النهار

"وورلد سنترال كيتشن"... حين تقطع إسرائيل يد العون ​
أحمد الغمراوي
المصدر: النهار العربي
أثارت حادثة مقتل سبعة من موظفي منظمة "وورلد سنترال كيتشن" الخيرية في استهداف إسرائيلي جوي في غزة يوم الاثنين الماضي، ردود فعل عالمية ربما تفوق كل ما سبقها
"وورلد سنترال كيتشن"... حين تقطع إسرائيل يد العون  

​
إحدى السيارات التابعة لـ"وورلد سنترال كيتشن" التي استهدفتها إسرائيل
A+   A-

أثارت حادثة مقتل سبعة من موظفي منظمة "وورلد سنترال كيتشن" الخيرية في استهداف إسرائيلي جوي في غزة يوم الاثنين الماضي، ردود فعل عالمية ربما تفوق كل ما سبقها، ربما لأن الاستهداف لا يجد ما يبرره كما فعلت تل أبيب سابقا مع منظمات دولية على غرار "أونروا" بادعائها أنها تساعد مقاتلي حركة "حماس"، كما أن الجنسيات الأجنبية للقتلى  أدت إلى غضب واسع النطاق وضغوط شعبية كبرى على الحكومات الغربية.

 

لكن ما هي قصة "وورلد سنترال كيتشن"؟

بعد زلزال مدمر ضرب هايتي في صيف عام 2010، مخلفا أكثر من 200 ألف قتيل وشرد نحو مليوني شخص، قرر الطاهي الأميركي الإسباني الأصل خوسيه أندريس وزوجته باتريشيا تأسيس منظمة "وورلد سنترال كيتشن" (المطبخ المركزي العالمي) ومقرها واشنطن، بهدف تقديم مساعدات غذائية للمحتاجين والمتضررين من الأزمات حول العالم.

 

وخلال 14 عاما من العمل، قدمت المنظمة الخيرية ما يفوق ربع مليار وجبة غذائية مجانية للمحتاجين حول العالم في ظل الأزمات من أميركا الجنوبية إلى سوريا وتركيا وأوكرانيا والمغرب وغزة، دون النظر إلى أجندات سياسية، معتمدة حصرا على التبرعات والمساعدات المالية.

 
 

وجدير بالذكر أن المنظمة طوال سنوات عملها لم تتلق سوى الإشادات والدعم؛ حتى في مناطق الصراع، ولم توجه إليها أبدا أي اتهامات سياسية.

 

وبحسب أندريس، فقد نشأت المنظمة بفكرة بسيطة، يمكن تلخيصها في أنه "عندما يشكو الناس من الجوع، يجب إرسال الغذاء لهم... اليوم وليس غداً".

ويعد أندريس نفسه شخصية عصامية استقلالية، فقد اتجه إلى الولايات المتحدة وعمره نحو 20 عاما، فيما كان لا يحمل أكثر من 50 دولاراً. وبعد رحلة كفاح، صار من أشهر الطهاة في أميركا خلال نحو 30 عاما من العمل الشاق. وحصل على الميدالية الوطنية للعلوم الإنسانية من الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2015، كما اختارته مجلة "تايم" الشخص الأكثر تأثيرا من بين 100 شخص في كل من عامي 2012 و2018.

وخلال الرحلة الإنسانية، كثيرا ما تساءل أندريس حول كيفية أن يكون له دور ومساعدة العالم عبر المساعدات الغذائية، على غرار المنظمات الأممية وغير الربحية التي تقدم خدمات طبية وإنسانية وإعمارية.

 

وبرزت المنظمة الناشئة خلال أزمات متتالية، مستعينة بطهاة وموظفين متطوعين يتعلمون دائماً تقديم الوجبات المعتادة في المجتمعات التي يخدمون فيها، حيث لم يكن الهدف هو تقديم الغذاء فقط للمحتاجين؛ ولكن تقديم وجبات مستساغة ومحببة إلى نفوسهم. وقامت المنظمة بإنشاء العديد من مدارس الطهي في مناطق النزاع من أجل الوصول إلى هدفها.

 

وفي مهمتهما "القصيرة" في غزة، والتي لم تزد عن نحو 170 يوماً، قدمت "وورلد سنترال كيتشن" أكثر من 40 مليون وجبة، وفتحت أكثر من 60 مطبخاً في خان يونس ورفح وغيرها لتقديم نحو 170 ألف وجبة يوميا، وقامت بتشغيل نحو 400 فلسطيني في مطاعمها.

لكن المنظمة قررت تعليق أنشطتها عقب مقتل سبعة من موظفيها يوم الاثنين الماضي، ينتمون إلى استراليا وبولندا وكندا وبريطانيا، إضافة إلى متطوع مزدوج الجنسية أميركي فلسطيني.

 

 

ويوم الأربعاء، أكد أندريس، في مقابلة مع وكالة "رويترز"، أن الهجوم الإسرائيلي استهدف موظفي المنظمة "بشكل منهجي؛ عربة تلو الأخرى"، وذلك رغم أن المنظمة كانت على اتصال واضح مع الجيش الإسرائيلي الذي كان على علم تام بتحركات موظفيها.

 

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش الأميركية في بيان إن الضربة التي استهدفت عاملي الإغاثة "لها خصائص الغارة الجوية الدقيقة، ما يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي كان يقصد ضرب هذه المركبات. ويؤكد الهجوم الطابع الملح للتحقيق الذي تجريه المحكمة الجنائية الدولية في فلسطين".

 

 

ووصلت جثث ست من الضحايا إلى مصر الأربعاء في طريق إعادتها إلى بلدانها، فيما وصفت إسرائيل مقتلهم بأنه "خطأ جسيم". كما عادت قافلة بحرية محملة بالأغذية من غزة إلى قبرص بحمولتها يوم الأربعاء.

 

وتعددت الإدانات من زعماء الدول في بريطانيا وكندا وأستراليا وإسبانيا والأمم المتحدة، كما قال مسؤول أميركي يوم الأربعاء إن الرئيس جو بايدن سيتحدث هاتفيا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الخميس، لمناقشة الواقعة. بينما طالبت وزارة الخارجية الأميركية إسرائيل بأن تجري تحقيقا سريعا في الهجوم.

 

اقرأ في النهار Premium