يتحدث مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون عن نتيجة المواجهة المباشرة الأولى بين إيران وإسرائيل بعد سنوات من "حرب الظل"، ومآلات التوترات بين الجانبين.
رأى مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق جون بولتون أن إسرائيل ارتكبت خطأ بعدم الرد بقوة أكبر على الهجوم الايراني بالصواريخ والمسيرات على أراضيها، إلا أنه اعتبر أن السبب هو أن إدارة الرئيس جو بايدن كانت تمارس ضغوطًا شديدة عليها حتى لا تفعل ذلك. وقال في حديث لـ"النهار العربي" إن ضربة إسرائيلية أقوى كانت ستدفع الحوثيين و"حزب الله" إلى التراجع. وتحدث عن مواجهة محتملة بين إسرائيل و"حزب الله" بعد عملية رفح.
وهنا نص الحديث +يبدو أن دائرة العنف التي بدأت بالهجوم الإسرائيلي على مجمع السفارة الإيرانية في الأول من نيسان (أبريل) قد انتهت، على الأقل في هذه الجولة. من وجهة نظرك فيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط، هل تعتقد أن خطر حدوث صدام أوسع بين إيران وإسرائيل قد انخفض؟
- أعتقد أن الحرب الشاملة التي شنتها إيران عبر "حماس" في السابع من أكتوبر لا تزال مستمرة. وأعتقد أن ذلك كان جزءًا من استراتيجية حلقة النار الإيرانية التي كانوا يعملون عليها منذ سنوات. ولا يقتصر الأمر على "حماس" وقطاع غزة فقط، وإنما يشمل الحوثيين في اليمن، و"حزب الله" في لبنان، والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا، والقوات التقليدية لإيران نفسها. لذلك أعتقد أن ما كان يدور في ذهن إيران عندما أطلقت 320 طائرة بدون طيار وصاروخًا ضد إسرائيل لا يزال غير واضح. ولكن حقيقة أن إسرائيل بطريقة قوية، أعتقد أنها تشير إلى أن لديها أولويات أخرى في أذهانها. أعتقد أن "حماس" هي الهدف الرقم واحد. لذا، أعتقد أنه مهما كان تفسير رد الفعل الإيراني الأولي أو الانتقام الإسرائيلي، فقد تم تأجيله، لكنه بالتأكيد لم ينته بعد.
+ما تقييمك لتلك المواجهة الأولى، المواجهة المباشرة بين الجانبين بعد سنوات من حرب الظل؟ هل ترى رابحاً وخاسراً؟
- أعتقد أن إسرائيل ارتكبت خطأً بعدم الرد بقوة أكبر، لكنني أعتقد أنه ليس هناك شك الآن في أنه قد تم اتخاذ إجراءات علنية على أراضي كلا الطرفين ضد أراضي الأطراف الأخرى. كما تقولين، كان الأمر يحصل في الظل من قبل، ولكن الآن تم تجاوز هذا الخط. سواء أكان ذلك صاروخًا واحدًا أو 100 صاروخ أو أيًا كان، كانت هناك هجمات علنية. كان ينبغي على إسرائيل أن تنفذ رداً أقوى لأنني أعتقد أن إيران متمددة بشكل مفرط في الوقت الحالي. ووكلاؤها مثل "حزب الله" والحوثيين يرون أن ما يحدث لـ"حماس" يجعلهم قلقين بشأن قدرة إيران على حمايتهم. وأعتقد أن توجيه ضربة أقوى ضد الأراضي الإيرانية كان من شأنه أن يضع هذه القدرة من جانب إيران موضع شك، وربما دفع الحوثيين و"حزب الله" إلى التراجع إلى حد ما. ولكن هذا صار من الماضي الآن. أعتقد أن الخطوة التالية... هي أن إسرائيل ستحاول وضع حد للهياكل العسكرية والسياسية لـ"حماس" في غزة في الأيام المقبلة.
+هل تفترض إذا أن إيران ربحت الجولة الأولى من المواجهة بينهما، المواجهة المباشرة بين الجانبين، لأنك تقول إن إسرائيل لم ترد بشكل صحيح؟
- أعتقد أن هذه هي النتيجة. أعتقد أن السبب وراء عدم رد إسرائيل بقوة أكبر هو أن إدارة بايدن كانت تمارس ضغوطًا شديدة عليها حتى لا تفعل ذلك، لأنه من وجهة نظر إدارة بايدن، فإن هذا الصراع برمته يتزامن مع الانتخابات الرئاسية في نوفمبر. وأعتقد أن البيت الأبيض كان يخشى أنه إذا أصبح الصراع أكثر عنفاً، فإن ذلك سيضره أكثر. لذلك أعتقد أن هذا بمثابة مهلة موقتة لإيران، ولكن كان من الأفضل لإسرائيل أن تستغل ما فعلته إيران بدلاً من الخضوع للضغوط. لكن بالنسبة لي من السهل أن أقول ذلك لأنني لم أشعر بالضغط الذي أعتقد أن الحكومة الإسرائيلية شعرت به.
