النهار

دمار ورعب ونزوح... أعنف غارات إسرائيلية على ضاحية بيروت ‏الجنوبية منذ حرب 2006 ومصير نصرالله لا يزال غامضاً
المصدر: أ ف ب
حذّرت الأمم المتحدة الجمعة من أن لبنان يمر بفترة هي الأكثر ‏‏"عنفا منذ أكثر من عقدين".‏
دمار ورعب ونزوح... أعنف غارات إسرائيلية على ضاحية بيروت ‏الجنوبية منذ حرب 2006 ومصير نصرالله لا يزال غامضاً
غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية أسفرت عن دمار كبير (أ ف ب)
A+   A-

شنّت إسرائيل سلسلة غارات عنيفة على أنحاء متفرقة في لبنان ‏تركزت خصوصا في الضاحية الجنوبية لبيروت حيث استهدفت ‏‏"مربعا أمنيا" لحزب الله، محدثة دمارا يعيق جهود الإنقاذ.‏

وقال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف المقرّ المركزي لحزب الله في ‏حارة حريك. وذكرت محطات تلفزة إسرائيلية أن الأمين العام للحزب ‏حسن نصرالله كان مستهدفا.‏

وقالت إسرائيل إن الغارات اللاحقة استهدفت مخازن أسلحة تابعة ‏لحزب الله تحت مبان سكنية، الأمر الذي نفاه الحزب في بيان قصير.‏

كما أعلن الجيش الإسرائيلي قتل عدد من كوادر حزب الله في جنوب ‏لبنان، من بينهم قائد الوحدة الصاروخية في الجنوب ونائبه.‏

والغارات هي الأعنف منذ حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله التي ‏استمرت 33 يوما. وسارع مصدر مقرب من حزب الله إلى التأكيد ‏لوكالة "فرانس برس" بعد الغارات الأولى التي وقعت بعيد السادسة ‏مساء، أن نصرالله "بخير". إلا أن أي توضيح آخر لم يصدر بعد ذلك ‏عن الحزب حول من استُهدف في الغارات على حارة حريك.‏

وقال الجيش الإسرائيلي إنه "نفّذ ضربة دقيقة على المقر المركزي ‏لمنظمة حزب الله الإرهابية في الضاحية" الجنوبية لبيروت.‏

وقالت وزارة الصحة اللبنانية إن الغارات التي استهدفت منطقة تعج ‏بالأبنية السكنية وتضم "المربع الأمني" لقيادة حزب الله المحاط ‏بحراسة مشددة، أوقعت ستة قتلى و91 جريحا، في حصيلة غير ‏نهائية.‏

وقال تلفزيون "المنار" التابع لحزب الله إن هناك مفقودين تحت الركام ‏الذي يعيق جهود عمل فرق الإنقاذ في البحث عن ضحايا.‏

وفرض حزب الله طوقا أمنيا في المكان المستهدف، وأبعد الصحافيين ‏الذين توافدوا بكثافة. إلا أن قناة المنار وقناة الجزيرة القطرية تبثان ‏منذ وقوع الغارات مشاهد مباشرة من المكان المستهدف، يظهر فيها ‏عشرات رجال الإنقاذ وآليات بينها جرافات تعمل على رفع أكوام ‏الركام، بينما لا يزال الدخان ينبعث من مواقع عدة.‏

وأحدثت الغارات دويا هائلا تردّد صداه في بيروت ومحيطها، وأثار ‏حالة من الرعب والهلع لدى السكان.‏

وتسبّبت الغارات بحفر ضخمة يصل قطرها إلى خمسة أمتار، وفق ما ‏أفاد مصوّر وكالة فرانس برس الذي تمكن من الوصول الى المكان ‏في اللحظات الأولى بعد الغارة، قبل أن يتم إبعاده مع غيره.‏

ودمّر القصف الإسرائيلي ستة أبنية تماما، وفق ما أفاد مصدر مقرب ‏من الحزب.‏

وتلتها سلسلة غارات على الضاحية وعلى الجنوب والبقاع (شرق).‏

نتنياهو يعود
وفرّت مئات العائلات بشكل عاجل ليل الجمعة السبت من الضاحية ‏الجنوبية لبيروت، على وقع الغارات إسرائيلية.‏

وقطع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رحلته للولايات ‏المتحدة حيث ألقى الجمعة كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة تعهّد ‏فيها مواصلة العمليات العسكرية ضد حزب الله.‏

وقال نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة "طالما أن حزب الله ‏يختار مسار الحرب، فلا خيار أمام إسرائيل، ولدى إسرائيل كل حق ‏في إزالة هذا التهديد وإعادة مواطنينا إلى ديارهم بأمان"، مضيفا بأن ‏العمليات ضد الحزب "ستتواصل إلى أن نحقق أهدافنا".‏

