النهار

في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب... مثال حي عن الانتهاكات
عامر شيباني
المصدر: النهار العربي
في السادس والعشرين من حزيران (يونيو) في كل عام، يتذكّر العالم اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب. هذا اليوم، الذي أقرته الأمم المتحدة في عام 1997، يهدف إلى تسليط الضوء على معاناة ضحايا التعذيب حول العالم، وتعزيز الجهود العالمية لمكافحة هذه الجريمة البشعة، وتقديم الدعم اللازم للناجين.
في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب... مثال حي عن الانتهاكات
صورة تعبيرية (الامم المتحدة)
A+   A-
في السادس والعشرين من حزيران (يونيو) في كل عام، يتذكّر العالم ضحايا التعذيب. هذا اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الذي أقرته الأمم المتحدة في عام 1997، يهدف إلى تعزيز الجهود العالمية لمكافحة هذه الجريمة البشعة، وتقديم الدعم اللازم للناجين.
 
يُعد التعذيب انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وكرامته، ويشمل استخدام العنف الجسدي والنفسي لإلحاق الألم والمعاناة بالأفراد من أجل الحصول على معلومة، ويمارس في السجون ومراكز الاحتجاز إلى ميادين الحروب والنزاعات.
 
منذ إقرار اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في العام 1984، انضمت غالبية دول العالم إلى الجهود الدولية الرامية إلى القضاء على هذه الممارسة غير الإنسانية. ومع ذلك، لا تزال التقارير تشير إلى استمرار حالات التعذيب في بعض الدول لاسيما لبنان، ما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه المجتمع الدولي في هذا المجال.
 
الاعتراف سيد الأدلة
رئيسة لجنة الوقاية من التعذيب في الأمم المتحدة سوزان جبور شددت في حديث لـ"النهار العربي" على أن الإشكالية الأساسية تكمن في القاعدة التي تقول إن الاعتراف سيد الأدلة، لكن انتزاع الاعتراف يتم عبر التعذيب.
 
وتعمل العديد من المنظمات غير الحكومية في لبنان، مثل منظمة العفو الدولية والمركز الدولي لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب، على تقديم الدعم الطبي والنفسي والاجتماعي للناجين. كما تقوم هذه المنظمات بحملات توعية وتضغط على الحكومات لتحمل مسؤولياتها في مكافحة التعذيب ومحاسبة المسؤولين عنه.
 
وبمناسبة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، حض المدير التنفيذي لمركز سيدار للدراسات القانونية سعدالدين شاتيلا "السلطات اللبنانية على تطبيق قانون 65/2017 الذي أقرته بخاصةً القانون رقم 65/2017 والتعديل الذي أقر حول المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية بما يضمن الحق في الاستعانة بمحام أثناء الاستجواب".
 
وأكد أنه لا "يزال التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة منتشرين في أماكن الاحتجاز، ولا يزال الإفلات من العقاب على هذه الأفعال واسع النطاق. وكمركز سيدار للدراسات القانونية، وثقنا عدد كبير من الحالات لانتهاك المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية منذ تعديل النص عام 2020، حيث لم يكن المحامي حاضراً أثناء الإستجواب الأولي ولم يعرض على الموقوف الإستعانة بمحام.".
 
 
 
مثال حي
واعطى شاتيلا مثالاً على التعذيب خلال التحقيق، وكشف أن "ر.ز تعرّض للتعذيب على يد أحد العناصر الأمنية في جبل لبنان في 31 آب (أغسطس) 2022. وفي 4 نيسان (أبريل) 2024، قدم شكوى بشأن تعذيبه. وفي 21 أيار (مايو) الماضي، تم اعتقاله بناءً على اتهامات تتعلق بـ" ترويج مال مزور"، وبسبب هذه الإتهامات كان قد تم استجوابه وتعذيبه أساساً. خلال استجوابه، عرض عليه قاضي التحقيق شكوى التعذيب التي تم تقديمها، مما يُعتقد أنه كان رد فعل على تقديمه للشكوى".
 
