النهار

قلق بالغ إزاء التصعيد في أعنف غارات إسرائيلية على لبنان ‏منذ اندلاع حرب غزة
المصدر: أ ف ب
قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إن جيشه يقوم ‏‏"بتغيير التوازن الأمني" في شمال إسرائيل حيث يريد إعادة ‏السكان الذين نزحوا".
قلق بالغ إزاء التصعيد في أعنف غارات إسرائيلية على لبنان ‏منذ اندلاع حرب غزة
غارات إسرائيلية عنيفة على جنوب لبنان (أ ف ب)
A+   A-
 
خلّفت مئات الغارات الإسرائيلية على أهداف لحزب الله في ‏مناطق عديدة في لبنان الإثنين 492 قتيلا، بينهم 35 طفلا، ‏وفق السلطات اللبنانية، في أعنف قصف جوي على الإطلاق ‏يستهدف هذا البلد منذ بدء تبادل إطلاق النار على جانبَي ‏الحدود قبل نحو عام على خلفية الحرب في غزة.‏

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن ‏‏"قلق بالغ" إزاء التصعيد" والعدد الكبير للضحايا المدنيين" في ‏جنوب لبنان وشرقه، وفق بيان للمتحدث باسمه ستيفان ‏دوجاريك، في وقت يثير فيه التصعيد بين الجيش الإسرائيلي ‏وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران مخاوف من توسّع نطاق ‏النزاع، ما يقلق المجتمع الدولي.‏

ومع مرور ساعات النهار واصلت حصيلة القتلى والجرحى ‏الارتفاع. وأعلن وزير الصحة اللبناني فراس أبيض مقتل ‏‏492 شخصا "من بينهم 35 طفلا و58 سيدة وإصابة 1645 ‏بجروح"، ونزوح آلاف العائلات من المناطق المستهدفة ‏بالغارات الإسرائيلية.‏

وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إن جيشه يقوم ‏‏"بتغيير التوازن الأمني" في شمال إسرائيل حيث يريد إعادة ‏السكان الذين نزحوا هربا من القصف المتبادل عبر الحدود.‏

ومساء الإثنين أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه أطلق على عمليته ‏العسكرية ضد حزب الله اسم "سهام الشمال"، مشيرا إلى أنّها ‏تضمّنت في يومها الأول ضرب 1600 هدف لحزب الله.‏

وشدّد نتنياهو على أنّ "اسرائيل لا تنتظر التهديد، بل تستبقه". ‏ومساء الإثنين، نبّه رئيس الوزراء الإسرائيلي المواطنين ‏اللبنانيين إلى ضرورة "الابتعاد من المناطق الخطيرة".‏

أما رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي فندّد ‏بما وصفه بـ"مخطط تدميري" لبلاده حيث وضعت ‏المستشفيات في حالة تأهب في مواجهة تدفق المصابين فيما ‏أغلقت المدارس ليومين في كل لبنان.‏
 

ضربات من دون توقف ‏
وفي مستشفى النجدة الشعبية في مدينة النبطية في جنوب ‏لبنان، وصف الطبيب جمال بدران لوكالة "فرانس برس" ما ‏جرى بأنه "كارثة ومجزرة"، مضيفا "بين الغارة والغارة، تشن ‏غارة، حتى أنهم قصفونا خلال انتشالنا جرحى" في بلدة دير ‏الزهراني.‏

وفي بيروت ومناطق أخرى بينها جنوب لبنان تلقى سكان ‏اتصالات الإثنين عبر الهواتف الثابتة والنقالة مصدرها ‏إسرائيل، يُطلب فيها منهم إخلاء أماكن وجودهم.‏

ومساء الإثنين تدفّق نازحون من الجنوب إلى بيروت وصيدا، ‏حيث خصّصت لهم مراكز إيواء، وفق "فرانس برس".‏

وأعلن الجيش الإسرائيلي ليل الاثنين أنه قضى على "عدد ‏كبير" من عناصر حزب الله في غاراته ضد الحزب الذي ‏يطلق صواريخ منذ نحو عام على أراض إسرائيلية "إسنادا" ‏لحماس التي تخوض حربا مع إسرائيلي في قطاع غزة.‏