وحذّر نتانياهو إيران التي تدعم حزب الله وحركة حماس في قطاع ‏غزة، قائلا "ليس هناك أي مكان في إيران لا يمكن لذراع إسرائيل ‏الطويلة الوصول إليه. ينطبق الأمر ذاته على الشرق الأوسط برمته".‏

وندّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بـ"التهديدات الفاضحة" ‏لرئيس الوزراء الإسرائيلي، وقال أمام مجلس الأمن الدولي "من العار ‏التاريخي أن يجرؤ القاتل على الظهور في الأمم المتحدة وتسميم ‏الجمعية العامة بأكاذيبه المثيرة للاشمئزاز وتهديداته الفاضحة بغزو ‏دول أخرى وقتل المزيد من الناس".‏

ومنذ الاثنين، خلّفت الضربات الإسرائيلية الكثيفة الواسعة النطاق ‏على لبنان أكثر من 700 قتيل، بحسب السلطات، وبينهم عدد كبير من ‏المدنيين.‏

وحذّرت الأمم المتحدة الجمعة من أن لبنان يمر بفترة هي الأكثر ‏‏"عنفا منذ أكثر من عقدين".‏
 

‏"إبادة"‏
ودعا رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي الجمعة ‏المجتمع الدولي الى "ردع" إسرائيل لوقف "حرب الإبادة" التي تشنّها ‏على لبنان.‏

وقالت الأمم المتحدة الجمعة إنها تتابع بقلق كبير الضربات الإسرائيلية ‏على منطقة "مكتظة بالسكان" في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية ‏بيروت.‏

ويتواصل التصعيد رغم نداء وجهته الولايات المتحدة وفرنسا ودول ‏أخرى غربية وعربية لوقف إطلاق النار لمدة 21 يوما بين إسرائيل ‏وحزب الله، لإفساح المجال للدبلوماسية، وهو ما رفضته إسرائيل ‏الخميس متوعدة بمواصلة الحرب على حزب الله "حتى النصر".‏

وغداة هجوم حركة حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من ‏تشرين الأول (أكتوبر) الذي أدى الى اندلاع حرب مدمّرة في قطاع ‏غزة، فتح حزب الله من لبنان ما أسماه "جبهة إسناد" لغزة. ويتبادل ‏يوميا إطلاق النار مع إسرائيل. إلا أن إسرائيل بدأت حملة قصف دام ‏منذ الاثنين بعد قرار بتركيز عملياتها في الجبهة الشمالية.‏

وتوعد الحزب بمواصلة هجماته "حتى انتهاء العدوان على غزة".‏

وفي حصيلة إجمالية، قُتل أكثر من 1500 شخص في لبنان منذ عام، ‏وفق السلطات اللبنانية.‏

وأدى القصف الإسرائيلي إلى نزوح 118 ألف شخص في لبنان هذا ‏الأسبوع، بحسب الأمم المتحدة.‏
 

‏"حرب مدمرة" ‏
وأعلن البيت الأبيض الجمعة أن الرئيس جو بايدن أمر بتعديل انتشار ‏القوات الأميركية في الشرق الأوسط "بحسب الضرورة".‏

وقال في بيان إن بايدن "وجه البنتاغون بتقييم وتعديل وضع القوات ‏الأميركية في المنطقة بحسب الضرورة لتعزيز الردع وضمان حماية ‏القوات ودعم كامل نطاق الأهداف الأميركية".‏

كذلك، أمر بايدن السفارات الأميركية في المنطقة "باتخاذ جميع ‏التدابير الوقائية المناسبة"، بحسب البيان.‏

وحذّر وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن الخميس من "حرب شاملة" ‏ستكون "مدمّرة" لإسرائيل ولبنان، قائلا ان وقف اطلاق النار قد يتيح ‏أيضا التوصل الى اتفاق هدنة في غزة.‏
 
وندّدت حماس بكلمة نتانياهو وقالت إنه يردّد "أكاذيب مفضوحة"، ‏قائلة إنها تأتي "في الوقت الذي يواصل فيه حربه المسعورة... ‏ويوسع دائرة جرائمه لتشمل أهلنا في لبنان".‏

وندّد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بـ"جريمة حرب فاضحة" ‏نفذتها إسرائيل في لبنان.‏

وقال في بيان نقلته وكالة "إرنا" الرسمية للأنباء، "الهجمات التي ‏ارتكبها النظام الصهيوني اليوم في ضاحية بيروت تشكل جريمة ‏حرب فاضحة، وتكشف مرة أخرى عن طبيعة إرهاب الدولة الذي ‏يمارسه هذا النظام".‏
 

اقرأ في النهار Premium