+تصف ما يحدث في الشرق الأوسط بأنه جزء من حلقة النار الإيرانية. هل تفترض أن إيران كانت وراء هجمات 7 أكتوبر أو أنها كانت مسؤولة عنها؟
-حسنًا، لا أعتقد أنه يمكن أن يكون هناك شك في هذا الموضوع. لا أعتقد أن إيران قامت منذ عقود بتسليح وتجهيز وتدريب وتمويل هؤلاء الوكلاء الإرهابيين للسماح لهم بما يريدون القيام به بشروطهم الخاصة. وهذا قد لا يعني أن إيران تتمتع بالقيادة والسيطرة المباشرة على "حماس". لكن إيران لم تنفق الأموال التي أنفقتها من أجل منح "حماس" القدرات العسكرية التي كانت تمتلكها ببساطة لكي تستخدمها بحسب تقديرها. كان هذا جزءا من استراتيجية شاملة. في الواقع، أعتقد أن الأمور لا تسير على ما يرام بالنسبة لإيران في الصورة الكبيرة لأن "حماس" على وشك الانهيار. لكنني أعتقد أن هذه كانت خطة منسقة. لا أعتقد أنه يمكننا تحديد الهدف الدقيق لهذه المرحلة من "حزام النار" من الخارج، لكنني أعتقد أنه كان متسقًا مع تطلعات إيران الشاملة في المنطقة، وهي الهيمنة على الشرق الأوسط والهيمنة داخل الإسلام.
+وكيف تقيم مشاركة "حزب الله" في النزاع منذ هجمات 7 أكتوبر؟ -المعارك بين "حزب الله" وإسرائيل ليست بمستوى المعارك بين اسرائيل وحماس في غزة، ولكنه مكثف جداً بالنسبة إلى الإسرائيليين الذين يعيشون على بعد خمسة كيلومترات من الخط الأزرق. هذا أمر مؤكد لأنه تم إجلائك من منزلك. لذا أعتقد أن من المناسب لكل من إسرائيل و"حزب الله" لأسباب مختلفة، عدم الارتقاء بالوضع إلى هذا النوع من المواجهة التي شهدناها في عام 2006.
لكنني لا أعتقد أن هذا بعيد. وإذا تعرضت "حماس" لهزيمة ساحقة في الأيام المقبلة في قطاع غزة، فأعتقد أنه سيتعين على "حزب الله" وإسرائيل مواجهة السؤال: هل ينتقلان إلى المواجهة المباشرة؟ لا أعرف الإجابة على هذا السؤال، ولكن أعتقد من وجهة نظر إسرائيل، أنه قد يكون أمرًا مغريًا جدًا للقيام به. +بما أنك تتحدث عن غزة ، هل نحن ذاهبون إلى اجتياح لرفح أم إلى صفقة رهائن ووقف لإطلاق النار، برأيك؟ -إطلاق رهائن ووقف إطلاق النار غير مرجحين جدًا في هذه المرحلة، والأهم من ذلك لأنني أعتقد أنه من المشكوك فيه للغاية، ومن المحزن أن نقول عدد الرهائن الذين بقوا على قيد الحياة. يتحدث الناس عن 120، 130. التقديرات الواقعية أقل بكثير من ذلك. لقد سمعت من مصادر إسرائيلية أنه قد يكون هناك أقل من 20 رهينة إسرائيلية لا تزال على قيد الحياة، مما يعني أن "حماس" فاوضت بسوء نية منذ أسابيع حتى الآن، قائلة إنها كانت تحتجز 40 رهينة. في الواقع، قالوا إن لديهم 27 فقط.
وكان هناك نساء أو أطفال أو رجال مسنين أو جرحى. إذن، هذا ليس حتى 40، الرقم الذي كانوا يتحدثون عنه، وبالتأكيد عدد بعيد جداً من 120 أو 130. لذلك، بينما نرى إسرائيل تحاول إجلاء سكان غزة من شرق رفح، أعتقد أن هذا هو الجهد الذي كانت الولايات المتحدة تضغط عليه للمساعدة في تقليل احتمال وقوع خسائر في صفوف المدنيين ولا أستطيع التفكير في أي سبب للقيام بذلك إلا إذا كانت إسرائيل تمضي قدماً في ما أشارت إلى أنها ستفعله منذ أشهر، وهو ملاحقة يحيى السنوار وآخر أربع كتائب قتالية تمتلكها "حماس" في الأنفاق تحت رفح.
