حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام جلسة لمجلس الأمن اليوم الخميس، من أنّ الشرق الأوسط بات "على حافة الهاوية"، مشيراً إلى أن أي خطأ يمكن أن يؤدي إلى صراع إقليمي واسع النطاق، في حين اعتبر مندوب إسرائيل أنّ مجلس الأمن صار "ملجأ للإرهاب".
ونقلت الأمم المتحدة، عبر حسابها على منصة "إكس" عن غوتيريش قوله: "أي حالة سوء تقدير واحدة، أو سوء تواصل واحدة، أو خطأ واحد قد يؤدي إلى صراع إقليمي واسع النطاق لا يمكن تصوره وسيكون مدمراً لجميع المنخرطين فيه وبقية العالم".
وأضاف: "دعوني أكون واضحاً، المخاطر تتصاعد على الكثير من الجبهات... تجمعنا مسؤولية مشتركة لمعالجة هذه المخاطر وإعادة المنطقة من حافة الهاوية".
وتابع: "الأمر يبدأ بغزة. إنهاء الأعمال العدائية في غزة سينزع فتيل التوتر في أنحاء المنطقة بشكل كبير. أكرر دعواتي لوقف فوري لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن".
وأشار إلى أنه خلال الأسبوع الماضي منعت إسرائيل أكثر من 40% من طلبات الأمم المتحدة التي تطالب بعبور نقاط إسرائيلية.
وقال إنّ "وكالات العمل الإنساني، التي تقودها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هي العمود الفقري لعملياتنا، ويجب أن تكون قادرة على نقل الطعام والإمدادات الأخرى بأمان وعبر الطرق والمعابر الممكنة إلى قطاع غزة وفي جميع أنحائه".
وطالب غوتيريش بأن تُسهّل إسرائيل بشكل فعّال العملية الإنسانية والتواصل بشكل مباشر بين الطواقم الإنسانية وجيشها، قائلاً إنه يجب أن ينفّذ ذلك "بشكل فوري".
وأوضح أنّه يتعين توصيل المساعدات بدون قيود عبر ميناء أسدود لمنع مجاعة أصبحت على الأبواب في غزة.
من جهة أخرى، حذّر غوتيريش من أن هجمات الحوثيين المتواصلة على السفن التجارية تُعرقل التجارة العالمية وتزيد من المخاطر على سلاسل الإمدادات.
وأضاف أنّ على المجتمع الدولي منع التصعيد في البحر الأحمر لأنّه قد يزيد التوتر ويقوض السلام والأمن الدوليين.
"عضويّة كاملة"
أما ممثل السلطة الفلسطينية زياد أبو عمرو فأكد أنّ من حقّ فلسطين الحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة بقرار دولي لا عبر المفاوضات.
وقال أمام مجلس الأمن إنّ "من يعطّل قرار منحنا عضوية كاملة لا يساعد في تعزيز فرص السلام في منطقتنا".
وأضاف أبو عمرو أنّ "انشغالنا بطلب العضوية الكاملة لا ينسينا ما يجري في غزة من حرب شاملة"، مشيراً إلى أنّ "الجزء الأكبر من القطاع صار غير صالح للحياة".
وأردف أنّ "مسؤولية العدوان تقع أيضاً على عاتق الدول التي تسلح إسرائيل".
أميركا ضد الطلب الفلسطيني
إلى ذلك، قال مسؤول أميركي إن الولايات المتحدة ستصوت اليوم ضد الطلب الفلسطيني لنيل العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، مما يمنع الهيئة الدولية من الاعتراف الفعلي بدولة فلسطينية.
وذكر المسؤول: "يظل رأي الولايات المتحدة أن أسرع مسار صوب إقامة دولة للشعب الفلسطيني هو عبر المفاوضات المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بدعم من الولايات المتحدة وشركاء آخرين".
ومن المقرر أن يصوت مجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة عضوا على مشروع قرار يوصي الجمعية العامة للأمم المتحدة المكونة من 193 دولة "بمنح دولة فلسطين عضوية الأمم المتحدة".
