أنهى مجلس الوزراء الأمني في إسرائيل اجتماعاً مساء اليوم الأحد بعد انعقاده لمدة 3 ساعات، بهدف بحث الرد على هجوم صاروخي في هضبة الجولان المحتلة أدى إلى مقتل 12 فتى وطفلاً، وهو الهجوم الذي حملت إسرائيل والولايات المتحدة حزب الله اللبناني المسؤولية عنه، رغم نفي الحزب.
ولم تصدر بعد أي تفاصيل بخصوص الرد الإسرائيلي، بينما ذكرت وسائل إعلام عبرية أن المجلس فوض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت بتحديد طبيعة الرد"، في حين قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن "الرد محدود لكن بتأثير قوي".
وتحدثت الصحيفة عن أن "إسرائيل تمتلك مجموعة واسعة من الأهداف في الأراضي اللبنانية، كمهاجمة المستودعات العسكرية الاستراتيجية حيث يتم تخزين الصواريخ الدقيقة، إلى جانب إمكانية اغتيال 9 أعضاء كبار آخرين في حزب الله. كما يمكن للجيش الإسرائيلي أيضاً أن يختار موقعاً جديداً ورمزياً، ولن يكون لهذا الهدف أي معنى إلا إذا كان في بيروت".
وأضافت الصحيفة: "يحتفظ حزب الله كذلك بمساحات مدنية كبيرة في العاصمة اللبنانية، ويمكن للجيش الإسرائيلي أن ينفذ هجوماً دقيقاً ومدروساً عليهم - وهو الهجوم الذي سيسمع جيداً في جميع أنحاء المدينة، وليس فقط في منطقة الضاحية الجنوبية".
قبل ذلك، قال المحلل العسكري في القناة 13 العبرية أور هيلر، تطرق إلى 3 سيناريوهات أمام إسرائيل، مشيراً إلى أن السيناريو الأول هو "رد مدروس لسلاح الجو ربما يكون ضد مخازن أسلحة ومناطق تحشد لحزب الله"، مشيراً إلى أن "هكذا رد لا يؤدي إلى خسائر بشرية لحزب الله ما يسمح له باحتوائه ويمنع حرباً شاملة".
أما السيناريو الثاني، فهو "رد قوي أكثر، كاللجوء إلى تصفية مسؤولين في حزب الله وقادة ميدانيين، والتوسيع الجغرافي للهجمات"، وهذا بحسب هيلر "قد يؤدي إلى رد قوي من حزب الله وتبادل ضربات وتحديداً في الشمال، تحت ما يسمى أيام قتالية قد تستمر عدة أيام إلى أن تهدأ الأوضاع".
واعتبر هيلر أن السيناريو الثالث هو الأقل احتمالاً، ويمثل بـ"قرار إسرائيلي يستفيد من الكارثة التي وقعت في مجدل شمس بالجولان من أجل تغيير قواعد اللعبة في لبنان وبدء ضربة افتتاحية مبادر إليها من جانب إسرائيل ضد الكثير من الأهداف لحزب الله ودولة لبنان والدخول برياً حتى الليطاني، وأيضا هجمات في الضاحية المشهورة وبيروت، ضد أهداف لبنانية، وهذا السيناريو هو بالضرورة حرب شاملة".
أميركا لا تريد تصعيداً
من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم أنه لا يريد رؤية تصعيد في الصراع بعد اتهام إسرائيل "حزب الله" بقتل 12 طفلا وفتى في هجوم صاروخي على هضبة الجولان المحتلة، فيما قال مصدران أمنيان لرويترز إن "حزب الله" "في حالة استنفار شديد" تحسبا لشن إسرائيل هجوما.
وذكرت إسرائيل اليوم الأحد أنها ستهاجم الجماعة المدعومة من إيران بقوة بعد الواقعة.
وقال بلينكن إن واشنطن تجري محادثات مع إسرائيل حول هجوم الجولان.