+كتبت في صحيفة "التلغراف أن التاريخ سوف يسجل جهود بايدن المهووسة للتفاوض مع آية الله باعتبارها واحدة من أكبر الجروح التي ألحقها بنفسه. ما هي الجروح التي تلوم عليها إدارة بايدن؟
- في أي وقت، في هذه الحالة، تؤجل إسرائيل هجومها ضد ما تبقى من "حماس" تحت رفح، فإن ذلك يمنح "حماس" فرصة أكبر للحفر، ويمنحهم فرصًا أكبر للعمل، والهروب من الأنفاق إلى مصر أو الخروج بطريقة ما من غزة. كما تعلمون، الدرس المستفاد من التاريخ، بدءًا من انتقال الإسكندر الأكبر إلى يوليوس قيصر وصولاً إلى الوقت الحاضر، هو عندما تكون مستعدًا للهجوم، قم بالهجوم.
السرعة هي دائماً لصالح الهجوم والتأخير لصالح المدافع. وبسبب هذا الضغط الأميركي الهائل على إسرائيل، فقد تأخر وتأخر وتأخر. وهذا سيكلفهم خسائر أكبر من شبابهم وشاباتهم في القوات الاسرائيلية.
وهذا سيجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة للمدنيين في غزة. ولكن أعتقد أن هذا هو ما تلتزم به إسرائيل. ليس مجرد نتنياهو، بل هي حكومة الحرب بأكملها. لقد حددوها مباشرة بعد السابع من أكتوبر. أعتقد أنهم يصدقون ذلك. إنهم يريدون تدمير الهياكل العسكرية والسياسية لـ"حماس".
+ولكن هناك أيضاً 1.7 مليون مدني محاصرين في رفح. سيكون الغزو البري ثقيلًا جدًا، وسينتهي بخسائر فادحة أيضاً.
-حسنًا، أعتقد أن الجميع يريد تجنب ذلك، ربما الجميع باستثناء "حماس"، لأن هذه هي استراتيجيتهم، وهي أن يكونوا أكثر وحشية وهمجية من أي شخص آخر. إنهم المسؤولون أخلاقياً عن الأضرار التي لحقت بالمدنيين في غزة. لكن هناك خيارات أخرى لا أحد يتحدث عنها. ماذا عن فتح مصر حدودها للسماح لمواطني غزة بالدخول إلى مصر والخروج من قطاع غزة بالكامل؟ لقد قالت مصر أننا لن نفعل ذلك. (....) دعونا نطلب من مصر أن تعيد النظر حقًا. وثانياً، كما تعلمون (....)، عندما تكون تهزم حكومة في حرب و كما هو الحال بالنسبة لحماس هنا، الشيء الوحيد الذي يمكنهم فعله هو الاستسلام. لذا كان بإمكان السنوار أن يقول: انظروا، لقد هُزِمنا. لا أريد أن أتسبب بالمزيد من المأساة الإنسانية في غزة.
ولكن بدلاً من ذلك، يقول الجميع، إن على إسرائيل أن تستسلم وتسمح لـ"حماس" بالاستمرار في ارتكاب الهجوم الأكثر وحشية الذي شهدناه، على ما أعتقد، منذ الحرب العالمية الثانية والمحرقة ضد اليهود في أوروبا. ولكن يبدو أن لا أحد يأخذ ذلك في الاعتبار. وأعتقد أن هذا الصراع سببته "حماس" ويمكن أن ينتهي باستسلامها. فلماذا لا يتم الضغط على حماس للاستسلام؟
+سؤالي الأخير، نظرًا لحذرك المسبق فيما يتعلق بالأشهر الستة المقبلة، قلت إن الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستكون صعبة للغاية. ما هو مسار العمل المحتمل بالنسبة لإيران في المنطقة وعبر الولايات المتحدة؟
-حسنًا، أعتقد أننا لا نعرف لأنه، كما قلت سابقًا، لا نعرف بالضبط ما هي أهداف إيران على المدى القريب من هجوم 7 أكتوبر الذي شنته "حماس". وجهة نظري العامة هي أن الأمور لا تسير على ما يرام بالنسبة لإيران.... خسارة "حماس"، وخسارة استثمارها في "حماس" سيكون بمثابة نكسة كبيرة لإيران. فهل هي مستعدة لرفع المخاطر وتحريك "حزب الله" ضد إسرائيل؟ هل هي مستعدة لشن هجمات مباشرة، المزيد من الهجمات المباشرة على الأراضي الإسرائيلية؟
نحن لا نعرف. لكنه وضع خطير على أية حال مع وجود الكثير من الجهات الفاعلة التي لا يمكن التنبؤ بها وغير المنتظمة، وليس بالضرورة الوضع الذي سيؤدي إلى الاستقرار في أي وقت قريب.