تعتقد مصادر دبلوماسية فرنسية أنه، بعد زيارة المبعوث الرئاسي الفرنسي الوزير جان إيف لودريان للبنان، والأجواء غير المشجعة التي رافقتها وتلتها، لا تزال هناك فرصة لنجاح مساعيه في موضوع انتخاب رئيس للبنان في ضوء الجهود الإضافية التي ستبذلها اللجنة الخماسية قبل تموز (يوليو) أو آب (أغسطس)، لأن بعد هذه الفترة ستبدأ الحملة الانتخابية الرئاسية الأميركية.
وتعوّل المصادر على تضافر الجهود الأميركية والفرنسية لإقناع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري بالتقدم نحو الانتخاب. كما أن فرنسا تعتمد على علاقة الثقة بينها وبين المملكة السعودية للتقدم معها على هذا الصعيد. وتلفت المصادر إلى أن الإدارة الأميركية مهتمة بموضوع انتخاب الرئيس وتدفع من أجله، فهي تعتبر أن لبنان بحاجة إلى رئيس إذا أرادت إنجاح الحل الدبلوماسي بينه وبين إسرائيل حول جنوب لبنان.
وفي هذا السياق، تعوّل المصادر أيضاً على محادثات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وضيفه الرئيس الأميركي جو بايدن في فرنسا يوم 8 حزيران (يونيو) التي من المتوقع أن يتطرقا فيها إلى موضوع انتخاب رئيس للبنان، وأيضاً إلى عدم التصعيد في الجنوب. وتلفت المصادر إلى المحادثات التي أجراها لودريان مع رئيس كتلة نواب "حزب الله" محمد رعد التي تركت انطباعاً لافتاً للانتباه، إذ إنه لم يلفظ اسم مرشح الحزب سليمان فرنجية، وقال إن الحزب يؤيد انتخاب رئيس فقال له لودريان إنه إذا كان ذلك موقف الحزب فسيبلغه إلى جميع محاوريه. وإذا كان كثر لا يصدقون ذلك، فإنها بالنسبة إلى فرنسا كلمة من الحزب.
وتضيف المصادر أن لودريان يدرك أن التوافق على التفاصيل بالغ التعقيد والعراقيل، وهي تعتقد أن "حزب الله" غير راغب في سحب مرشحه ما لم يحصل على مرشح يعطيه ضمانات، وأن رئيس البرلمان نبيه بري يرفض حتى الآن فتح البرلمان لانتخاب رئيس لأن الثنائي الشيعي غير متيقن من فوز مرشحه، وهذه هي المشكلة المستمرة بالنسبة إلى موضوع انتخاب الرئيس.
وتشرح المصادر أن الثنائي الشيعي فهم أن مرشحه لن يفوز وأن الحل الوحيد أمامه هو إيجاد مرشح تسوية، ومن أجل ذلك يجب أن يقوم الثنائي بالتشاور والتفاوض للتوصل إلى توافق، ولكنه يبدو غير مستعجل للقيام بذلك.
وهل لـ"حزب الله" الذي يمسك بزمام السلطة في لبنان مصلحة في أن يكون هناك رئيس؟
تجيب المصادر بأن هذا السؤال ينطبق أيضاً على بعض القوى المسيحية، وما إذا كان من مصلحتها أن يكون لها رئيس يتحمل مسوؤلية الوضع اللبناني الحالي، فمثلاً لو كان هناك رئيس فماذا سيفعل إذا كان ضد الحرب؟ وعليه هناك عدد من المسؤولين في لبنان لا يرون مصلحة في انتخاب رئيس حالياً، في رأي المصادر. لكن المصادر عينها ترى أن الأهم هو وضع كل الأطراف أمام مسؤولياتهم، لأن الجميع يقولون للودريان إنهم يؤيدون انتخابات بأسرع وقت وعليهم أن يتحملوا هذه المسؤولية وينفذوا ما يقولون.
في سياق مواز يتعلق بالوضع في الجنوب، وضع وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب عندما التقاه في باريس الأربعاء في صورة محادثاته حول الجنوب مع وزير الخارجية الإسرائيلي إسرائيل كاتز قبل أسبوع. وأعربت المصادر عن انطباعاتها بأن الإسرائيليين ليسوا ضد حل دبلوماسي للجنوب ولو أن البعض في الإدارة يريد الحرب. وتقول المصادر إن اللبنانيين يشعرون بنوع من الارتياح إلى كون بعض الإدارة الإسرائيلية يحبذ حلاً دبلوماسياً، ولكن سيجورنيه أبلغ بوحبيب أنه ينبغي الحذر لأن الإدارة الإسرائيلية ليست كلها من هذا الرأي، فما زال هناك من يريدون حل المشكلة بطريقة مختلفة، على سبيل المثال وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر. وتأخذ باريس التهديدات الإسرائيلية بجدية وتحذر اللبنانيين من ذلك، وتعتبر أن هناك اتجاهاً لدى "حزب الله" للاعتقاد أن إسرائيل منهمكة في حربها في غزة، وأنها ردت رداً ضعيفاً على الهجوم الإيراني، ما تعتبره باريس خطأً في التحليل من الحزب، لذا نبه سيجورنيه بوحبيب من خطورة الاعتقاد أن إسرائيل لن تقوم بعملية عسكرية على لبنان.