أججت ضربة صاروخية على هضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل المخاوف من اندلاع حرب شاملة بين إسرائيل و"حزب الله" اللبناني المتحالفة مع إيران، وهو احتمال أشار كل من الجانبين قبل ذلك إلى الرغبة في تجنبه ولكنهما قالا أيضا إنهما مستعدان له.
وتوعدت إسرائيل اليوم الأحد بتوجيه ضربات قوية ضد "حزب الله"، متهمة الجماعة بالمسؤولية عن الهجوم الصاروخي الذي أصاب ملعبا لكرة القدم في هضبة الجولان وأسفر عن مقتل 12 طفلا وصبيا.
ونفى "حزب الله" أي مسؤولية عن الهجوم الذي وقع بقرية مجدل شمس الدرزية وأسفر عن سقوط أكبر عدد من القتلى سواء في إسرائيل أو في أراض ضمتها إليها منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر( عندما أشعل هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل فتيل الحرب في غزة.
وفيما يلي خلفية عن الصراع بين إسرائيل و"حزب الله":
لماذا يتقاتل الجانبان؟
بدأ "حزب الله" تبادل إطلاق النار مع إسرائيل في الثامن من تشرين الأول، أي في اليوم التالي لهجوم شنته حركة "حماس" على تجمعات سكنية في جنوب إسرائيل.
ويقول "حزب الله"، وهو حليف لـ"حماس"، إن الهدف من هجماته هو دعم الفلسطينيين الذين يتعرضون للقصف الإسرائيلي في القطاع.
واستدرجت حرب غزة جماعات مسلحة متحالفة مع إيران في المنطقة. وتعد جماعة "حزب الله" على نطاق واسع أقوى العناصر في شبكة متحالفة مع إيران والمعروفة باسم محور المقاومة.
وقال "حزب الله" مرارا إنه لن يوقف هجماته على إسرائيل حتى يتم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
وعلى الرغم من ارتباط الصراع بالحرب في غزة، فإن له قوى محركة خاصة به.
وخاضت إسرائيل و"حزب الله" حروبا عدة، كان آخرها في عام 2006.
ولطالما اعتبرت إسرائيل "حزب الله" أكبر تهديد على حدودها، وتشعر بقلق شديد من تزايد حجم ترسانة الجماعة ووجود موطئ قدم لها في سوريا.
وتحددت أيديولوجية "حزب الله" إلى حد بعيد بالصراع مع إسرائيل. فقد أسس الحرس الثوري الإيراني الجماعة في عام 1982 لمحاربة القوات الإسرائيلية التي غزت لبنان في السنة نفسها. وخاضت الجماعة حرب عصابات على مدى سنوات أدت إلى انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان عام 2000.
وتعد جماعة "حزب الله" إسرائيل دولة غير شرعية قامت على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وترغب في زوالها.
ما هو تأثير الصراع حتى الآن؟
أثر الصراع سلبا بالفعل على كلا الجانبين.
فقد اضطر عشرات الآلاف من السكان إلى الفرار من منازلهم على جانبي الحدود. واستهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مناطق ينشط فيها "حزب الله" في جنوب لبنان وقصفت سهل البقاع بالقرب من الحدود السورية.
كما شنت إسرائيل هجمات في بعض الأحيان على أماكن أخرى، ومن أبرز تداعياتها مقتل قيادي كبير في "حماس" في العاصمة بيروت في الثاني من كانون الثاني (يناير).
ووفقا لمصادر أمنية وطبية ومسح أجرته رويترز لبيانات "حزب الله"، أسفرت الضربات الإسرائيلية عن مقتل نحو 350 من مقاتلي "حزب الله" في لبنان وأكثر من 100 مدنيمن بينهم مسعفون وأطفال وصحفيون.
وقال الجيش الإسرائيلي بعد هجوم أمس السبت إن عدد القتلى بين المدنيين الذين سقطوا في هجمات "حزب الله" ارتفع إلى 23 منذ تشرين الأول، بالإضافة إلى 17 جنديا على الأقل.
وتنفي الجماعة المسؤولية عن هجوم أمس السبت.
