لم تخفت التوترات الأمنية الناشبة حربياً على الحدود اللبنانية الجنوبية، وسط قلقٍ متفاقم من احتدام أكثر حدّة إذا لم تنجح محاولات التوصّل إلى حلّ أمنيّ سريعاً. وثمة أزمات على نطاق الأوضاع الأمنية الداخلية أيضاً، شمولاً في جريمة اغتيال منسّق "القوات اللبنانية" في جبيل باسكال سليمان، وسط استفهامات كثيرة تُطرح حول الفوضى الحاصلة.
لا يقلّل النائب السابق في "القوات" وهبي قاطيشا من أن "يكون هدف الاغتيال سياسيّاً، وقد لا تصل هكذا تحقيقات إلى نتائج، فيما الساحة اللبنانية مشرّعة على كلّ الترجيحات، وسط استهداف سياسي واضح، في اعتبار أنّ ليس لدى باسكال سليمان مشاكل سابقة، ولأنّ الحادثة حصلت في منطقة لا تشهد على توترات أمنيّة ولا تحصل فيها سرقة للسيارات. ويشكّل غياب الدولة اللبنانية السبب الأوّل للجرائم الحاصلة في ظلّ استمرار شريعة الغاب التي ستبقى على حالها إذا لم يتغيّر وضع الدولة اللبنانية".
وعندما يتحدّث وهبي قاطيشا لـ"النهار العربي" عن الوضع اللبنانيّ الأمنيّ المتوتّر إقليمياً على نطاق المناوشات المستمرّة جنوب لبنان انطلاقاً من خبرته العسكرية، يختصر الاحتدام جنوباً في قوله، إنّ "القرار لإيران والميليشيات التي كانت ظهرت على الساحة الجنوبية اللبنانية في رعاية "حزب الله" الذي يدير الأوضاع جنوب لبنان، وسط حرب ناشبة مع الجيش الاسرائيلي واستباحة ظاهرة للأوضاع اللبنانية، من دون أن تكون هناك منفعة من الشكاوى المقدّمة إلى الأمم المتحدة. ولا يمكن الوصول إلى نتائج طالما أنّ الدولة اللبنانية لا تحوز قرار السلم والحرب".
ويعتبر أنّه "لا بدّ من انتظار نتائج حرب غزّة قبل معرفة أين يمكن أن ينحو الوضع في الجنوب اللبناني الذي سيبقى على حاله في المرحلة الحالية، قبل الانتقال لاحقاً إلى المرحلة الثانية التي لا يمكن ترجيحها حالياً. ويفضّل "حزب الله" الإبقاء على وتيرة المناوشات الحالية، آخذاً من مساعدة فلسطين ذريعة حتى يحقّق نتائج سياسية هدفها السيطرة على لبنان. ولا يمكن للأذرع الإيرانية أن تدخل في حرب شاملة مع إسرائيل، لكنّها تأخذ المناوشات الحربية شمّاعة للإبقاء على حال الصراع".
ويقول القياديّ في حزب "القوات اللبنانية"، إنّ "هناك خيارات يمكن لإسرائيل أن تأخذها عسكريّاً على عاتقها في لبنان ما بعد حرب غزّة إذا لم ينجح الحلّ الدبلوماسيّ. ولا بدّ أن ينسحب "حزب الله" في النهاية من جنوبي منطقة الليطاني، لكن هدفه الإبقاء على سلاحه والسيطرة على الداخل اللبناني. حتى وإن حصل حلّ سلميّ للأوضاع جنوب لبنان، فإنّه حلّ يلائم "حزب الله" وإسرائيل، لكن من الضروري أن يبحث اللبنانيون عن حلّ لمسألة سلاح "حزب الله" في النهاية. ويعمل الحزب على محاولة السيطرة على لبنان وقمع الحريّة والديموقراطية كأقلية تحكم أكثرية وتسيطر على القطاعات العامّة".
وبينما هناك مخاوف تعبّر عنها بعض الأحزاب اللبنانية من حلّ سياسيّ يأتي على حساب لبنان بعد حرب غزّة، يطرح قاطيشا استفهامات في قوله: "ماذا يمكن المجتمع الدولي أن يغيّر إذا كانت ثمة قوى داخلية تدعم "حزب الله" الذي يبحث عن رئيس غير متوازن لمصلحة محور "الممانعة"، ولا يوجد استعجال لديه للوصول إلى انتخاب رئيس للجمهورية. لا يمكن معرفة إلى أين يمكن أن تنحو المرحلة الحالية في لبنان إلّا بعد انتهاء حرب غزة، بين الذهاب إلى حلّ دبلوماسيّ بين "حزب الله" وإسرائيل أو الانطلاق إلى حلّ عسكري".
ويوجّه وهبي قاطيشا نداءً صريحاً إلى القوى السيادية المعارضة لـ"حزب الله" فحواه، "أهميّة أن تجتمع في جبهة سياسية، وأن تخوض استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية مع مرشّح صريح للمواجهة السياسية، فيما يتحمّل بعض نواب البرلمان اللبنانيّ المسؤولية لناحية عدم اتخاذهم قرارات حازمة في المواضيع الوطنية، شمولاً في مسألة سلاح "حزب الله" تحديداً".