يسود الترقب الخميس في لبنان بانتظار كلمة الأمين العام لحزب الله الخميس بعدما هزت صفوفه في اليومين الماضيين تفجيرات أجهزة اتصال نُسبت إلى إسرائيل، مخلفة ضحايا وحالة إرباك.
في الأثناء، أعلن لجيش الإسرائيلي الخميس إنه قصف خلال الليل ستة "مواقع لبنى تحتية إرهابية" تابعة لحزب الله ومنشأة لتخزين الأسلحة في جنوب لبنان، مع تنامي المخاوف من اندلاع حرب شاملة.
وأوقعت موجة جديدة من تفجيرات أجهزة اتصال تابعة لحزب الله في لبنان الأربعاء 20 قتيلا وأكثر من 450 جريحا في مختلف أنحاء البلاد، وفق السلطات اللبنانية.
يأتي هذا الهجوم غداة هجوم مماثل غير مسبوق نسبه الحزب إلى إسرائيل وأوقع 12 قتيلا ونحو ثلاثة آلاف جريح، بحسب وزارة الصحة اللبنانية، في انفجارات أجهزة "بايجر" تابعة لحزب الله.
ومن دون أن يعلّق على الانفجارات التي حصلت في لبنان، أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت الأربعاء أن "مركز ثقل" الحرب "ينتقل الى الشمال"، في إشارة الى الجبهة المفتوحة مع حزب الله اللبناني في موازاة الحرب المستمرة مع حركة حماس في قطاع غزة.
وأضاف "نحن في بداية مرحلة جديدة في الحرب".
ومنذ بداية الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة في 7 تشرين الأول (أكتوبر) إثر الهجوم غير المسبوق الذي نفّذته الحركة على إسرائيل، كان تركيز العمليات العسكرية الإسرائيلية منصبا على غزة.
لكنّ المنطقة الحدودية بين الدولة العبرية ولبنان تشهد تبادلا يوميا للقصف بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله، ما أدى إلى مقتل المئات في لبنان، معظمهم مقاتلون في الحزب، والعشرات في إسرائيل، وإلى نزوح عشرات آلاف المدنيين في كلا الجانبين.
وقال الجيش الإسرائيلي الخميس إنه قصف خلال الليل ستة "مواقع لبنى تحتية إرهابية" تابعة لحزب الله ومنشأة لتخزين الأسلحة في جنوب لبنان.
وأضاف الجيش في بيان أن "سلاح الجو قصف مواقع لبنى تحتية إرهابية لحزب الله في مناطق شيحين والطيبة وبليدا وميس الجبل وعيترون وكفركلا في جنوب لبنان، بالإضافة إلى منشأة لتخزين الأسلحة لحزب الله في منطقة الخيام في جنوب لبنان".
وأعلن حزب الله أنه استهدف صباح الخميس "نقطة تموضع لجنود العدو الإسرائيلي في موقع المرج بالأسلحة المناسبة واصابوها بشكل مباشر وأوقعوا فيها عددا من القتلى والجرحى"، كما شن "هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية على المقر المستحدث لقيادة اللواء الغربي في يعرا (...) وعلى مرابض مدفعية العدو في بيت هلل".
وأعلن الحزب مقتل 20 من عناصره، فيما أفاد مصدر مقرب منه وكالة "فرانس برس" الخميس بأنهم قتلوا في تفجيرات أجهزة اتصال لاسلكي نُسبت إلى إسرائيل.
وحمّل الحزب إسرائيل "المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الإجرامي"، وقال إنها "ستنال بالتأكيد قصاصها العادل".
ومن المقرر أن يلقي الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله عند الساعة 17,00 (14,00 ت غ) الخميس، كلمة ينتظرها مناصروه وأعداؤه على حد سواء بحثا عن أي إشارات حول طبيعة الرد.
وأفاد عاملون في المجال الطبي بوصول حالات لم يسبق أن رأوا مثلها.
في أحد مستشفيات بيروت، قالت الطبيبة جويل خضرا إن "الإصابات كانت بشكل أساسي في العيون والأيادي، أصابع مبتورة وشظايا في العيون، وقد فقد بعض الأشخاص بصرهم"، فيما قال طبيب في مستشفى آخر في العاصمة اللبنانية إنه عمل طوال الليل وإن الإصابات كانت من "خارج هذا العالم...لم أر شيئا مماثلا من قبل".
وقال وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض في تصريح لقناة الجزيرة "هناك بعض الإصابات البالغة التي رأيناها اليوم خاصة أن طبيعة الأجهزة التي انفجرت اليوم كانت حجمها أكبر وسببت ضررا أكبر".
"من المصدر"
وأعلنت شركة غولد أبولو التايوانية الأربعاء أن أجهزة البايجر التي انفجرت من صنع شريكها المجري، لكنّ بودابست أعلنت أنّ شركة "باك" المجرية التي قُدّمت على أنها تنتج أجهزة الاتصال المستخدمة من حزب الله هي "وسيط تجاري بدون موقع إنتاج أو عمليات في المجر".
من جهتها، قالت شركة آيكوم اليابانية الخميس إنها أوقفت قبل حوالى عشر سنوات، تصنيع طراز أجهزة اللاسلكي التي فجرت في لبنان الأربعاء.
وأوضحت الشركة في بيان أن طراز "آي سي-في82 هي جهاز لاسلكي محمول كان يُنتج ويُصدر إلى مناطق منها الشرق الأوسط من 2004 إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2014. وقد أوقف إنتاجه قبل عشر سنوات تقريبا. ومنذ ذلك الحين لم يتم شحنه من جانب شركتنا".
"نزاع واسع"
من جهته، اعتبر وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب الأربعاء أن "الهجوم الاسرائيلي غير المسبوق والمدان بشدة يمثل اعتداءً صارخا على سيادة لبنان وأمنه وانتهاكا واضحا لكل المواثيق والأعراف الدولية ويهدد بنشوب نزاع أوسع" في الشرق الأوسط.
وقال المبعوث الإيراني لدى الأمم المتحدة إن بلاده "تحتفظ بالحق في اتخاذ إجراءات الرد" بعد إصابة السفير الإيراني في بيروت بالانفجارات.
وفي واشنطن، حذّر البيت الأبيض جميع الأطراف من أي تصعيد في الشرق الأوسط بعد هذه الانفجارات، وقال الناطق باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي "ما زلنا لا نريد أن نرى أيّ تصعيد من أي نوع. لا نعتقد على الإطلاق أن الطريقة لحل الأزمة الحالية تكمن في عمليات عسكرية إضافية".
وفي تركيا، اتهم وزير الخارجية هاكان فيدان الخميس إسرائيل "بتوسيع الحرب إلى لبنان" .
وحذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الخميس "كل الأطراف" من مغبة التصعيد في الشرق الأوسط بعد موجة الانفجارات.
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، مع شن حماس هجوما تسبّب بمقتل 1205 أشخاص في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة.
وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمرة وهجوم بري على غزة، ما أسفر عن سقوط 41272 قتيلا على الأقل، وفق وزارة الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أنّ غالبية القتلى من النساء والأطفال.