ومساء الإثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ "ضربة محددة ‏الهدف" في الضاحية الجنوبية لبيروت استهدفت، وفق حزب ‏الله، قائد جبهة جنوب لبنان في التنظيم الشيعي علي كركي ‏الذي أكد الحزب أنه "بخير" وانتقل إلى "مكان آمن".‏

وفي بيان منفصل، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ‏‏"في هذا اليوم أخرجنا من الخدمة عشرات آلاف الصواريخ ‏والذخائر الدقيقة".‏

واضاف "إنه الأسبوع الأصعب على حزب الله منذ تأسيسه، ‏النتائج تتحدث عن نفسها".‏
 
 
صفارات إنذار في حيفا ‏
بالمقابل، أعلن حزب الله أنه قصف قاعدة إسرائيلية غرب ‏طبريا ومقرا عسكريا "بعشرات الصواريخ"، لافتا إلى أنه ‏استهدف "المخازن الرئيسية التابعة للمنطقة الشمالية في قاعدة ‏نيمرا" و"مقر الكتيبة الصاروخية والمدفعية في ثكنة يوآف".‏

وكان الحزب أعلن الإثنين قصف ثلاثة أهداف في شمال ‏إسرائيل.‏

ومساء الإثنين هرع سكان في مدينة حيفا بشمال إسرائيل الى ‏الملاجئ بعد إطلاق صفارات الانذار.‏

وبدت شوارع المدينة التي كانت تحلّق فوقها طائرات مقاتلة ‏بصورة منتظمة، مهجورة الإثنين، وفق ما أفادت وكالة ‏‏"فرانس برس".‏

وقال عوفر ليفي، وهو عنصر في الجمارك يبلغ 56 عاما ‏ويعيش في كريات موتسكين في شمال إسرائيل "لست خائفا ‏على نفسي بل على أطفالي الثلاثة".‏

وأضاف "وقعت ابنتي في أحد الأيام أثناء توجّهها إلى أحد ‏الملاجئ عندما سمعنا صافرات الإنذار. هذا يقلقني. لا يمكن ‏لأيّ بلد أن يعيش هكذا".‏

وتصاعدت حدة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل منذ ‏الأسبوع الماضي، عقب سلسلة تفجيرات الثلاثاء والأربعاء ‏طاولت الآلاف من أجهزة اتصال يستخدمها عناصره في ‏عملية نُسبت إلى الدولة العبرية، وتسبّبت بمقتل 39 شخصا ‏و2931 جريحا، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.‏

وتلقّى الحزب سلسلة ضربات في الأيام الأخيرة، شملت تفجير ‏آلاف أجهزة الاتصال التي يستخدمها عناصره يومي الثلاثاء ‏والأربعاء في عملية نسبها لإسرائيل، وغارة جوية قرب ‏بيروت استهدفت اجتماعا لقيادة قوات النخبة التابعة له أسفرت ‏عن مقتل نحو 50 شخصا بينهم قائدان عسكريان وعدد من ‏رفاقهما، إضافة الى ضربات جوية مكثفة من سلاح الجو ‏الإسرائيلي على أهداف في جنوب لبنان خلال عطلة نهاية ‏الأسبوع.‏

واتّهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الإثنين إسرائيل ‏بالسعي إلى توسيع نطاق النزاع، مؤكدا أن هذا الأمر "لن ‏يكون في مصلحة أحد"، فيما ندّدت حماس بـ"عدوان همجي" ‏على لبنان.‏
 

‏"تجنّب حرب أوسع نطاقا" ‏
وفي خضمّ التصعيد، صدرت دعوات إلى التهدئة أو مغادرة ‏الرعايا الأجانب.‏

وحضّت الولايات المتحدة، الحليفة الرئيسية لإسرائيل، ‏مواطنيها على مغادرة لبنان، مؤكدة في الوقت عينه مواصلة ‏العمل على لجم التصعيد، فيما أعلنت وزارة الدفاع الأميركية ‏أنها بصدد إرسال "عدد محدود" من القوات الإضافية إلى ‏الشرق الأوسط، بدون أن تذكر تفاصيل إضافية.‏

