دخلت أزمة حزب "الدستور" المصري المعارض مرحلة حرجة، بعدما أصدرت الهيئة العليا للحزب قراراً بإسقاط عضوية رئيسته جميلة إسماعيل، وجاء القرار بإجماع 8 أعضاء من أصل 14 عضواً بالهيئة. والأعضاء الثمانية ضمن تسعة أعضاء لديهم نزاع مع إسماعيل منذ العام الماضي، إلا أنهم يؤكدون أن القرار الذي اتخذوه يتوافق مع لائحة الحزب.
وفي المقابل قررت جميلة إسماعيل تشكيل لجنة لتعديل اللائحة، وفقا للقرار رقم 2 للعام 2024 حسبما أوضح بيان نشر على الصفحة الرسمية للحزب. ولم تعلق رئيسة الحزب على قرار الهيئة العليا والأسئلة التي أرسلها إليها "النهار العربي" واكتفت بالإشارة إلى البيان الذي نشر على صفحة "الدستور" بموقع "فايسبوك".
وكانت إسماعيل قد أصدرت قراراً، العام الماضي، بتشكيل هيئة مركزية للتحكيم، وقضت تلك الهيئة بفصل وتجميد عضوية 9 أعضاء من الهيئة العليا للحزب، ورفضت لجنة شؤون الأحزاب القرار باعتباره مخالفاً للائحة الداخلية. وتلك اللجنة هي الجهة الرسمية المنوطة بشؤون الأحزاب في مصر.
ويعد "الدستور" أحد أبرز الأحزاب السياسية التي أُنشئت في أعقاب ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011، تأسس عام 2012 بقيادة الدكتور محمد البرادعي الحائز جائزة نوبل للسلام. ومع تأسيسه رفع الحزب الشعار الأكثر شهرة لـ"ثورة يناير" وهو "عيش، حرية، عدالة اجتماعية"، ونجح في بدايته في اجتذاب نحو 20 ألف عضو، أغلبهم من الشباب الحالم بتحقيق مطالب الثورة، لكنه شهد تراجعاً جلياً في الآونة الأخيرة.
اجماع المجتمعين
وقال أمين الشؤون القانونية بالحزب محمد حمدون لـ"النهار العربي" إن "قرار إسقاط عضوية رئيسة الحزب صدر خلال اجتماع الهيئة العليا للحزب الذي حضره 8 أعضاء من إجمالي 14 عضواً، والقرار صدر بإجماع الحاضرين، وهذا متوافق تماماً مع لائحة الحزب".
وأضاف حمدون: "اللائحة السارية للحزب، والتي يوجد منها نسخة لدى لجنة الأحزاب، تقول إنه إذا لم يحضر عضو الهيئة العليا للحزب 3 اجتماعات متتالية، وقد تم تنبيهه بالحضور، فمن حق الهيئة العليا أن تسقط عضويته، والأستاذة اسماعيل لم تحضر اجتماعات الهيئة منذ فترة طويلة، وقد تم التنبيه عليها أكثر من مرة".
وتابع: "قمنا بدراسة تقديم أوراق إسقاط عضويتها من الهيئة العليا للحزب للجهات المعنية". ويتوقع حمدون أن يفصل في القرار خلال أول أو ثاني اجتماع للجنة الأحزاب، وقال: "أتوقع أن يتم الفصل في القرار خلال شهر أيلول (سبتمبر) المقبل، كما أرجح أن يتم قبول القرار، لأن الفيصل في هذا الأمر هو قانون الأحزاب واللائحة التي تنظم عمل الحزب، وهذا القرار متوافق مع القانون واللائحة".
وعن مدى قانونية اجتماع أعضاء الهيئة العليا، خصوصاً أن لديهم نزاعاً مع قيادة الحزب، أشار أمين الشؤون القانونية إلى أن ما حدث العام الماضي هو أن اسماعيل "اخترعت هيئة في الحزب، وقد أصدرت تلك الهيئة قراراً بفصل وتجميد 9 أعضاء من الهيئة العليا، وأخطرت لجنة شؤون الأحزاب بقرارها، حتى يتم تسجيله في سجلات الحزب، وتحذف أسماءنا من الهيئة العليا".
ويقول: "لأن إجراءاتها مخالفة للوائح والقوانين، رفضت اللجنة القرار ولم تدونه في سجلات الحزب، وتالياً فقرار الهيئة التي اخترعتها الأستاذة اسماعيل هو والعدم سواء، خصوصاً أنها لم تتقدم بطعن على قرار لجنة الأحزاب للمحكمة في غضون 60 يوماً من تاريخ الرفض، وفقاً لما ينص عليه القانون، لذا فقرار تجميد وفصل أعضاء الهيئة العليا التسعة منعدم الأثر".
أساليب ديكتاتورية
من جانبها، تقول أمينة التنظيم المركزي بالحزب ريهام الحكيم لـ"النهار العربي" إن "ما حدث خلال 10 شهور لا يليق بحزب معارض، فقد اتبعت رئيسة الحزب أعتى أساليب الديكتاتورية: أي هيئة غير مسيطر عليها، أو لا تتوافق قرارتها مع رؤيتها داخل الحزب أو خارجه، يتم تجميدها أو تفريغها من مضمونها، وإذا توافقت معها يتم تضخيمها وزيادة صلاحياتها".
وتضيف: "لقد تم تجميد عملنا على مدار 10 شهور بصورة متعمدة، كما أننا حين ذهبنا لمقر الحزب وجدناه مغلقاً، هذا إضافة إلى نشر الفتن بين الأعضاء، وثمة خلافات بين الأعضاء وصلت إلى تقديم محاضر ضد زملاء آخرين، وتجد أن هذه النوعية من المحاضر تحدث بين شخص معترض على قرار الفصل أو التجميد لأعضاء الهيئة العليا، وآخر مؤيد للأستاذة جميلة اسماعيل. بات هذا هو حال حزب الدستور الذي كنا نعتبر بعضنا فيه أسرة واحدة".
وتشير إلى أنه "أضيف إلى هذه الانتهاكات انتحال الصفة الذي حدث كثيراً خلال الفترة الماضية، فتجد زميلاً ينتحل صفة أمين التنظيم، وآخر ينتحل صفة أمين الشؤون القانونية، والخروج إلى الصحافة للحديث وكأن شيئاً لم يحدث، ونحن بقينا نناشد رئيسة الحزب منذ 10 شهور وهي لا ترد على الأعضاء أصلاً".
وتقول الحكيم إن "الأستاذة اسماعيل اختطفت اسم الحزب، وباتت تشارك في فعاليات باسمه، والهيئات الفاعلة في الحزب مغيبة، وبات الحزب مجرد صفحة على "فايسبوك" يوجد بها قرابة 250 ألف متابع، ومجموعة من اللجان المعينة، وليست منتخبة، وهذا كله ليس حقيقياً على أرض الواقع، الحزب ليس موجوداً في أرض الواقع ويتم استغلال اسمه".