دعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه اليوم الأحد، إلى وضع حد للتصعيد بين "حزب الله" اللبناني وإسرائيل تجنبا لـ"السيناريو الأسوأ" على حد تعبيره.
وقال سيجورنيه خلال مؤتمر صحافي عقده في بيروت عقب لقائه مسؤولين لبنانيين بينهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون ورئيس البرلمان نبيه بري، زعيم "حركة أمل" وحليف "حزب الله": "نحن نرفض السيناريو الأسوأ في لبنان... لا مصلحة لأحد بأن تواصل إسرائيل وحزب الله هذا التصعيد. حملت معي هذه الرسالة إلى هنا... وسأحمل هذه الرسالة نفسها إلى إسرائيل الثلثاء".
وأضاف الوزير الفرنسي: "مسؤوليتنا تقضي بتجنّب التصعيد وهذا هو دورنا أيضا في اليونيفيل ولدينا 700 جندي هنا".
وكان سيجورنيه أعلن قبل ذلك أنه سيقدّم مقترحات لمسؤولين لبنانيين بهدف تهدئة التوتر بين "حزب الله" وإسرائيل ومنع نشوب حرب.
وقال بعد أن زار قوات حفظ السلام في الناقورة بجنوب لبنان: "إذا نظرت للوضع اليوم... إذا لم تكن هناك حرب في غزة، يمكننا أن نتحدث عن وجود حرب في جنوب لبنان بالنظر إلى عدد الضربات والتأثير على المنطقة".
وتابع: "سأوصل رسائل وأطرح مقترحات على السلطات هنا لدفع هذه المنطقة للاستقرار وتجنب نشوب حرب".
تمسك لبناني...
وظهر اليوم، التقى وزير الخارجية الفرنسي برئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وغادر من دون الإدلاء بتصريح.
بدوره، شكر بري لفرنسا حرصها ودورها وللرئيس إيمانويل ماكرون جهوده لمنع الحرب على لبنان، و"كان رئيس المجلس واضحاً بتمسك لبنان بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته"، وفق بيان لرئاسة مجلس النواب.
وعرض "لوقائع الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وخاصة القرى الحدودية الجنوبية من خلال خارطة أعدها المجلس الوطني للبحوث العلمية تبين حجم الخسائر البشرية والمادية التي لحقت بالقرى والبلدات، فضلاً عن الأراضي والمساحات الزراعية والحرجية، وإستخدام إسرائيل للأسلحة المحرمة دولياً وتجاوزها لقواعد الاشتباك"، وفق البيان.
وأكد بري، للوزير الفرنسي إنتظار لبنان لتسلم الإقتراح الفرنسي الرامي إلى خفض التصعيد ووقف القتال وتطبيق القرار الأممي تمهيداً لدراسته والرد عليه.
وفي الملف الرئاسي، أثنى رئيس مجلس النواب اللبناني على جهود اللجنة الخماسية للتوصل عبر التشاور لإنتخاب رئيس للجمهورية، بحسب البيان.
ووفقاً للبيان، أثار رئيس المجلس موضوع النازحين السوريين "الذي بات يثقل كاهل لبنان واللبنانيين على مختلف الصعد"، لافتاً إلى أنه "سوف يثير هذه القضية مع رئيسة مفوضية الإتحاد الاوروبي والرئيس القبرصي خلال زيارتهما للبنان هذا الاسبوع"، مطالباً فرنسا وألمانيا بإعادة النظر إزاء علاقتهما بسوريا وحيال هذا الملف.
انسحاب وحدة النخبة...
وترتبط فرنسا بعلاقات تاريخية مع لبنان، وفي وقت سابق هذا العام قدم سيجورنيه مبادرة تقترح انسحاب وحدة النخبة التابعة لـ"حزب الله" مسافة عشرة كيلومترات من الحدود الإسرائيلية بينما توقف إسرائيل ضرباتها في جنوب لبنان.
وتبادل الجانبان الضربات في الأشهر القليلة الماضية، لكن التبادلات زادت منذ أطلقت إيران وابلا من الصواريخ على إسرائيل ردا على هجوم إسرائيلي مشتبه به على السفارة الإيرانية في العاصمة السورية دمشق أدى إلى مقتل أعضاء في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
ولم يحرز الاقتراح الفرنسي، الذي تمت مناقشته مع الشركاء خاصة الولايات المتحدة، تقدّما. لكن باريس تريد الحفاظ على زخم المحادثات والتأكيد للمسؤولين اللبنانيين على أن التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية في جنوب لبنان يتعين أن تؤخذ على محمل الجد.
وأكد "حزب الله" أنه لن يدخل في أي نقاش ملموس حتى يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، حيث دخلت الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) شهرها السادس.
وقالت إسرائيل أيضا إنها تريد ضمان استعادة الهدوء على حدودها الشمالية حتى يتمكن آلاف النازحين الإسرائيليين من العودة إلى المنطقة دون خوف من الهجمات الصاروخية عبر الحدود.
وأوضح نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية كريستوف لوموان في مؤتمر صحافي أن "الهدف هو منع اشتعال المنطقة وتجنب تدهور الوضع بشكل أكبر على الحدود بين إسرائيل ولبنان".
والتقى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في وقت سابق من هذا الشهر حيث ناقشا الاقتراح الفرنسي.
وفي رسالة موجهة إلى السفارة الفرنسية في بيروت في آذار (مارس)، قالت وزارة الخارجية اللبنانية إن بيروت تعتقد أن المبادرة الفرنسية ستكون خطوة مهمة نحو السلام والأمن في لبنان والمنطقة الأوسع.
وذكرت وسائل إعلام لبنانية محلية أن الحكومة قدمت تعليقات للفرنسيين بشأن الاقتراح.
ويقول مسؤولون فرنسيون إن الردود حتى الآن كانت عامة وتفتقر إلى الإجماع بين اللبنانيين. ورغم أنهم يعتبرون أنه من السابق لأوانه التوصل إلى أي شكل من أشكال الاتفاق، فإنهم يعتقدون أنه من الضروري المشاركة الآن حتى يكون الطرفان جاهزين عندما تأتي اللحظة المناسبة.
وستؤكد باريس أيضا على الضرورة الملحة لكسر الجمود السياسي في البلاد. وليس لدى لبنان رئيس دولة ولا حكومة تتمتع بصلاحيات كاملة منذ انتهاء ولاية ميشال عون كرئيس في تشرين الأول (أكتوبر) 2022.
وظلت إسرائيل حذرة بشأن المبادرة الفرنسية، على الرغم من أن مسؤولين إسرائيليين وفرنسيين يقولون إن إسرائيل تدعم الجهود المبذولة لنزع فتيل التوترات عبر الحدود.
وقال دبلوماسي لبناني "ستشتعل جذوة النار وستستمر التوترات. نحن في حالة من الغموض الاستراتيجي على الجانبين".
ولفرنسا 700 جندي يتمركزون في جنوب لبنان كجزء من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة وقوامها 10 آلاف جندي.
ويقول مسؤولون إن قوات الأمم المتحدة غير قادرة على تنفيذ تفويضها، ويهدف جزء من مقترحات فرنسا إلى دعم المهمة من خلال تعزيز الجيش اللبناني.
وبعد لبنان، سيتوجّه سيجورنيه إلى المملكة العربية السعودية قبل السفر إلى إسرائيل.
وسيعقد وزراء خارجية من دول عربية وغربية، منهم وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، محادثات غير رسمية على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض لمناقشة حرب غزة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.