النهار

من بوابة سوريا... إسرائيل تستعد للمواجهة مع "حزب الله"
المصدر: رويترز
قال المسؤول الحكومي الإسرائيلي: "تصريحات قادتنا كانت واضحة بأن التصعيد قد يكون وشيكاً في لبنان".
من بوابة سوريا... إسرائيل تستعد للمواجهة مع "حزب الله"
عناصر في "حزب الله".
A+   A-
أعلن 7 مسؤولين إقليميين ودبلوماسيين اليوم الإثنين أن إسرائيل كثّفت ضرباتها السرّية في سوريا ضد مواقع الأسلحة وطرق الإمداد والقادة المرتبطين بإيران، قبل التهديد بشن هجوم واسع النطاق على "حزب الله"، حليف طهران الرئيسي في لبنان.
 
وذكرت ثلاثة من المصادر أن غارة جوية حصلت في الثاني من حزيران (يونيو) وأدّت إلى مقتل 18 شخصاً بينهم مستشار بالحرس الثوري الإيراني استهدفت موقعاً سرّياً محصّناً للأسلحة قرب حلب. 
 
وأفاد 4 بأن غارة جوية أصابت في أيار (مايو) قافلة من الشاحنات كانت متّجهة إلى لبنان تحمل أجزاء صواريخ، وأدّت غارة أخرى إلى مقتل عناصر من "حزب الله".
 
وصلت المعركة إلى ذروتها في نيسان (أبريل) عندما قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية في دمشق. وردّاً على ذلك، أطلقت إيران نحو 300 صاروخ وطائرة مسيّرة على إسرائيل، تم إسقاطها كلّها تقريباً. ثم هاجمت إسرائيل الأراضي الإيرانية بطائرات بدون طيار.
 
توقّفت هذه المواجهة المباشرة، الأولى من نوعها بين البلدين، عند هذا الحد. وقالت سيلين أويسال، وهي دبلوماسية فرنسية معارة لمعهد واشنطن، نقلاً عن الإحصاء الذي أحصى الهجمات المعروفة علناً في الأسابيع التي سبقت وبعد ذلك مباشرة، إن إسرائيل خفّضت أيضاً لفترة وجيزة عدد الضربات التي كانت تنفّذها ضد وكلاء إيران.
 
وأضافت: "كان هناك تباطؤ بعد المواجهة في نيسان، لكنّها تتزايد مرّة أخرى بسبب عمليات نقل الأسلحة الإيرانية المشتبه بها إلى لبنان. هناك جهد في سوريا ولبنان لتعطيل سلسلة التوريد بين إيران وحزب الله".
 
وأجرت "رويترز" مقابلات مع ثلاثة مسؤولين سوريين ومسؤول حكومي إسرائيلي وثلاثة دبلوماسيين غربيين بشأن الحملة الإسرائيلية في سوريا. وطلب المسؤولون عدم الكشف عن أسمائهم للحديث بحرية عن أمور حسّاسة.
 
وقدّم المسؤولون السوريون تفاصيل لم يتم الإبلاغ عنها سابقاً عن أهداف الضربات الإسرائيلية حول مدينتي حلب وحمص في الأشهر الأخيرة، بما في ذلك هجوم 2 حزيران.
 
وأشار جميع من أجريت معهم مقابلات إلى أن التحرّكات الإسرائيلية تشير إلى أنّها تستعد لحرب واسعة النطاق ضد "حزب الله" في لبنان، المتاخم لسوريا، والتي يمكن أن تبدأ عندما تخفّف إسرائيل حملتها في غزة.
 
وقال المسؤول الحكومي الإسرائيلي: "تصريحات قادتنا كانت واضحة بأن التصعيد قد يكون وشيكاً في لبنان".
 
وأكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي أن بلاده مستعدة "لإجراء قوي للغاية" على حدودها مع لبنان، حيث تخوض معركة محدودة حتى الآن مع "حزب الله" منذ الثامن من تشرين الأول (أكتوبر).
 
الحرب في لبنان ليست حتمية، فأبدت إسرائيل انفتاحها على الجهود الدبلوماسية التي تتوسّط فيها واشنطن وفرنسا. 
 
وأشار المسؤول الحكومي الإسرائيلي إلى أن الحملة في سوريا تهدف أيضاً إلى إضعاف "حزب الله" وبالتالي ثنيه عن الحرب مع إسرائيل.
 
قتل القادة وضرب الإمدادات
وأصبحت سوريا، الحليفة القديمة لإيران، القناة الرئيسية لإمدادات الأسلحة من طهران إلى "حزب الله" بعد أن نشرت إيران أفراداً عسكريين وآلافاً من القوّات شبه العسكرية المتحالفة معها منذ عام 2013 تقريباً لمساعدة الرئيس بشار الأسد خلال الحرب الأهلية المستمرة في بلاده.
 
وقال المسؤولون السوريون الثلاثة إن بعض أجزاء الأسلحة يتم تهريبها إلى سوريا بينما يتم تجميع أجزاء أخرى هناك.
ولفت المسؤولون السوريون والمسؤول الإسرائيلي إلى أن الحملة الإسرائيلية في سوريا تهدف إلى التأكد من أن "حزب الله"، الحليف الأكثر ولاءً لإيران والمحور الرئيسي لاستعراض طهران للقوّة الإقليمية من خلال وكلائها المسلحين، ضعيف قدر الإمكان قبل بدء أي نوع من القتال.
 
