استأنف لبنان، اليوم الثلثاء، تسيير رحلات العودة الطوعية للنازحين السوريين، حيث تنظم المديرية العامة للأمن العام رحلتين تشمل ما يقارب 460 نازحا يعودون إلى ريف مدينة حمص والقلمون في سوريا، عشية مناقشة البرلمان مساعدات بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي، أجّج الاعلان عنها مخاوف جهات سياسية ودينية تطالب بحل جذري للملف.
وأشرف ممثلون عن المفوضية العليا للنازحين ومخابرات الجيش اللبناني، إضافة إلى جهاز الأمن العام على عودة النازحين، علما بأن العائدين، الثلثاء، هم مسجلون لدى المفوضية العليا للاجئين.
وجاءت عودة هذه الدفعة من النازحين بالتنسيق مع الحكومة السورية حيث تم تخصيص معبرين لعودة اللاجئين وهما معبر جلسة الحدودي في بلدة القاع باتجاه حمص وريفها، ومعبر وادي حميد الزمراني في عرسال باتجاه القلمون.
ويقول لبنان الذي يشهد أزمة اقتصادية حادة منذ خريف عام 2019، إنه يستضيف نحو مليوني سوري، أقل من 800 ألف منهم مسجلون لدى الأمم المتحدة، وهو أعلى عدد من اللاجئين في العالم نسبة لعدد السكان، وفق فرانس برس.
في منطقة عرسال في شرق لبنان، تجمّعت منذ ساعات الصباح الأولى حافلات وشاحنات صغيرة، يحمل بعضها لوحات تسجيل لبنانية وأخرى سورية، قبل بدء انطلاقها تدريجاً الى الأراضي السورية بإشراف الأمن العام اللبناني. وحمل لاجئون معهم حاجياتهم من أمتعة شخصية ومقتنيات وحتى دواجن وحيوانات، وفق مصور لوكالة "فرانس برس".
وأعلن الأمن العام عن تنظيم إعادة نحو 330 لاجئاً عبر معبرين حدوديين في عرسال وبلدة القاع كما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، في إطار "تأمين العودة الطوعية" التي بدأها الأمن العام منذ 2017.
ومن بين العائدين الثلثاء رجل (57 عاماً) يتحدّر من قرية رأس المعرة في القلمون. وقال لوكالة "فرانس برس" في عرسال، مفضّلاً عدم الكشف عن اسمه، "عائد الآن بمفردي لأقوم بتهيئة الوضع لعودة عائلتي".
وأضاف "سعيد بالعودة بعد عشر سنوات، إلى بيتي ووطني وأرضي".
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) من جهتها عن "وصول دفعة جديدة من المهجرين السوريين العائدين من لبنان عبر معبر الزمراني بريف دمشق"، من دون تحديد العدد.
ويقول لبنان الذي يشهد أزمة اقتصادية حادة منذ خريف 2019، إنه يستضيف نحو مليونَي سوري، أقلّ من 800 ألف منهم مسجلون لدى الأمم المتحدة، وهو أعلى عدد من اللاجئين في العالم نسبة لعدد السكان.
وتنظر السلطات الى الملف بوصفه عبئاً لم تعد تقوى على تحمّله بعد أربع سنوات من انهيار اقتصادي مزمن. وتصاعدت مؤخراً النبرة تجاه اللاجئين، وسط إجماع من قوى سياسية رئيسية على ضرورة إيجاد "حل جذري" بإعادتهم الى بلدهم.
ودعا الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الاثنين السلطات اللبنانية الى "فتح البحر" أمام اللاجئين السوريين، بهدف الضغط على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للمساعدة على إعادتهم الى بلدهم وتقديم المساعدات لهم هناك.
وكان البطريرك الماروني بشارة الراعي طلب نهاية الأسبوع الماضي "عدم الرضوخ للضغوط الأوروبية والدولية وأساليبها المغرية بهدف تجنّب" إعادة اللاجئين.
ويناقش البرلمان الأربعاء حزمة مساعدات بقيمة مليار يورو مقدمة للبنان حتى العام 2027، أعلن عنها الاتحاد الأوروبي مطلع الشهر الحالي، معولاً على "تعاون" السلطات لضبط الحدود ومكافحة عمليات تهريب اللاجئين، بعد ازدياد عدد القوارب المتجهةالى أوروبا.
وفي كلمة لها الأسبوع الماضي، أوضحت سفيرة الاتحاد الأوروبي ساندرا دو وال أن الحزمة ستسمح "بمواصلة تمويل قطاعات رئيسية مثل الحماية الاجتماعية والصحة والمياه والتعليم"، مضيفةً أن ذلك "لا يشمل اللاجئين السوريين فحسب، بل أيضاً العديد من اللبنانيين الذين يستفيدون من برامج المساعدة الاجتماعية الممولة من الاتحاد الأوروبي".
وأعربت قبرص الثلثاء عن قلقها إزاء تصريح نصرالله، حيث اعتبر المتحدث باسم الحكومة القبرصية كوستانتينوس ليتمفيوس في حديث لصحافيين أنّه "يتعيّن علينا بالتأكيد أن نقلق وهذه قضية نوليها أهمية قصوى".
وأضاف "نحن على تواصل مع سلطات لبنان، وبإمكاننا إدارة (الهجرة غير المنتظمة)".
وتحذّر منظمات حقوقية ودولية من عمليات ترحيل "قسرية"، وتشدّد على أنّ توقّف المعارك في سوريا لا يعني أنّ ظروف عودة اللاجئين باتت آمنة في ظلّ بنى تحتية متداعية وظروف اقتصادية صعبة وملاحقات أمنية وعمليات توقيف تطال أحياناً عائدين الى سوريا.