بعد قرابة العقد من العلاقات المتوترة بين القاهرة وأنقرة، بدأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم زيارة لأنقرة يلتقي خلالها نظيره التركي رجب طيب اردوغان.
منذ 2021 شهدت العلاقات بين القاهرة وأنقرة تحسناً بعد مرحلة من الجهود الديبلوماسية خلف الكواليس. وظهرت أولى بوادر الانفراجة خلال كأس العالم في الدوحة عام 2022 عندما اجتمع السيسي وأردوغان لفترة وجيزة للمرة الأولى.
ما هي علامات التغيير؟
وفي أحدث علامة على تحسن كبير في العلاقات، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان الأسبوع الماضي إن تركيا قد تبيع طائرات بدون طيار لمصر. وقال فيدان في مقابلة تلفزيونية: "لدينا اتفاق لتزويد (مصر) بطائرات بدون طيار وتقنيات أخرى"، دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وسافر فيدان، الذي قام بدبلوماسية مكوكية في المنطقة في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على غزة، إلى القاهرة في تشرين الأول (أكتوبر) والتقى بكبار المسؤولين المصريين، بما في ذلك السيسي.
ويرى محمد أوزكان، الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني في تركيا، أن الانفراج هو "تحول من العناد الاستراتيجي إلى العلاقات الاستراتيجية".
وأضاف أوزكان أن فيدان، وزير الخارجية الجديد، يحاول تحسين العلاقات مع الدول الأخرى منذ تعيينه.
على سبيل المثال، كجزء من سياستها الخارجية بعد الانتخابات، صدقت تركيا أخيرا على طلب السويد للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، واتفقت مع الولايات المتحدة على بيع طائرات حربية من طراز F-16، وأجرت محادثات ثنائية مع اليونان، وعززت علاقاتها مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية.
وفي الوقت نفسه، اتخذت أنقرة عدداً من الخطوات للحد من وجود قادة جماعة "الإخوان المسلمين" في تركيا، وهو أحد أكبر مخاوف مصر.
لماذا تازمت العلاقات المصرية – التركية؟
وكانت تركيا ومصر حققتا تقارباً كبيراً مع التوقيع على اتفاقية التجارة الحرة في عام 2005.
ولكن مع إزاحة الرئيس المصري السابق حسني مبارك في عام 2011، قدمت أنقرة دعمها الكامل لـ"الاخوان المسلمين"، وخصوصاً مع فوز القيادي الاخواني محمد مرسي بالرئاسة، ويرجع ذلك جزئياً إلى التقارب بين حزبه وحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان، وكلاهما متجذر في الأيديولوجية الإسلامية السياسية.
ومع ذلك، استمرت رئاسة مرسي لمدة عام واحد فقط.
ووصلت العلاقات بين البلدين إلى نقطة الانهيار في عام 2013 عندما تمت الإطاحة بحكومة مرسي.
كيف أثر التوتر المصري – التركي على المنطقة؟
ويقول المحللون إن العلاقات بين تركيا ومصر ذات أهمية حاسمة ليس فقط بالنسبة للبلدين، بل للمنطقة أيضاً.
وقال جوزيبي دينتيس، رئيس مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المركز الإيطالي للدراسات الدولية (CeSI)، إن الدول من الخليج إلى ليبيا، ومن السودان إلى إسرائيل وفلسطين، تتأثر بشكل مباشر بالتقارب في العلاقات بين مصر وتركيا.
وقال دينتيس: "قد نشهد حقبة مثمرة جديدة بين البلدين، خاصة في ظل المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الداخلية المشتركة."
يرى دينتيس أن زيارة أردوغان هي "فرصة لخطاب خفض التصعيد الإقليمي المستمر".
بالحرب الإسرائيلية على غزة
ويعد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، خاصة منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر)، أحد أهم القضايا التي تؤثر على العلاقات التركية المصرية.
ووفقاً لأوزكان، بعد 7 تشرين الأول، أدركت الجهات الفاعلة الإقليمية أن هناك "حاجة للتواصل".
ومع ذلك، وفقًا لأوزكان، تظل القاهرة وأنقرة حذرتين من بعضهما، "هناك أزمة ثقة خطيرة تطورت على مدى السنوات العشرة الماضية. يبذل الجانبان جهوداً للتغلب على هذه الأزمة". ولفت إلى أن موافقة تركيا على تزويد مصر بمعدات الصناعة الدفاعية وحتى التكنولوجيا هي جزء من محاولة لكسر انعدام الثقة هذا."
وقال دينتيس إن الإرادة السياسية هي عامل رئيسي في التقارب.