تبقي المرشّحة لاستحقاق انتخابات الرئاسة اللبنانية ميّ الريحاني أنظارها على تطوّرات الأوضاع في الداخل اللبنانيّ، حتى وإن كانت في زحمة المهامّ التي تضطلع بها على تنوّع جوانبها خلال وجودها في الولايات المتحدة الأميركية. وهي عندما تلتقي أعضاء في الكونغرس الأميركي ومسؤولين في الإدارة الأميركية تقلب الملفات اللبنانية على طاولة مشاورتها في خضمّ بحثها عن سبل تسعى من خلالها لمساندة لبنان على تجاوز المراوحة الراكدة.
وتطرّقت اجتماعاتها إلى انتخابات رئاسة الجمهورية اللبنانية التي تشكّل أولوية أساسية، بهدف اكتمال السلطات الدستورية وأن يكون للبنان حكومة كاملة الصلاحيات. وإذ تحثّ الإدارة الأميركية اللبنانيين بما أوتيَت من اندفاع مترافق مع متابعة للتطورات، على أهمية إنهاء الشغور الرئاسيّ اللبنانيّ في مرحلة مقبلة على مفاوضات إقليمية، فإنّ المباحثات التي خاضتها ميّ الريحاني حديثاً أكّدت أهمية استحقاق انتخابات الرئاسة اللبنانية، مع رهان أميركي على دور "اللجنة الخماسية" التي تحاول التحدّث بالمؤهلات الرئاسية من دون الدخول في أسماء المرشّحين. ويمكن التأكيد على استنتاج فحواه أن لا تلازم انطلاقاً من المقاربة الأميركية بين الاستحقاق الرئاسيّ اللبنانيّ والتوصل إلى انسحاب "حزب الله" في اتجاه شمالي الليطاني.
في حوارٍ لـ"النهار العربيّ" مع مي الريحاني، استنتاجات أساسية للمرشّحة الرئاسية اللبنانية تنطلق من الإشارة إلى أنّ "المنطقة بعد حرب غزّة ستدخل مرحلة مختلفة، مع أهمية وقف إطلاق النار وتطبيق مندرجات القرار الدوليّ 1701 وانتخاب رئيس أو رئيسة للجمهورية اللبنانية للتفاهم على المرحلة المقبلة". وإذ لا يزال الحلّ الديبلوماسيّ للمناوشات الحربية الناشبة جنوب لبنان ممكناً لكنّ العراقيل صعبة، فإنّ الأهمية التي توليها الولايات المتحدة لانتخابات الرئاسة اللبنانية تنطلق، وفق الريحاني، من "اقتناعٍ بضرورة انتخاب رئيسٍ أو رئيسة للبنان على استعدادٍ للإصلاح المتكامل مع القدرة والمعرفة، فيما تنطلق هذه التوصيات من حرص أميركيّ على لبنان الذي يشكّل رسالة تؤمن بتفاصيلها الولايات المتحدة حفاظاً على التعدّدية والحريات". وتظهر الريحاني بعض الانطباعات القلقة على الاستحقاق الرئاسيّ اللبنانيّ، ذلك أنّ "التأخير ليس لمصلحة لبنان بعد أشهر من المراوحة فيما لا يمكن توجيه اللوم للحرب الناشبة في قطاع غزّة، في اعتبار أنّ الفراغ الرئاسيّ كان بدأ قبل حرب غزة".
وإذا كان لا بدّ من اختصار للواقع الخاصّ بالاستحقاق الرئاسيّ، فإنّ الريحاني تقول إنّ "هناك صعوبات كبيرة أمام انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية لكن لا استعصاء بل حاجة للتوصل إلى حلول. وكان الاستحقاق الرئاسي شهد تعقيدات أكبر في الأسابيع الماضية في خضمّ الفوضى الأمنية الحاصلة في لبنان والتي يمكن أن تتفاقم إذا تأخّر انتخاب الرئيس اللبناني أكثر. ومن الضروري العمل على تقليص التعقيدات إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتعيين رئيس حكومة وتأليفها سريعاً وعندها يمكن الطلب من الدول الكبرى المساعدة في تنفيذ القرار 1701 وانتشار الجيش اللبنانيّ على الحدود اللبنانية الجنوبية. وعندئذٍ، يمكن للدول الصديقة أن تساعد في انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وتشكيل حكومة بمشاركة أشخاص مؤهلين بعيداً عن الزبائنية، مع استعدادٍ خارجيّ لمساعدة لبنان إذا تبلورت الإصلاحات الضرورية".
