النهار

في جنوب لبنان... جنود إسبان من اليونيفيل عالقون بين نارين
المصدر: أ ف ب
يقول الجندي الاسباني ألفارو غونزاليس غافالدا "في بعض الأحيان نضطر إلى الاحتماء بسبب ‏القصف... في مواقعنا وحتى في ملاجئ" تحت الأرض.‏
في جنوب لبنان... جنود إسبان من اليونيفيل عالقون بين نارين
آلية لليونيفيل جنوب لبنان (أ ف ب)
A+   A-
 
عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية، يجد جنود الكتيبة الإسبانية ‏العاملة ضمن قوة الأمم المتحدة الموقتة في جنوب لبنان ‏‏(يونيفيل) أنفسهم عالقين بين ناري حزب الله والجيش ‏الإسرائيلي اللذين يتبادلان القصف منذ أكثر من عشرة أشهر.‏

ويقول الجندي الاسباني ألفارو غونزاليس غافالدا لوكالة ‏"فرانس برس": "في بعض الأحيان نضطر إلى الاحتماء بسبب ‏القصف... في مواقعنا وحتى في ملاجئ" تحت الأرض.‏

للوصول الى القاعدة 964، عبر مصورو فرانس برس برفقة ‏جنود إسبان بلدات وقرى بدت شبه خالية من سكانها، فيما كان ‏عدد ضئيل من المتاجر أو مرائب لتصليح السيارات قد أبقى ‏على أبوابه مفتوحة.‏

وعلى جانبي الطريق، بدت أراض واسعة محروقة، وهو ما ‏ترده السلطات اللبنانية الى استخدام اسرائيل للفوسفور الأبيض ‏في قصف جنوب البلاد، الأمر الذي تنفيه إسرائيل.‏

وتقع القاعدة الإسبانية المزنرة بأسلاك شائكة قرب بلدة الخيام ‏الحدودية، حيث شاهد مصورو "فرانس برس" عشرات ‏المنازل المدمرة او المتضررة جراء القصف الاسرائيلي.‏
 

في الجانب الآخر من الحدود، يمكن بالعين المجردة رؤية ‏المطلة الإسرائيلية، التي بدت كذلك فارغة من سكانها مع ‏تكرار حزب الله استهداف مواقع فيها.‏

من برج مراقبة، يمكن لجنود حفظ السلام أن يراقبوا ‏بمناظيرهم منطقة حدودية واسعة تمتد الى مرتفعات الجولان، ‏التي تحتلها إسرائيل، وتتعرض بين الحين والآخر لقصف من ‏جنوب لبنان.‏

ويشرح المقدم في الكتيبة الإسبانية خوسيه إيريساري لوكالة ‏‏"فرانس برس": "مهمتنا في لبنان، وفقا لقرار الأمم المتحدة ‏‏1701" هي "مساعدة الحكومة اللبنانية والقوات المسلحة ‏اللبنانية على السيطرة على المنطقة الواقعة جنوب الليطاني".‏

وأرسى القرار الدولي وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل ‏وحزب الله وعزز انتشار قوة يونيفيل في جنوب لبنان. ‏وبموجبه، انتشر الجيش اللبناني للمرة الأولى منذ عقود على ‏الحدود مع إسرائيل بهدف منع أي وجود عسكري "غير ‏شرعي" عليها.‏
 

دور "أساسي" ‏
وتوتّر الوضع عند الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ الثامن من ‏تشرين الأول (أكتوبر)، غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة، ‏بعدما أعلن حزب الله بدء شنّ هجمات ضد اسرائيل من جنوب ‏لبنان "دعما" لغزة و"اسنادا" لمقاومتها. وترد اسرائيل بقصف ‏أهداف تابعة لحزب الله وتحركات مقاتليه خصوصا في جنوب ‏لبنان.‏

ويقول ايريساري "بعض القرى فارغة تماما. لا أحد يعيش ‏هناك بسبب المخاطر والهجمات المستمرة".‏

ويضيف "يطلب منا السكان الذين ما زلنا نجدهم في القرى ‏الحماية والسلامة".‏

وعلى وقع تصاعد المخاوف من نزاع إقليمي في الشرق ‏الأوسط، قال رئيس بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ‏في العالم جان بيار لاكروا الشهر الحالي إن وجود قوة يونيفيل ‏في جنوب لبنان هو اليوم "أكثر أهمية من أي وقت مضى".‏

