الدعم السريع.
مياه ملوثة
يخضع معسكر زمزم للنازحين ومناطق أخرى فر إليها أكثر من 300 ألف لسيطرة جماعات مسلحة محايدة أو متحالفة مع الحكومة مما يوفر قدرا من الحماية. لكن ما لديهم هو قدر ضئيل من الطعام والخدمات لأن الجيش وقوات الدعم السريع منعا دخول المساعدات.
ويقول سكان إنهم لا يستطيعون الوصول إلى المزارع لأن قوات الدعم السريع تحاصر المنطقة، في حين لا يملك معظمهم المال لشراء القليل من الطعام الذي يدخل الأسواق.
وذكرت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي أن مخيمي أبو شوك والسلام في الفاشر يواجهان على الأرجح ظروفا تشبه ما يحدث في زمزم.
وقال باحثو ييل إن هؤلاء ليس لديهم إلا إمدادات محدودة من المياه النظيفة.
وقال يحيى علي أحد المقيمين بمخيم زمزم لرويترز مشيرا إلى مياه أمطار بنية اللون تم جمعها في قماش مشمع: "نحن ساهمنا كلاجئين بمبالغ خمسمائة وألف جنيه وقمنا بشراء هذا المشمع لوضع الماء فيه وهو غير صحي.. ليس صحي لأن كل الأتربة التي تأتي تملأه.. انظر لهذا الماء المتسخ وباتساخه هذا مضطرون لشرابه".
ورصد باحثو مختبر ييل للأبحاث الإنسانية باستخدام صور الأقمار الصناعية كمية من المياه الراكدة في المخيم تكفي لغمر ما لا يقل عن 125 ملعب كرة قدم.
كما وثق الباحثون دورات مياه مغمورة بالمياه في مدرسة السلام 36 لليافعين ومجمع مدرسي آخر.
وقال شاهد من رويترز إن وافدين جدد من الفاشر لجأوا إلى مدرسة بلا سقف ومنسوب المياه هناك يصل إلى الركبة.
وفي الفاشر وثق باحثو ييل وصول مياه الفيضانات إلى مستشفيات وأسواق ومواقع لتوزيع الغذاء والمياه. كما غمرت المياه سوقا للمواشي تذبح وتباع فيه وهو ما وصفه الباحثون بأنه "سبب مقلق بالذات لنقل التلوث".
وقالت وزارة الصحة إن السودان سجل 11 ألف حالة إصابة بالكوليرا على مستوى البلاد حتى أوائل تموز (يوليو) لكن دون رصد أي حالة في ولاية شمال دارفور.
وتفشت أمراض تنقلها المياه في دارفور خلال صراع نشب في 2003.
وقالت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي إن زمزم من بين 14 موقعا في أنحاء السودان المجاعة فيها مرجحة ومعظمها مخيمات نزوح لم تستقبل سوى القليل من المساعدات منذ اندلاع الحرب.
وقال آدم رجال المتحدث باسم المنسقية العامة لمخيمات النازحين واللاجئين، وهي شبكة للنشطاء: "الأمر لا يقتصر على زمزم، فهذا هو حال جميع المخيمات الأخرى في دارفور، حيث يعاني أكثر من 171 مخيما من الظروف ذاتها".