النهار

إسرائيل زرعت متفجّرات في أجهزة "البيجر"... هذا ما كشفته مصادر!
المصدر: رويترز، ا ف ب، النهار العربي
نفت شركة "غولد أبوللو" التايوانية لتصنيع أجهزة الاتصال اللاسلكي (بيجر) اليوم الأربعاء أنها صنَعت الأجهزة التي انفجرت في لبنان وأصابت الآلاف من أعضاء "حزب الله"، في هجوم جرئ أثار احتمال اندلاع حرب شاملة بين الجماعة وإسرائيل.
إسرائيل زرعت متفجّرات في أجهزة "البيجر"... هذا ما كشفته مصادر!
سيارة إسعاف تنقل جرحى بعد تفجيرات "البيجر". (أ ف ب)
A+   A-
نفت شركة "غولد أبوللو" التايوانية لتصنيع أجهزة الاتصال اللاسلكي (بيجر) اليوم الأربعاء أنها صنَعت الأجهزة التي انفجرت في لبنان وأصابت الآلاف من أعضاء "حزب الله"، في هجوم جرئ أثار احتمال اندلاع حرب شاملة بين الجماعة وإسرائيل.

وقالت الشركة إن الأجهزة من إنتاج شركة "بي.إيه.سي"، التي تتخذ من العاصمة المجرية بودابست مقرا، ولديها ترخيص لاستخدام العلامة التجارية لـ"غولد أبوللو".

وقال مصدر أمني لبناني كبير ومصدر آخر لرويترز إن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) زرع متفجرات داخل أجهزة البيجر التي استوردها "حزب الله" قبل أشهر من تفجيرات أمس الثلاثاء. وللموساد تاريخ طويل في تنفيذ هجمات معقدة على أراض أجنبية.
 
وقالت صحيفة "جيروزاليم بوست" إن تفجير أجهزة "البيجر" عملية استخباراتية مشتركة بين الموساد والاستخبارات العسكرية.

وقال وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض اليوم الأربعاء إن عدد القتلى جراء الانفجارات ارتفع إلى 12 بينهم طفلان. كما أصيب ما يقرب من ثلاثة آلاف آخرين من بينهم العديد من مقاتلي "حزب الله" والسفير الإيراني لدى لبنان.

وتوعدت الجماعة اللبنانية بالرد على إسرائيل. ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الانفجارات.

وتأتي هذه الانفجارات في وقت يتزايد فيه القلق بشأن التوترات بين إسرائيل و"حزب الله"، اللذين يتبادلان إطلاق النار عبر الحدود منذ اندلاع الصراع في غزة في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

وقال مهند حاج علي، من مركز كارنيغي الشرق الأوسط: "حزب الله يريد تجنب حرب شاملة. ولا يزال يريد تجنبها. لكن بالنظر إلى نطاق هذا وتأثيره على العائلات وعلى المدنيين، فسوف يكون هناك ضغوط من أجل رد أقوى".

وقال "حزب الله"، المدعوم من إيران وأقوى حليف لها في الشرق الأوسط، في بيان اليوم الأربعاء: "ستواصل المقاومة الإسلامية في لبنان اليوم كما في كل الأيام الماضية عملياتها المباركة لإسناد ‏غزة وأهلها ومقاومتها وللدفاع عن لبنان وشعبه وسيادته".

وتابع: "هذا المسار متواصل ومنفصل عن الحساب ‏العسير الذي يجب أن ينتظره العدو المجرم على مجزرته يوم الثلاثاء التي ارتكبها بحق شعبنا وأهلنا ‏ومجاهدينا في لبنان".

وقال مسؤول بالجماعة، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الانفجارات تمثل "أكبر خرق أمني" في تاريخ الجماعة.

وأظهرت لقطات من المستشفيات راجعتها رويترز مصابين بجروح مختلفة بعضها في الوجه إضافة إلى بتر أصابع وجروح غائرة في الفخذ والبطن حيث توضع أجهزة البيجر عادة.

