أصبح منزل عائلة عمرو في جبال كسروان وارفة الخضرة في لبنان ملجأ للأسر التي تريد الابتعاد عن خط نيران الحرب التي تزحف في جنوب البلاد.
ففي يوم 25 أيلول (سبتمبر)، تجمع أكثر من 50 شخصا من ثلاث عائلات في مبنيين في وسط المعيصرة، وهي قرية للمسلمين الشيعة في قلب الجبال التي تقطنها غالبية مسيحية ولم تتعرض قط لهجوم من إسرائيل طوال حروبها مع لبنان، ومن ثم كان يُعتقد أنها آمنة.
وفي ذاك اليوم، وبعد الساعة 11 صباحا بقليل، قصفت طائرات حربية إسرائيلية الموقع، فقتلت 16 شخصا، وهم رجلان و14 من النساء والأطفال، وفقا لأفراد من الأسر ومسؤولين محليين ومصادر طبية.
وأصيب أكثر من 30 شخصا، نصفهم تقريبا أطفال. وقال مسؤولون محليون إن المباني شملت مسكن أحد مقاتلي جماعة حزب الله قُتل في معركة في أغسطس آب، لكن لم يكن هناك مقاتلون بالداخل حينذاك.
وقال مسؤولون من وزارة الصحة اللبنانية إن هذا الهجوم يندرج في نمط أوسع من الضربات الجوية الإسرائيلية التي قتلت عددا متزايدا من المدنيين وسط نطاق عمليات آخذ في الاتساع.
ويقول مسؤولون مقربون من جماعة حزب الله إن الهجمات ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي بغرض انقلاب قاعدة الدعم على الجماعة.
وردا على الاستفسارات، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنه يعمل "وفق التزام صارم بالقانون الدولي (و) يتخذ كل الاحتياطات الممكنة لتخفيف الضرر الواقع على المدنيين".
وقال البيان إن حزب الله يقيم بنى تحتية عسكرية في مناطق مدنية وإن إسرائيل تحاول إخلاء المدنيين قبل الهجمات. ولم يتطرق البيان تحديدا إلى ضربة المعيصرة.
وقالت وزارة الصحة اللبنانية ومسؤولون محليون إن الضربات في الآونة الأخيرة أسفرت عن مقتل عدد كبير من المدنيين. ووقعت إحدى هذه الضربات في عين الدلب بالقرب من جنوب صيدا أمس الأحد وقتل فيها 45 شخصا، كان كثير منهم قد نزحوا من مناطق أخرى.
وأسفرت غارات إسرائيلية في مختلف أنحاء لبنان عن مقتل أكثر من 1640 شخصا في أقل من عام من القتال، أغلبهم في الأسبوعين الماضيين، ومن بينهم 104 أطفال و194 امرأة وفقا لأرقام حكومية.
السيناريو الأسوأ
وفي قسم الأطفال في مستشفى سيدة مارتين في مدينة جبيل، رقد الطفل قاسم حسين (أربع سنوات) على سرير، مصابا بجروح وحروق في ذراعيه ووجهه وكسر في فخذه.
وقال الأطباء إنه سيحتاج إلى جراحة. وقُتل والده بينما ترقد والدته في العناية المركزة.
وقالت عمته التي كانت تجلس بجانبه وكانت عيناها ثابتتين على الطفل إن لسانها يعجز عن التعبير عما يجيش بصدرها وأن الكيل قد فاض بهم.
وقال الطبيب داني قطار إن بضعة أشخاص ما زالوا في حالة حرجة، من بينهم طفل يبلغ من العمر 11 عاما "وصل وقد خرج مخه من دماغه".
وأضاف الطبيب: "إنه أسوأ سيناريو رأيته في حياتي... رأيت الدموع في عيون العاملين معي".