كما أعلن بلينكن أن "كل المؤشرات" تدل على أن "حزب الله" أطلق الصاروخ على الجولان.
وقال بلينكن ردا على سؤال في مؤتمر صحافي في طوكيو: "لا يوجد مبرر للإرهاب". وأضاف: "كل المؤشرات تدل على أن الصاروخ كان بالفعل من حزب الله. نؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها من الهجمات الإرهابية".
وفي وقت لاحق، قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون في بيان: "هذا الهجوم نفذه حزب الله اللبناني. إنه صاروخ تابع لهم انطلق من منطقة يسيطرون عليها"، مضيفة أن البيت الأبيض يجري محادثات مستمرة مع المسؤولين الإسرائيليين واللبنانيين منذ وقوع الهجوم.
وأضافت: "تعمل الولايات المتحدة أيضا على إيجاد حل دبلوماسي على امتداد الخط الأزرق من شأنه أن ينهي جميع الهجمات نهائيا ويسمح للمواطنين على جانبي الحدود بالعودة بأمان إلى منازلهم".
كما ندد الأمين العام للأمم المتحدة بالهجوم، داعيا "جميع الأطراف إلى أكبر قدر من ضبط النفس".
وقال انطونيو غوتيريش على لسان المتحدث باسمه، إن "المدنيين، وخصوصا الأطفال، ينبغي ألا يستمروا في تحمل وزر العنف الرهيب الذي يسود المنطقة".
لبنان
من جهته، قال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب لرويترز اليوم إن الحكومة اللبنانية طلبت من الولايات المتحدة حث إسرائيل على ضبط النفس.
وقال بوحبيب إن الولايات المتحدة طلبت من الحكومة اللبنانية نقل رسالة إلى "حزب الله" تطالبه بالتحلي بضبط النفس أيضا. ونفى "حزب الله" المسؤولية عن الهجوم. وتعهدت إسرائيل بالرد السريع.
حالة استنفار
الى ذلك، قال مصدران أمنيان لرويترز إن "حزب الله" "في حالة استنفار شديد" اليوم الأحد.
وذكر المصدران الأمنيان أن الجماعة بادرت بإخلاء بعض المواقع المهمة في جنوب لبنان وفي سهل البقاع شرق البلاد تحسبا لشن إسرائيل هجوما.
وقالا إن "حزب الله" "أخلى بعض المراكز المهمة في الجنوب والبقاع خلال الساعات الماضية".
إسرائيل تتوعد
وتوعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت "بضرب العدو بقوة" بعد أن أدى سقوط صاروخ حمّل مسؤوليته إلى حزب الله اللبناني، لمقتل 12 من الفتيان في مرتفعات الجولان المحتلة وإثارة مخاوف من توسع حرب غزة.
وفي حين نفى حزب الله مسؤوليته عن الضربة الصاروخية على بلدة مجدل شمس، حذّرت طهران إسرائيل من أن أي "مغامرات" عسكرية جديدة في لبنان قد تسبب "تداعيات غير متوقعة".
ووصف الجيش الإسرائيلي الواقعة بأنها "الهجوم الأكثر دموية على مدنيين إسرائيليين" منذ هجوم "حماس" في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الذي أطلق شرارة الحرب في غزة وأثار تبادلا منتظما للقصف عبر الحدود اللبنانية.
واتهمت الدولة العبرية "حزب الله" بإطلاق الصاروخ، لكن الحزب الذي يستهدف يوميا مواقع عسكرية إسرائيلية، قال إن "لا علاقة" له بالحادثة.
وأشارت السلطات الإسرائيلية الى أن صاروخاً سقط السبت على ملعب كرة قدم في بلدة مجدل شمس التي تقطنها غالبية درزية، ما أدى الى مقتل 12 شخصاً تراوح أعمارهم بين 10 و16 عاماً، بينما أصيب نحو 30 بجروح.