وقالت عدة مصادر لرويترز إن المخطط استغرق تحضيره على ما يبدو عدة أشهر. وجاء ذلك في أعقاب سلسلة من الاغتيالات منذ بداية الحرب في غزة طالت قادة ومسؤولين من "حزب الله" و"حماس" وتم اتهام إسرائيل بتنفيذها.
 
 
مسار يمتد إلى بودابست
وقال المصدر الأمني اللبناني الكبير إن "حزب الله" طلب خمسة آلاف جهاز اتصال من إنتاج شركة "غولد أبوللو"، وتقول عدة مصادر إنها وصلت إلى البلاد في وقت سابق من العام.

وقال مؤسس شركة "غولد أبوللو" هسو تشينغ كوانغ إن أجهزة الاتصال المستخدمة في الانفجارات صنعتها شركة في أوروبا. وذكرت "غولد أبوللو" في بيان أن اسم الشركة "بي.إيه.سي".

وقال هسو للصحافيين في مقر الشركة بمدينة نيو تايبه شمال تايوان اليوم الأربعاء: "المنتج ليس تابعا لنا. إنه فقط يحمل علامتنا التجارية".

وكان العنوان المذكور لشركة "بي.إيه.سي" للاستشارات في بودابست عبارة عن مبنى صغير يقع في شارع معظمه سكني في ضاحية نائية. ووجد اسم الشركة مكتوبا على ورقة إيه4 على الباب الزجاجي.

وقال شخص في المبنى طلب عدم ذكر اسمه إن الشركة مسجلة في هذا العنوان ولكن ليس لها وجود فعلي به. وتقول كريستيانا بارسوني-أرسيداكونو الرئيسة التنفيذية لشركة "بي.إيه.سي" عبر حسابها الشخصي على (لينكد إن) إنها عملت كمستشارة لمنظمات مختلفة من بينها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). ولم ترد على رسائل بالبريد الإلكتروني من رويترز.

وتتنوع أنشطة شركة "بي.إيه.سي" المسجلة، من نشر ألعاب الكمبيوتر إلى استشارات تكنولوجيا المعلومات إلى استخراج النفط الخام.
 
وأكدت بارسوني-أرسيدياكونو، في مقابلة هاتفية مع شبكة "ان بي سي" الأميركية، العمل مع شركة "غول أبولو"، لكنّها نفت أن يكون لها دخل في التصنيع.

وقالت: "لا أُصنّع أجهزة النداء. أنا مجرّد وسيط. أنتم مخطئون".

ولم تتمكّن وكالة فرانس برس من الاتصال بها على الفور.

وعرض المصدر الأمني اللبناني الكبير صورة لجهاز الاتصال، وهو من طراز "إيه.آر-924"، وهو مثل أجهزة البيجر الأخرى التي تستقبل وتعرض الرسائل النصية لاسلكيا، لكنها لا تستطيع إجراء مكالمات هاتفية.

وقال مصدران مطلعان على عمليات "حزب الله" لرويترز هذا العام إن مقاتلي "حزب الله" يستخدمون الأجهزة كوسيلة اتصال منخفضة التكنولوجيا في محاولة للتهرب من أنظمة تعقب المواقع الإسرائيلية.

لكن المصدر اللبناني الكبير قال إن الأجهزة تم تعديلها "في مرحلة الإنتاج" من قبل جهاز المخابرات الإسرائيلي.

وأضاف المصدر أن "الموساد قام بوضع لوحة داخل الأجهزة تحوي مادة متفجرة تتلقى شفرة من الصعب جدا اكتشافها بأي وسيلة".

وقال المصدر إن ثلاثة آلاف من أجهزة البيجر انفجرت عندما وصلت إليها رسالة مشفرة‭‭‭‭‭‭‭‭‭ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬أدت إلى تفعيل المواد المتفجرة بشكل متزامن.

وقال مصدر أمني آخر لرويترز إن ما يصل إلى ثلاثة غرامات من المتفجرات كانت مخبأة في أجهزة البيجر الجديدة ولم تكتشفها الجماعة لعدة أشهر.
 