وقال: "يجب أن تكون هنالك إرادة حقيقية في القضاء على التعذيب تبدأ من المؤسسات القضائية، حيث هنالك موجب فتح تحقيق في إدعاءات التعذيب، وضمان عدم الإنتقام من الضحية من خلال إعتقاله مجدداً في حال قدم شكوى تعذيب، وهنالك دور على نقابتي المحامين في لبنان بأن تفعل تطبيق المادة 47 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، وهنالك أيضاً دور على المدعي العام لمحكمة التمييز في إحالة قضايا التعذيب إلى القضاء العدلي سنداً للمادة 15 من قانون أصول المحاكمات الجزائية".
 
خطة للحد من التعذيب
في المقابل، مدير مركز حقوق السجين في نقابة المحامين المحامي تمام العلي أكد أن نقابة المحامين في طرابلس حرصت من خلال دورها القانوني والوطني على وضع خطة تهدف إلى المساهمة في جهود مكافحة هذه الظاهرة أو الجريمة من خلال انشاء مركز حقوق السجين  لدى النقابة وهو عبارة عن مؤسسة نقابية متخصصة هدفها الحد من انتهاك حقوق الموقوفين والسجناء وتعذيبهم انطلاقا من شرعة حقوق الإنسان، لاسيما أن ضيق السجون وعدم الفصل بين السجناء على أساس السن وفداحة الجرم يعرض الفئات العمرية الشابة إلى مخاطر كثيرة إضافة الى عدم ملاءمة مراكز التوقيف والقيمين عليها فضلا إلى افتقار مراكز التوقيف إلى الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم بما يتناسب مع الكرامة الإنسانية وصحة وسلامة السجناء والموقوقين  الأمر الذي يستوجب انشاء برنامج شامل متخصص يهدف إلى نشر الوعي وتقويم النظرة إلى السجين وإصلاح السجون وتأهيلها وتثقيف العاملين بها حول حقوق السجين وكيفية معاملته وإعلام السجين بحقوقه." 
 
وشرح أن "مركز حقوق السجين في نقابة المحامين وضع نصب عينيه خطة عمل تتضمن: 
 
- المساهمة في إعداد مشروع قانون موحد يرعى السجون وحقوق السجين والعمل على إقراره. 
 
- العمل على أنسنة الفلسفة العقابية والمساهمة في تعديل القوانين بغية تطوير السجون وأماكن التوقيف لتتناسب مع شرعة حقوق الانسان وتتواءم مع ما وصلت اليه البلدان المتقدمة في القواعد النموذجية الدنيا والاتفاقية الأممية لمناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والإعلان الدولي بشأن أطباء السجون وإيجاد الإجراءات والوسائل التنفيذية لتطبيق هذه المواثيق الدولية.
 
- العمل على جعل قضية السجون ونزلائها قضية رأي عام والاقلاع عن تهميشهم وذلك عبر توثيق الانتهاكات التي تحصل داخل السجون.
وغيرها من الأهداف التي يعمل عليها المركز بهذا الخصوص.
 
وذكّر العلي بأن "الموقوف أو المحكوم هو إنسان له حقوق وهناك أصول لا بدّ من إحترامها سواء المادة 47 أ.م.ج المعدلة بالقانون 191 والتي جاءت لتحافظ على حق المشتبه فيه بالاتصال بمحام والأهم حضور المحامي  شخصيا عند التوقيف مهما كان نوع الجرم ومهما كانت انتماءات الموقوفين وبالتالي لا يمكن السير بالتحقيقات دون حضور محام مهما كانت الذرائع"، لكنه استدرك بالقول: "للأسف نرى أنه من الناحية العملية هناك عدم تطبيق للقانون لهذه الجهة بحجة تنازل الموقوف عن هذا الحق وجميعنا نعرف أن هذا غير صحيح ".
 
اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب ليس مجرد مناسبة لتذكر الضحايا، بل هو دعوة للعمل من أجل القضاء على التعذيب وضمان العدالة والكرامة للجميع  للوصول إلى عالم خال من التعذيب والظلم.  
 

اقرأ في النهار Premium