وأتت الضربة في الجولان بعد ساعات من إعلان مسؤولين في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي آلاف النازحين الفلسطينيين أسفرت عن مقتل 30 شخصا على الأقل. وقالت إسرائيل إنها استهدفت "إرهابيين" يعملون انطلاقا من المدرسة.
نتنياهو يقطع زيارته
وشارك الآلاف الأحد في مراسم تشييع قتلى الضربة في مجدل شمس، حيث بدت عليهم علامات الحزن والتأثر. وتجمعت نسوة تدثرن بالعباءة السوداء ووشاح الرأس الأبيض التقليدي لدى الدروز، حول نعوش مغطاة بالأبيض.
دفعت ضربة مجدل شمس نتنياهو إلى العودة مبكرا من الولايات المتحدة لعقد اجتماع لمجلسه الوزاري الأمني المصغر.
وقال نتنياهو في بيان أصدره مكتبه "إسرائيل لن تدع هذا الهجوم الوحشي يمر دون رد، وحزب الله سيدفع ثمنا باهظا لم يسبق أن دفعه من قبل".
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن "حزب الله" "تجاوز كل الخطوط الحمر".
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه ضرب خلال ليل السبت الأحد أهدافا لحزب الله "في عمق الأراضي اللبنانية وفي جنوب لبنان"، مشيرا الى أنه استهدف "مخازن أسلحة وبنى إرهابية".
أطلقت طائرة إسرائيلية مسيّرة صاروخين على بلدة طاريا في شرق لبنان، ما أدى إلى تدمير مستودع ومنزل من دون وقوع إصابات، وفق ما أفاد مصدر أمني لبناني وكالة فرانس برس.
ويؤكد "حزب الله" أن القصف الذي ينفذه عبر الحدود يأتي "إسناداً" لحركة "حماس" التي تقاتل الجيش الإسرائيلي في غزة منذ السابع من تشرين الأول.
دعوة لضبط النفس
وبعد الضربة الصاروخية في الجولان، تفقد مسؤولون عسكريون إسرائيليون يتقدمهم رئيس أركان الجيش هرتسي هاليفي ليل السبت الأحد، بلدة مجدل شمس ذات الغالبية الدرزية.
كما زار غالانت مكان الحادثة في وقت مبكر الأحد، ووقف مع قوات الأمن بجوار سياج ملعب كرة القدم المحطم.
في أعقاب القصف، شاهد مصور من وكالة فرانس برس مسعفين يحملون ضحايا على نقالات في الموقع، حيث تجمع العشرات من السكان.
ودعت الأمم المتحدة الأحد إلى "أقصى درجات ضبط النفس"، وذلك في بيان مشترك للمنسقة الخاصة للبنان جينين هينيس بلاسخارت ورئيس قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) أرولدو لازارو.
وجاء في البيان أن "التبادل المكثف والمستمر لإطلاق النار قد يشعل صراعاً أوسع نطاقاً من شأنه أن يغرق المنطقة بأكملها في كارثة لا يمكن تصورها".
من جهتها، دعت الحكومة اللبنانية إلى "الوقف الفوري للأعمال العدائية على كل الجبهات".
لكن حدة الخطاب تصاعدت مجددا بعد الهجوم الصاروخي، وسط مخاوف متجددة من اتساع نطاق التصعيد.
بدورها، دانت وزارة الخارجية الفرنسية الهجوم الذي أودى بحياة 12 شخصا في الجولان، داعية إلى "تفادي تصعيد عسكري جديد".
وقالت في بيان: "تدين فرنسا بشدة الهجوم الذي استهدف بلدة مجدل شمس الدرزية في الجولان السوري المحتل، وأسفر عن حصيلة ثقيلة بنحو خاص". وأضافت الخارجية الفرنسية أن "فرنسا تدعو إلى بذل كل الجهود لتفادي تصعيد عسكري جديد وستواصل العمل مع الأطراف المعنية لتحقيق هذه الغاية".