وأضاف "إنها قناة الاتصال الوحيدة بين الجانبين الإسرائيلي ‏واللبناني في جميع مكوناتهما، ومنها حزب الله"، مشدداً على ‏دورها "الأساسي، لأنه يسمح لنا بتوضيح بعض الأمور ‏وتجنب سوء الفهم ... وسوء التقدير والتصعيد المنفلت وغير ‏المرغوب فيه".‏

وقوة اليونيفيل موجودة في لبنان منذ العام 1978، وتضم نحو ‏عشرة آلاف جندي وتنتشر في جنوب لبنان للفصل بين ‏إسرائيل ولبنان.‏

وينتهي تفويض اليونيفيل نهاية الشهر الحالي. ويطالب لبنان ‏مجلس الأمن بتمديد ولايتها من دون أي تعديل في مهامها، ‏بعدما كانت النقاشات في العامين الأخيرين تمحورت حول ‏حرية تنقل الجنود الدوليين في جنوب لبنان، ما أثار غضب ‏حزب الله.‏

وخلال أكثر من عشرة أشهر من التصعيد، تجاوز عدد القتلى ‏عتبة 600 شخص في لبنان، بينهم 390 على الأقل من ‏مقاتلي حزب الله و131 مدنياً، وفق تعداد لفرانس برس ‏استنادا الى بيانات رسمية ونعي حزب الله ومجموعات أخرى.‏

وفي إسرائيل، أحصت السلطات مقتل 23 جنديا و26 مدنيا.‏

ولم تبق قواعد قوات يونيفيل في جنوب لبنان بمنأى عن ‏التصعيد بين الجانبين. وأصيب جنود عدة بجروح منذ بدء ‏تبادل القصف. كما وصلت النيران مراراً الى جوار مقار ‏تابعة لها.‏
 

‏"دعم" المجتمعات المحلية ‏
تضمّ الكتيبة الإسبانية قرابة 650 جندياً يتوزعون على مواقع ‏عدة في جنوب لبنان. وعلى غرار جنود من بعثات أخرى في ‏القوة الدولية، لا تقتصر مهماتهم على الجانب العسكري ‏فحسب، إذ يقدمون الدعم والمساعدة للمجتمعات المحلية، وفق ‏ما يوضح ايريساري.‏

ويشير تحديداً الى دعم يقدمه "فريقنا من الأخصائيين النفسيين ‏لمدرسة مخصّصة لذوي الاحتياجات الخاصة"، كان فريق ‏‏"فرانس برس" يعتزم زيارتها، إلا أنه جرى الغاؤها بعد رفع ‏مستوى الإنذار جراء تبادل القصف.‏

وقتل ثمانية أشخاص هم سبعة مقاتلين من حزب الله وطفل ‏الجمعة جراء قصف إسرائيلي على بلدات عدة في جنوب ‏لبنان، وفق ما أعلنت وزارة الصحة اللبنانية وحزب الله.‏

وتقدم قوات يونيفيل منذ عقود دعماً للمجتمعات المحلية يشمل ‏خدمات طبية وتربوية وتنموية. ويعمل العديد من السكان ‏المحليين لديها كموظفين ومترجمين وحتى مزودي خدمات.‏

داخل القاعدة التي يتوسّطها تمثال للعذراء، لدى الجنود ‏الإسبان الذين تبنوا كلبين هامش تسلية ضئيل.‏

ويقول غالفادو "عندما نحظى بوقت فراغ، نرتاد صالة الألعاب ‏الرياضية (..) وأحيانا نشاهد الأفلام".‏
 

ويقرّ الجندي الذي وصل الى جنوب لبنان في أيار (مايو) ‏الفائت "نشتاق الى عائلاتنا، لكن الانترنت ما زال متوفراً ‏ونتواصل معهم كل يوم تقريباً".‏

ويضيف "يراسلوننا أحياناً لسؤالنا عما إذا كنا نشعر بالتصعيد ‏المتزايد بين البلدين (...) نطمئنهم أننا بأمان هنا ونضطلع ‏بواجباتنا على أكمل وجه".‏
 

اقرأ في النهار Premium