وفي إسرائيل يشكل نزوح عدد كبير من السكان مشكلة سياسية كبيرة. ويأمل المسؤولون في أن يتمكن هؤلاء من العودة إلى منازلهم قبل العام الدراسي الذي يبدأ في الأول من أيلول (سبتمبر)، لكن هذا لا يزال مستبعدا على ما يبدو مع استمرار الأزمة.
إلى أي مدى قد يصبح الوضع أسوأ؟
التصعيد محتمل بشكل كبير. لكن رغم ضراوة الأعمال القتالية، لا تزال المواجهة قابلة نسبيا للاحتواء.
وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في كانون الأول (ديسمبر) من أن بيروت ستتحول "إلى غزة" إذا أشعل "حزب الله" حربا شاملة.
وأشارت الجماعة قبل ذلك إلى أنها لا تسعى إلى توسيع نطاق الصراع لكنها قالت أيضا إنها مستعدة لخوض أي حرب تضطر إليها، وإنها لم تستخدم حتى الآن سوى جزء صغير من قدراتها.
وقال نعيم قاسم نائب الأمين العام لـ"حزب الله" في مقابلة مع قناة "الجزيرة" في حزيران (يونيو) إن أي تحرك من إسرائيل لتوسيع دائرة الصراع سيقابل بخراب ودمار وتهجير في إسرائيل.
ولحقت أضرار جسيمة بالجانبين في الحروب الماضية.
وسوت الضربات الإسرائيلية في عام 2006 مناطق واسعة من الضواحي التي يسيطر عليها "حزب الله" في جنوب بيروت بالأرض، ودمرت مطار بيروت، وقصفت طرقا وجسورا وغير ذلك من مرافق البنية التحتية. وفر ما يقرب من مليون شخص من منازلهم في لبنان.
كما فر 300 ألف شخص في إسرائيل من منازلهم هربا من صواريخ "حزب الله" ودُمر حوالي ألفي منزل.
ويمتلك "حزب الله" ترسانة أسلحة أكبر بكثير مما كانت لديها في عام 2006، بما في ذلك صواريخ تقول الجماعة إنها قادرة على ضرب جميع أنحاء إسرائيل.
وصار واضحا منذ بداية الأعمال القتالية في تشرين الأول أن "حزب الله" لديه أسلحة متقدمة أسقط بها طائرات مسيرة إسرائيلية، وأطلق مسيرات محملة بمتفجرات على إسرائيل وصواريخ موجهة أكثر تطورا.
وغزت القوات الإسرائيلية لبنان عدة مرات ووصلت إلى بيروت في غزو عام 1982 الذي كان يهدف إلى سحق المسلحين الفلسطينيين المتمركزين في لبنان.
هل بالإمكان تفادي التصعيد؟
الأمر سيتوقف كثيرا على ما سيحدث في غزة حيث تعثرت الجهود الرامية إلى التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين. ومن الممكن أن يساعد وقف إطلاق النار في القطاع في تحقيق تهدئة سريعة للتوتر في جنوب لبنان.
وتسعى الولايات المتحدة، التي تصنف "حزب الله" جماعة إرهابية، إلى تهدئة الصراع.
وأشارت الجماعة إلى انفتاحها على الوصول إلى اتفاق يعود بالنفع على لبنان، لكنها ذكرت أن المناقشات لا يمكن البدء فيها قبل أن توقف إسرائيل هجومها على قطاع غزة.
وأشارت إسرائيل أيضا إلى انفتاحها على تسوية دبلوماسية تعيد الأمن إلى الشمال، وذلك في الوقت الذي تجري فيه استعداداتها لهجوم عسكري لتحقيق الهدف ذاته.
وتوسط المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكشتاين في اتفاق دبلوماسي صعب المنال بين لبنان وإسرائيل في 2022 حول حدودهما البحرية المتنازع عليها.
وقال هوكشتاين في 30 أيار (مايو) إنه يتوقع عدم تحقيق سلام بين "حزب الله" وإسرائيل، لكن مجموعة من التفاهمات بإمكانها إزالة عدد من مسببات الصراع وقد تفضي إلى ترسيم حدود معترف به بين لبنان وإسرائيل.
وتضمن اقتراح فرنسي قُدم لبيروت في شباط (فبراير) انسحاب وحدة النخبة التابعة لـ"حزب الله" لمسافة 10 كيلومترات من الحدود وإجراء مفاوضات تهدف إلى تسوية النزاعات حول الحدود البرية.