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن الإثنين "نعمل على احتواء ‏التصعيد"، وكان أشار إلى أن الولايات المتحدة "ستبذل ‏قصارى جهدها لتجنب اندلاع حرب أوسع نطاقا".‏

وذكر مسؤول أميركي أنّ الولايات المتحدة بصدد تقديم "أفكار ‏ملموسة" لاحتواء الأزمة في لبنان، مجددا معارضة واشنطن ‏غزوا بريا إسرائيليا يستهدف حزب الله.‏

وحذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي ‏جوزيب بوريل من أنّ التصعيد الراهن يهدّد بإغراق الشرق ‏الأوسط برمّته في "حرب شاملة".‏

وأعلن وزير الخارجية الفرنسي الجديد جان-نويل بارو أنّ ‏بلاده طلبت عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي هذا ‏الأسبوع لبحث الوضع في لبنان.‏

وقال الوزير الفرنسي في الأمم المتحدة إنّ "فرنسا تدعو ‏الأطراف وأولئك الذين يدعمونهم إلى وقف التصعيد وتجنّب ‏اندلاع حريق إقليمي سيكون مدمّرا للجميع، بدءا بالسكان ‏المدنيين. لهذا السبب، طلبتُ عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن ‏بشأن لبنان هذا الأسبوع".‏

إلى ذلك، حضّت الصين رعاياها على مغادرة إسرائيل "في ‏أسرع وقت ممكن".‏

ودعا رئيس الوزراء العراقي محمد شيّاع السوداني من نيويورك ‏إلى عقد "اجتماع طارئ" لرؤساء الوفود العربية في الجمعية ‏العامة للأمم المتحدة من أجل العمل على "وقف سلوك" ‏إسرائيل "الإجرامي" في لبنان.‏

من جهتها، طلبت مصر تدخل مجلس الأمن الدولي "لوقف ‏التصعيد الاسرائيلي" في لبنان، فيما اعتبرت تركيا أن ‏الهجمات الإسرائيلية في لبنان تهدد بدفع الشرق الأوسط إلى ‏مزيد من "الفوضى".‏

ودعا وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إلى وقف فوري ‏للتصعيد في لبنان "قبل فوات الآوان"، مجددا إتهامه إسرائيل ‏بدفع المنطقة نحو "حرب اقليمية شاملة".‏

وقالت وزارة الخارجية القطرية في بيان إنّ الدوحة "تدين ‏بأشدّ العبارات العدوان الإسرائيلي على لبنان (...) وتحذّر من ‏اتساع دائرة العنف في المنطقة وانزلاقها إلى حرب إقليمية ‏شاملة".‏

وأعلن الكرملين الإثنين أنه "قلق للغاية". وقال الناطق باسم ‏الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف "الوضع يتدهور كل يوم ‏سريعا. التوتر يتصاعد وكذلك عدم القدرة على معرفة مسار ‏الأمور. هذا يشعرنا بقلق للغاية".‏

وحذرت وزارة الخارجية الايرانية إسرائيل من "تداعيات ‏خطرة" للضربات التي يشنها جيشها على مواقع لحزب الله في ‏لبنان.‏

واندلعت الحرب في قطاع غزة في السابع من تشرين الأول ‏‏(أكتوبر)، مع شنّ حماس هجوما تسبّب بمقتل 1205 أشخاص ‏في الجانب الإسرائيلي، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة ‏‏"فرانس برس" يستند إلى بيانات رسمية إسرائيلية. ويشمل هذا ‏العدد رهائن قضوا خلال احتجازهم في قطاع غزة.‏

وخُطف خلال الهجوم 251 شخصا، لا يزال 97 منهم ‏محتجزين، بينهم 33 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.‏

وردّت إسرائيل بحملة قصف مدمرة وهجوم بري على غزة، ‏ما أسفر عن سقوط 41455 قتيلا على الأقل، وفق وزارة ‏الصحة التابعة لحماس. وتؤكد الأمم المتحدة أنّ غالبية القتلى ‏من النساء والأطفال.‏
 

اقرأ في النهار Premium