يزور وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن مصر، الثلاثاء، قادماً من إسرائيل. وتأتي زيارة المسؤول الأميركي لمنطقة الشرق الأوسط، وسط مشهد بالغ التعقيد، ومخاوف من تصاعد التوتر الإقليمي واتساع الحرب، ما يطرح تساؤلات عن مدى إمكانية إعطاء زيارة بلينكن دفعة للمفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة "حماس" الفلسطينية، والتي ترعاها واشنطن بدعم من مصر وقطر.
وهذه هي الزيارة التاسعة لوزير خارجية الولايات المتحدة إلى المنطقة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة بين "حماس" والجيش الإسرائيلي، في أعقاب عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها الحركة على غلاف غزة يوم 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023.
وقبل ساعات من مغادرة بلينكن إسرائيل متوجهاً للقاهرة، لا يبدي المراقبون في القاهرة تفاؤلاً كبيراً. وتقول أستاذة العلوم السياسية وعضو الهيئة الاستشارية للمجلس المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الدكتورة نهى بكر لـ"النهار العربي": "على الرغم من المقترحات الأميركية الأخيرة التي تهدف إلى سد الفجوات بين الأطراف المتحاربة، والجهود المصرية والقطرية في المباحثات إلا أن التفاؤل يضعف بسبب شكوك حماس والعنف المستمر".
أهداف الجولة
كانت وزارة الخارجية الأميركية أصدرت بياناً قبيل بدء بلينكن جولته الشرق أوسطية، أشارت فيه إلى أن الجولة تهدف لمواصلة الجهود الدبلوماسية المكثفة الرامية إلى إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن والمعتقلين من خلال مقترح لسد الفجوات بين إسرائيل و"حماس" عرضته الولايات المتحدة اليوم بدعم من مصر وقطر.
وأضاف البيان: "المقترح يرمي إلى التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة، وضمان الإفراج عن الرهائن، وضمان توزيع المساعدات الإنسانية في مختلف أنحاء غزة، وإنشاء ظروف مواتية للاستقرار الإقليمي الأوسع نطاقا".
وأشار البيان إلى أن الوزير الأميركي "شدد على ضرورة أن تتجنب كافة الأطراف الإقليمية التصعيد أو أي إجراءات أخرى قد تقوض القدرة على استكمال الاتفاق".
موقف بالغ الصعوبة
يقول الخبير في الشؤون الإسرائيلية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور سعيد عكاشة لـ"النهار العربي": "أعتقد أن الوضع لا زال صعباً، ففي داخل إسرائيل لا يوجد تغيير كبير، وموقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يحدث به تغير يذكر".
ويرى عكاشة أن "نتنياهو لديه خطوط حمراء يرفض التنازل عنها، فهو على سبيل المثال يرفض وقف إطلاق النار بشكل دائم، ويرفض الانسحاب من نتساريم ومحور فيلادلفيا، ولديه أيضاً تحفظ على دخول المساعدات بالحجم الذي تطلبه حماس، وهو يربط حجم المساعدات بالعدد الذي يتم تحريره من الرهائن الإسرائيليين".
هذه المعطيات التي ذكرها الخبير تجعله يعتقد بأنه "يكاد لا يكون هناك تغير كبير في موقف إسرائيل"، لافتاً إلى أن "أقصى درجات المرونة التي أبداها نتنياهو، حتى الآن، هي الموافقة على وقف إطلاق النار لمدة 42 يوماً كهدنة مؤقتة، ودخول لمساعدات، على أن يكون ذلك مقابل إفراج عن رهائن، ويبدو أنه غير مستعد لأكثر من ذلك".
لذا، يخلص عكاشة إلى أن "جولة بلينكن إذا لم تحلحل هذه النقاط، أعتقد أنها لن تسفر عن شيء... نحن جميعاً نرى المفاوضات التي بدأت قبل نحو 8 أشهر، ولا يوجد تغيير بقدر كبير، مجرد تنازلات شكلية، وحماس لم يعد لديها ما تخسره، ومن ثم فإن الوضع بالغ الصعوبة".
.@SecBlinken spoke with Qatari Prime Minister and Minister of Foreign Affairs @MBA_AlThani_ today to discuss efforts to calm regional tensions and urge all parties in the region to support a ceasefire.
— Vedant Patel (@StateDeputySpox) August 14, 2024
التفاؤل يضعف
ترى عضو الهيئة الاستشارية للمجلس المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية أن وزير الخارجية الأميركي يدفع باتجاه التوصل إلى هدنة في غزة خلال زيارته لإسرائيل ومصر، لكن المعطيات تضعف التفاؤل بالتوصل إلى تقدم إيجابي.
وتقول بكر: "على صعيد حماس فقد رفض عضو المكتب السياسي للحركة سامي أبو زهري هذه الجهود ووصفها بأنها ’وهم’، متهماً الولايات المتحدة بفرض الشروط بدلاً من تسهيل مفاوضات حقيقية، ويعكس هذا اختلافاً كبيراً بين واشنطن وحماس حول طبيعة المفاوضات وتقدمها، وانتقد المتحدث باسم حماس جهاد طه إسرائيل لوضعها شروطاً على المحادثات، متهما نتنياهو بعرقلة التقدم عمداً، مما يجعل الأمل في الوصول للهدنة وإدخال المساعدات أقل".
وتشير إلى أنه "على الصعيد الإسرائيلي أعرب مكتب نتنياهو عن ’تفاؤل حذر’ بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق، لأن شروط وقف إطلاق النار المقترح لا تزال مثيرة للجدل. وهو أيضاً ما يقلل من فرص الوصول لهدنة في هذه الجولة من المفاوضات".
وتعتقد أستاذة العلوم السياسية أن زيارة المسؤول الأميركي "تعكس الدور المحوري لمصر كوسيط أمين، وتبرز مساعيها لرفع المعاناة عن أهل غزة دون المساس بحقوق الوطن الفلسطيني، ودون الزج بالفلسطينيين في مشروع تهجير قسري".