وقعت سلسلة تفجيرات دامية استهدفت عناصر حزب الله هذا الأسبوع في لبنان بعد أيام قليلة من إعلان إسرائيل توسيع حربها في غزة إلى الحدود الشمالية مع لبنان.
وألقى حزب الله وإيران، الداعم الرئيسي له، باللوم في التفجيرات على إسرائيل التي لم تعلق على ذلك.
عزّزت التفجيرات المخاوف من اندلاع حرب شاملة مع حزب الله، وقدّم الخبراء الذين أجرت وكالة "فرانس برس" مقابلات معهم رؤيتهم للمسار الذي يمكن أن تسلكه حرب مماثلة.
لماذا الآن؟
منذ اندلاع الحرب في غزة قبل عام تقريبا، تتبادل إسرائيل وحزب الله حليف حركة حماس بشكل شبه يومي القصف عبر الحدود الذي أوقع مئات القتلى في لبنان، معظمهم من مقاتلي حزب الله، فيما قُتل العشرات في إسرائيل، عدا عن نزوح عشرات الآلاف على الجانبين.
وأكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولون إسرائيليون آخرون الحاجة إلى تأمين الشمال حتى يتمكن السكان من العودة إلى ديارهم.
وقال نتنياهو خلال رحلة قام بها إلى الشمال "سنستخدم كل الوسائل اللازمة لإعادة الأمن إلى حدودنا الشمالية وإعادة مواطنينا إلى ديارهم بأمان".
لكن من غير المرجح أن يعود السلام إلى الشمال في الأمد القريب، كما قال كاليف بن دور، المحلل السابق في وزارة الخارجية الإسرائيلية.
وأضاف بن دور أن إسرائيل والولايات المتحدة كانتا تأملان بأن يؤدي وقف إطلاق النار في غزة إلى هدوء في الشمال، لكن "فرص وقف إطلاق النار في غزة تتضاءل"، خصوصا أن "معظم الأهداف العسكرية الإسرائيلية في غزة تحققت". وهذا برأيه يترك لإسرائيل مجالا لإعادة نشر وحدات الجيش.
وقال كوبي مايكل، المحلل في معهد دراسات الأمن القومي ومركز مسغاف البحثي إن الجيش لديه الآن مزيد من المرونة لنقل قواته إلى الجبهة الشمالية.
وأوضح لوكالة "فرانس برس" أن الجيش "قادر على إدارة الموقف بعدد أقل من القوات، وبالتالي يمكننا نقل التركيز إلى الشمال".
وأضاف أنه "لا يمكن القبول بفكرة أن إسرائيل لا تستطيع فرض سيادتها على الأجزاء الشمالية من البلاد".
ما هي أهداف إسرائيل؟
صدرت دعوات من داخل الحكومة الإسرائيلية لإخراج حزب الله من جنوب لبنان ودفعه إلى ما وراء نهر الليطاني، ولكن الاستراتيجية الإسرائيلية الحالية لا تزال غير واضحة.
لكن الولايات المتحدة، عبّرت من خلال مبعوثها آموس هوكستين، عن تفضيل حل دبلوماسي يبقي حزب الله وترسانته الصاروخية بعيدا عن الحدود.
وقال بن دور إن الولايات المتحدة وفرنسا وحكومة لبنان لا تملك نفوذا كافيا على حزب الله لدفعه بعيدا عن الحدود، عملا بقرار الأمم المتحدة الذي يدعو إلى انسحابه من جنوب نهر الليطاني.
ورأى مايكل أن الأهداف العسكرية الإسرائيلية تتمثل في إخراج مسلحي حزب الله من المنطقة الواقعة بين الليطاني والحدود ومنع عودتهم.
وقارن الوضع باحتلال إسرائيل لجنوب لبنان مدة ثمانية عشر عاماً حتى عام 2000، قائلا إنه يتوقع شكلا مختلفا من "السيطرة العسكرية على جنوب لبنان" هذه المرة.
وفي غياب حل دبلوماسي، توقع اجتياحا بريا.
ما نسبة مؤيدي الحرب؟
ذكر بن دور إن إبعاد حزب الله عن الحدود يحظى بتأييد واسع بين الإسرائيليين. لكنه أقر بأن حكومة نتنياهو "لا تحظى بالثقة وهذا قد يجعل من الصعب عليها القيام بعملية عسكرية كبرى".
من جانبه، قال مايكل "إن الجمهور الإسرائيلي يؤيد بشكل كامل شن حرب شاملة ضد حزب الله".
وأظهر استطلاع للرأي أجراه معهد دراسات الأمن القومي في أغسطس (آب) أن 44 % من الإسرائيليين يؤيدون شن عملية عسكرية واسعة النطاق في لبنان، وترتفع النسبة إلى 52 % بين الإسرائيليين اليهود.
وفي الوقت نفسه، فضل 23 % "عملا عسكريا محدودا" و21 % "ردا محدودا" لتجنّب التصعيد، وفق الاستطلاع الذي نُشر الثلاثاء.