خوفاً من السفر على الطرق الخطرة للوصول إلى مقابرهم في غزة، يدفن المسيحيون الفلسطينيون ذويهم في مقابر المسلمين في ظل الفوضى الناجمة عن الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس).
وقال إحسان الناطور، أحد العاملين في مقبرة تل السلطان حيث دفن رجل جثة بينما كان يشاهده طفل صغير، "شغال في هذه المقبرة لَي تقريباً 10 سنوات، لأول مرة في حياتي يمر عليّ إنه أي إنسان مسيحي يُدفن في قبور المسلمين، لولا ظروف الحرب هادي وجدت ما اضطرينا إننا ندفنه في هذه المقبرة".
وذكرت وزارة الصحّة في غزة أن أكثر من 33 ألف فلسطيني، معظمهم مدنيّون، قتلوا في القصف الإسرائيلي منذ اندلاع الحرب قبل ستة أشهر، وإن عائلات بأكملها لقت حتفها.
وتحوّل جزء كبير من القطاع الساحلي إلى ركام وأصبحت المباني عبارة عن أنقاض وتراب. ولا تستطيع المستشفيات التي تضرّرت بشدّة التعامل مع الضحايا، ويزيد الجوع والمجاعة المحتملة من بؤس السكان.
ولا يزيد السفر على الطرق المعرضة لاحتمال القصف إلا من معاناة الأشخاص الذين يحاولون دفن موتاهم. ولم تسمح إسرائيل بعد لسكّان شمال غزة، حيث تقع مقابر المسيحيين بالعودة إلى منازلهم.
وذكر الناطور أن مقبرة تل السلطان استقبلت جثمان الشاب المسيحي هاني سهيل أبو داود لأن سفر عائلته وسط الحصار يعرّضها لخطر كبير. ولم تتمكّن الأسرة من توديعه بالشكل الصحيح.
وأردف قائلاً "وضعناه عندنا في المقبرة، مقبرة تل السلطان، على أساس أن الظروف الأمنية لا تسمح بالذهاب ولا الإياب بسبب الحرب الموجودة عندنا في قطاع غزة... فإحنا حتى الآن مفرقناش بين هذا مسيحي أو هذا مسلم وهاي موجود بين قبور المسلمين مفيش عليه أي علامة إنه هذا رجل مسيحي".
والتعاون بين المسيحيين والمسلمين في غزة أمر معتاد.
وأضاف الناطور "فكونه مسيحي لازم أنا أحافظ عليه حتى لو كان غير مسيحي كمان، يعني لازم نحافظ على خلق الله في الأرض، آه ده إنسان، نحن نحترم الإنسان ونقدر الإنسانية ونحب كل إنسان موجود على الأرض، مش من طبعنا إحنا المسلمين إننا نكره الإنسانية".
واندلعت الحرب في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) عندما شن مقاتلو "حماس" هجوماً من غزة على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل 1200 شخص، وفقاً لبيانات إسرائيلية رسمية.
ومن المرجّح أن تستقبل المقبرة عدداً أكبر من الجثث مع ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين كل يوم.