"فليذهب اللبنانيون أبعد من السياسة ويعدّوا خطّة لانتخاب رئيس أو رئيسة للجمهورية اللبنانية ويقترحوا اسماً أو أكثر مع ضرورة العمل في سبيل التناغم بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة حتى يكون في استطاعة المجتمع الدولي مساعدة لبنان"، بهذه العبارة تؤكّد الريحاني على كيفية بلورة الحلّ لانتخابات الرئاسة اللبنانية. لكن ماذا في الأسباب التي تحول من دون انتخاب رئيس حتى اللحظة؟ إنّ العراقيل التي تثير خشيتها، تكمن في وجود "حزب الله" الذي لا يهدف لانتخاب رئيس للجمهورية إلا وفق شروطه، كما أن ثمة خلافات داخلية بين القوى السياسية تشكّل حجر عثرة. لا يؤمن "حزب الله" بالسيادة اللبنانية فيما لا بدّ من التفاهم على مواضيع أساسية تحت سقف الدستور اللبناني. ولا بدّ من القبول بما ينصّ عليه الدستور وأن ينتخب رئيس للجمهورية مع حكومة من وزراء تكنوقراط، على أن يولوا المصلحة اللبنانية الأولوية وأن يعملوا كفريق عمل مع استطاعة رئيس الجمهورية الحديث مع الدول من ناحيته".
قرّرت مي الريحاني الإبقاء على ترشّحها الرئاسي رغم انقضاء كلّ هذه الأشهر التي لم تعرف تغيّراً في المراوحة المخيّبة. وهي تبقي على تمسّكها في خوض الاستحقاق، في قولها إنه "يمكن لانتخابي أن يحفّز نسبة النجاح اللبناني بسبب علاقاتي مع المؤسسات الممولة للنهوض التي تشكّل جزءاً من عملي واختصاصي"، وسط إيمان كبير منها في أن "لبنان يحتاج رئيساً أو رئيسة للجمهورية مع خبرة عالمية يمكن توظيفها لمصلحة لبنان. ومن الأفضل الابتعاد عن الزواريب الضيقة للسياسة اللبنانية حتى يكون في استطاعة لبنان تجاوز كلّ هذه التفاصيل مع ضرورة التأكيد على عمق القضية اللبنانية، مع إمكان الحصول على دعم عالميّ إذا استطاع لبنان إيصال رئيس أو رئيسة للجمهورية بهذه المؤهلات ما يضع الأوضاع في لبنان على السكة الصحيحة".
لا يخفت تمسّك ميّ الريحاني بلبنان وأولوية انتخابات الرئاسة اللبنانية رغم المسافات التي لا تقلّل من المتابعة الحثيثة بهدف الوصول إلى مستقبلٍ لبنانيّ أفضل لا تزال تؤمن في القدرة على بلورته بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية يأخذ على عاتقه الانطلاق في نهج سياديّ يسهم في إصلاح لبنان، في قولها "إنه لا بدّ أن يحصل العمل في الداخل اللبناني من خلال فريق يعمل على إنقاذ الكيان والدولة مع الحاجة لاتخاذ خطوات لانتخاب رئيس لبنانيّ ثم طلب المساعدات من الخارج. ونحن نحتاج وجود رئيس أو رئيسة للجمهورية اللبنانية بمؤهلات إصلاحية مع التفاوض حول كيفية حلّ ملف النازحين السوريين. ولا بدّ من تفاهم بين رئيس الجمهورية اللبنانية الذي سينتخب ورئيس الحكومة".