ولموافقة المجلس على أي قرار، يلزم تأييد تسع دول على الأقل وعدم استخدام أي من الدول دائمة العضوية، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، حق النقض (الفيتو).
ويقول دبلوماسيون إن التحرك ربما يحظى بتأييد ما يصل إلى 13 عضوا بمجلس الأمن، وهو ما سيجبر الولايات المتحدة على استخدام الفيتو.
وقال المسؤول الأميركي: "لطالما أوضحنا أن التحركات السابقة لأوانها في نيويورك، وإن كانت انطلاقا من أفضل النوايا، لن تحقق دولة للشعب الفلسطيني".
ويحظى الفلسطينيون في الوقت الحالي بصفة دولة غير عضو لها وضع مراقب، وهو اعتراف واقعي بوجود دولة فلسطينية كانت قد أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2012. لكن طلب الحصول على عضوية كاملة في المنظمة الدولية بحاجة إلى موافقة مجلس الأمن ثم موافقة ما لا يقل عن ثلثي أعضاء الجمعية العامة.
وتأتي المحاولة الفلسطينية لنيل عضوية كاملة بالأمم المتحدة بعد ستة أشهر من اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" وفي ظل توسيع إسرائيل مستوطناتها في الضفة الغربية المحتلة.
"مكافأة للإرهابيين"
بدوره، هاجم مندوب إسرائيل بشدّة مجلس الأمن.
وقال إنّ "المجلس لم يدن حركة حماس ولا هجومها علينا ويستعد الآن للتصويت على عضوية كاملة لفلسطين".
واعتبر أنّ "لا مكافأة للإرهابيين أكبر من هذا الاجتماع الآن"، مضيفاً: "إذا اعتمد قرار منح العضوية الكاملة لفلسطين فسيكون هذا مجلس إرهاب لا مجلس أمن... وستتعقّد أي مفاوضات بشأن التسوية".
وأضاف أنّ "السلطة الفلسطينية لا حكم لها في غزة فكيف يصوّت المجلس اليوم على عضوية كاملة لها".
ورأي المندوب الإسرائيلي أنّ "وجود ممثل للنظام الإيراني بيننا هو أكبر دليل على أن الأمم المتحدة صارت ملجأ للإرهاب وفقدت مكانتها وصارت مزحة".
الاعتراف بالدولة الفلسطينية
من جهته، طالب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، المجتمع الدولي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية وقبولها عضوا كاملا في الأمم المتحدة، قائلا: "اقبلوا دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة. افعلوا ذلك نصرة للحق، انتصاراً للسلام، رفضاً للظلم، وصرخة في وجه الباطل".
وقال إنّ "خطر التصعيد وتوسع الحرب على غزة إقليمياً يتزايد مع كل لحظة يستمر فيها العدوان على غزة، ويتعمق فيها القهر، ويتكرس فيها الاحتلال في الضفة الغربية بما فيها القدس المحتلة، وتغيب فيها آفاق الحل السياسي أكثر... ظهرت بوادر هذا التصعيد جلية منذ أيام، حين ردت إيران على قصف إسرائيل لقنصليتها في دمشق".
وأضاف الصفدي أن "إيران قالت إنها لن تُصّعد أكثر... ويجب منع الحكومة الإسرائيلية من التصعيد أكثر أيضاً، ومن جر الغرب إلى حرب إقليمية، تدفع الانتباه بعيداً عن الكارثة في غزة، مع تزايد الضغط الدولي المطالب بإنهائها.
وشدد على أن "الأردن لن يسمح لأي كان، أن يجعل الأردن ساحة للصراع، حيث سيتم حماية الأمن الأردني وأمن الأردنيين، كما سيتصدى بكل قدراته وإمكاناته، لأي محاولة لخرق الأجواء الأردنية وتعريض أمن الأردنيين للخطر، سواء من قبل إسرائيل، أو من قبل إيران، أو من قبل أي كان".