وأردف المسؤولون السوريون أن مقتل سعيد أبيار، الذي وصفته وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية بأنه مستشار للحرس الثوري الإيراني، في 2 حزيران، أظهر مدى قدرة إسرائيل على القضاء على الأفراد الرئيسيين واستهداف المعدّات حتّى عندما استخدمت إيران أساليب جديدة لحماية الأسلحة والأجزاء المتجهة إلى "حزب الله"، بما في ذلك نقل تصنيع الأسلحة إلى مواقع أكثر مخفية أو محصّنة.
 
وأوضح المسؤولون السوريون أن أبيار كان يزور مصنعاً لتصنيع الصواريخ لـ"حزب الله" كان مخبأ داخل مقلع للحجارة شرق مدينة حلب عندما أصيب. وقال أحد المسؤولين، وهو ضابط مخابرات: "كانت المنشأة في منطقة مصمّمة بحيث يصعب العثور عليها ويصعب ضربها".
 
وألقت إيران باللوم في هجوم يوم الأحد على إسرائيل وتعهّد قائد الحرس الثوري الإيراني بالرد.
 
وذكر المسؤولون أن الغارة أسفرت عن مقتل 17 شخصاً آخرين، من بينهم أفراد من الميليشيات المتحالفة مع إيران. وأضافوا أن هذا هو أول استهداف لمسؤول في الحرس الثوري الإيراني منذ أن قصفت إسرائيل القنصلية الإيرانية.
 
إلى ذلك، لفت ضابط المخابرات السوري إلى أن غارة جوية قرب مدينة حمص السورية يوم 29 أيار استهدفت مركبة تحمل أجزاء صواريخ موجّهة من سوريا إلى لبنان. وقال الضابط إن ضربة أخرى في 20 أيار استهدفت أعضاء في "حزب الله".
 
وأشار الضابط إلى أنّه قبل الهجوم على القنصلية الإيرانية، أصابت سلسلة من الضربات الجوية في أواخر آذار (مارس) حول حلب مستودعات تخزن مواد شديدة الانفجار لرؤوس الصواريخ الحربية.
 
وقال مسؤول عسكري سوري إن هجمات أخرى استهدفت أنظمة الدفاع الجوي السورية التي منحت في السنوات الأخيرة "حزب الله" والعسكريين الإيرانيين بعض الأمن للعمل، بما في ذلك أنظمة الدفاع الجوي بانتسير روسية الصنع وقاذفات صواريخ متنقلة يستخدمها الجيش السوري، لافتاً إلى أن ضربات أخرى استهدفت أنظمة رادار للإنذار المبكر.
وقال المسؤول: "في بعض الحالات، تقوم إسرائيل بالضرب حتى قبل أن نقوم بتركيب معدّاتنا".
 
وشدّد المسؤول الحكومي الإسرائيلي على أن الأهداف الإسرائيلية كانت أسلحة متطوّرة مضادة للطائرات وصواريخ ثقيلة وأنظمة توجيه دقيقة للصواريخ.
 
إسرائيل تقلب التوازن؟
وقفز عدد الهجمات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير بعد 7 تشرين الأول، عندما دخلت إسرائيل و"حماس" في الحرب. وقال أويسال من معهد واشنطن: "لقد تضاعف التردّد".
 
وأضافت أن إسرائيل نفّذت 50 غارة جوية في سوريا خلال الأشهر الستة التي تلت بدء الحرب على غزة. "وشمل ذلك هجمات على مطار حلب، ومطار النيرب العسكري، ومطار دمشق، ومطار المزة العسكري، وهي مناطق رئيسية في نقل الأسلحة. وكانت مخابئ الأسلحة أيضًا من بين الأهداف".
 
وذكر أويسال أن الضربات شملت مقتل نحو 20 مسؤولاً في الحرس الثوري الإيراني وأكثر من 30 من قادة "حزب الله"، متابعتً: "بين كانون الثاني (يناير) وتشرين الأوول من عام 2023، قُتل اثنان من مسؤولي الحرس الثوري الإيراني ولم يقتل أي من قادة حزب الله في الضربات الإسرائيلية في سوريا".
 
وقال ليئور أكرمان من جامعة رايخمان، العميد السابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: "من المؤكد أن الهجمات في سوريا توقف تسليم الأسلحة والذخيرة وتضر بقدرة حزب الله أو إيران على التنظيم".
 
وأعلن نواف الموسوي، المسؤول في "حزب الله"، لقناة الميادين التلفزيونية المتحالفة مع إيران في آذار، أن الجماعة تفتتح مستودعات ذخيرة جديدة وتحصل على صواريخ أكثر دقة وأسلحة ذات نوعية أفضل برّاً وبحراً وجواً".
 
ورأى فرزان ثابت، الباحث البارز في معهد جنيف للدراسات العليا والمتخصص في السياسة الخارجية الإيرانية، أن الهجمات التي شنّها "حزب الله" وحلفاء إيران في العراق واليمن على إسرائيل خلال حرب غزة أثرت على إسرائيل.
 
وأضاف: "لكّنها قتلت عدداً أكبر من عناصر حزب الله وشخصيات بارزة، بما في ذلك أفراد من الحرس الثوري الإيراني في سوريا، وبالتالي فهي خسارة أكبر" لحلفاء إيران.
 
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium