يتباطأ مسار الاستحقاقات السياسية في لبنان من دون متغيّرات ممكنة حتى اللحظة، في استثناء كثرة علامات الاستفهام المتوجّسة من الشغور الرئاسيّ واحتدام الحرب في جنوب لبنان. لماذا لا تزال المخاوف حاضرة من حرب شاملة يمكن أن تعصف بلبنان؟ وما الحلّ الممكن حالياً لتحييده بعدما تضاعفت التهديدات الإسرائيلية؟ وماذا عن خطورة تأجيل محور "الممانعة" الاستحقاق الرئاسي حتى انتهاء حرب غزّة؟
بدءاً من هذه الأسئلة، انطلق حوار "النهار العربي" مع عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب اللبناني رازي الحاج، الذي يقول إنّه "بعد أشهر على بدء مرحلة 7 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، من الواضح أنّ ما أقدم عليه "حزب الله" لم يكن لمصلحة لبنان أو القضية الفلسطينية. ويتّضح أنّ جبهة المساندة لم تستطع أن تحقّق فائدة لقطاع غزّة أو تخفّف الدمار الذي لحق بها وتهجير أكثر من 90 في المئة من أبنائها".
وبحسب الانطباعات التي يعبّر عنها، "لم تستطع جبهة المساندة أن تردع إسرائيل عن استهداف أرض لبنان ومنازل شعبه، مع انكشاف الساحة اللبنانية على مخاطر جمّة وتهديد في توسيع رقعة الحرب إضافة إلى الأضرار البشرية والمادية وانكماش اقتصاديّ حادّ، في حين كان الاقتصاد يحتاج نفساً لاستعادة جزء من عافيته المفقودة منذ سنوات. نعتبر أنّ تطبيق القرارات الدولية وتسليم الجيش زمام المبادرة في الجنوب اللبناني هما المدخل لاستقرار في لبنان، يقود نحو حلّ كل النزاعات المتعلقة في أراض لبنانية محتلّة من إسرائيل أو غير معترف بها من الجانب السوريّ عبر الأمم المتحدة".
وهل لا تزال المراوحة الرئاسية حاضرة من دون وجود قدرة على تجاوزها رغم كلّ الطروحات التي اقتُرحت؟ يقول النائب رازي الحاج إنّ "حزب الله" يختطف الاستحقاق الرئاسي كما أنّه يختطف قرار السلم والحرب، ويعبّر أنّه يريد رئيساً يرتاح له، فيما يحتاج لبنان لانتخاب رئيس للجمهورية يحمي ظهر اللبنانيين والدستور وسيادته ويطلق مشروعاً إنقاذياً. لا يمكن الحديث عن جديد رئاسي طالما لا يوجد تقيّد في الدستور اللبناني. من جهة لا يريدون تطبيق الآلية الدستورية ويحاولون استنباط آلية موازية للدستور اسمها الحوار، بغية نقل أسباب التعطيل من مسؤولية يتحمّلونها مباشرة نحو مسؤولية تخصّ جميع الذين يجلسون على الطاولة. وتالياً، لا يزال البلد يدور في حلقة مفرغة".
وعن كيفية القدرة على تجاوز الفراغ الرئاسي بعدما كانت قدّمت "القوات" ورقة للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، يوضح عضو تكتل "الجمهورية القوية" أنّ "هناك طرحاً من "القوات اللبنانية" وتكتل "الجمهورية القوية" لمعضلة النظام السياسي اللبناني الذي يتعرّض للنهش من محور "الممانعة" عبر تعطيل المؤسسات الدستورية. لا يمكن ترك الناس رهينة استكبار واستئثار محور "الممانعة" في الشاردة والواردة على نطاق لبنان، من ملف رئاسة الجمهورية إلى قرار السلم والحرب ثم محاولة السيطرة على أصغر المناصب في الدولة اللبنانية".
ويحذّر من أنّ "اللبنانيين يتعرّضون للابتزاز من محور "الممانعة"، وهذا ما نرفضه ونقف في وجهه في كلّ استحقاق وعند كلّ منعطف. إما أن يكون هناك دستور يُحترم أو لن نقبل استمرار الحالة الراهنة، لذلك نقول جهاراً إنّ التركيبة الحالية أي النظام السياسي الاداري الحاليّ لا يمكن أن يستمرّ انطلاقاً من الطريقة الحالية. يجب البحث مع البطريركية المارونية في بكركي بهدف توحيد الثوابت الوطنية والمبادئ العامة، كما البحث في تركيبة جديدة للنظام السياسي الاداري، حتى يكون قابلاً للتطبيق وغير قابل للتعطيل، وحتى لا يكون اللبنانيون أسرى صراع لفرض نفوذ مكوّن على آخر".
ولا يغفل النائب رازي الحاج أنّ "محور "الممانعة" بعد حرب غزّة أصبح متمسكاً أكثر في الملف الرئاسي، لأنّه يعتبر أنّه لا يستطيع خسارة الداخل اللبناني بعدما فقد قدرته في الإيحاء أنّ في استطاعته أن يشكّل قوّة ردع أو مساندة مع إسرائيل، معتبراً في النهاية أنّه لا بدّ من الإمساك في القرار السياسي الداخلي اللبناني من أجل أن يضيف ورقة سياسية إضافة إلى الورقة العسكرية، ويمسك تالياً في القرار السياسي اللبناني الذي يعتبر في جزء منه قراراً ديبلوماسياً وأمنياً. من جهتنا كنواب معارضة، سنصرّ على المطالبة في وصول رئيس سياديّ وإصلاحيّ يعيد الثوابت اللبنانية بعيداً من الصراعات الإقليمية الخارجة عن المشروع اللبناني الأساسي".
وفي استنتاجه حول التحدّيات اللبنانية المختلفة، "هناك مسائل لا تقلّ خطراً، منها النزوح السوريّ الذي وضعنا مقاربة لمعالجته من خلال تطبيق القانون في كلّ بلديات لبنان، وبدأنا بتكثيف العمل مع البلديات تطبيقاً للقانون. أما المسائل الأخرى المتعلقة بالمودعين، فإنّها بمثابة معركة نخوضها فضلاً عن معركة الإدارة اللبنانية وضرورة الحفاظ على التنوع في الادارة العامة وعصرنتها ومكننتها وجعلها إدارة مستدامة، ومعركة الخدمات العامة للبنانيين كي يحصلوا عليها. ولا يمكن إغفال الملفات الأخرى المتعلقة في الصحة والاستشفاء ونظام التقاعد التي نعمل عليها، حتى نقدّم من خلال عملنا في مجلس النواب نموذجاً للعمل التشريعي العصري والاصلاحي. قد تبدو هذه المعركة مستحيلة للبعض لكنها معركة تراكمية في الاستطاعة تحقيق الكثير من الأهداف عبرها".