وقالت وزارة الشؤون الاقتصادية التايوانية إن أجهزة البيجر المصنعة من شركة "غولد أبولو" في تايوان لديها "وظيفة استقبال" فقط وأن سعة بطاريتها "تعادل قدرة بطارية إيه إيه عادية لا يمكن أن تنفجر لتسبب الوفاة أو الإصابة".

وأضافت الوزارة أن "بعد مراجعة تقارير إعلامية وصور، نعتقد أن هناك شكوكا كبيرة في أن يكون (الطراز المستخدم) من تصنيع الشركة"، مؤكدة عدم وجود أي سجل يشير إلى قيام الشركة بعمليات تصدير مباشرة إلى لبنان.

بدورها، أعلنت النيابة العامة التايوانية فتح تحقيق. وقالت في بيان: "أوكلنا الأمر إلى المدعي العام التابع لفريق الأمن القومي... سنوضح الحقائق في أسرع وقت ممكن وإذا وجدنا أي اجراءات غير قانونية ستتم معاقبتها بشدّة وفقا للقانون".

وفي خطاب ألقاه في 13 شباط (فبراير)، حذر الأمين العام للجماعة حسن نصر الله أنصاره بشدة من أن هواتفهم أكثر خطورة من جواسيس إسرائيل قائلا "اغلقوها وادفنوها وضعوها في صندوق من حديد واقفلوها، افعلوا ذلك من أجل الأمن وحماية دماء وكرامات الناس".

وبدلا من الهواتف المحمولة، اختارت الجماعة توزيع أجهزة البيجر على أعضائها عبر فروعها المختلفة من المقاتلين إلى المسعفين العاملين في خدمات الإغاثة.

واشتهر جهاز الموساد الإسرائيلي بعملياته المعقدة التي تعود إلى عملية الخطف الجريء للنازي الكبير أدولف أيخمان عام 1960. وفي الآونة الأخيرة تم تحميله مسؤولية هجمات إلكترونية واغتيال عالم إيراني كبير في عام 2020 بسلاح آلي تم التحكم فيه عن بعد.
 


عن بعد...
من جهّته، قال لوكالة "فرانس برس" المحلّل العسكري والأمني إيليا مانييه الذي يقيم في بروكسل إنّه "لكي تتمكّن إسرائيل من إخفاء محفّز متفجّر في الشحنة الجديدة من أجهزة النداء، فمن المرجّح أنها احتاجت للوصول إلى سلسلة توريد هذه الأجهزة".

ورجّح المحلّل أن تكون "الاستخبارات الإسرائيلية قد تسلّلت إلى عملية الإنتاج، وأضافت إلى أجهزة النداء مكوّنا متفجّراً وآلية تشغيل عن بُعد، دون إثارة الشكوك".
 
وأضاف أنّ هذا الأمر يطرح احتمال أن يكون الطرف الثالث الذي باع هذه الأجهزة هو "واجهة استخباراتية" أنشأتها إسرائيل لهذا الغرض.
 
بدوره، نقل موقع "أكسيوس" عن مصادر إسرائيلية أن إسرائيل خططت لتفجير أجهزة الاتصالات كضربة افتتاحية مفاجئة لشل "حزب الله".
وذكر مسؤولون أميركيون للموقع أن إسرائيل قرّرت تفجير أجهزة الاتصال أمس خوفاً من اكتشاف العملية.
 
من جهّتها، لفتت صحيفة "المونيتور" نقلاً عن مصادر استخباراتية إلى أن "آلاف الأجهزة التي حصل عليها حزب الله فخختها إسرائيل قبل تسليمها للحزب، وإسرائيل نفذت الهجوم بعد جمع معلومات تفيد بأن اثنين من حزب الله اكتشفا اختراق الأجهزة".

وأضافت: "شكوك اثنين من حزب الله دفعت إسرائيل لتنفيذ خطة التفجير قبل فوات الأوان، إلا أن الخطة الأصلية كانت تفجير الأجهزة إذا اندلعت حرب شاملة لتحقيق تفوق إستراتيجي".

 
 
إقرأ أيضاً:
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium